أكرم حمدان- فارق التقديرات بلغ 137 ألف مليار... قانون العفو إنفجر بين الصمد ومعوض

  • شارك هذا الخبر
Thursday, May 21, 2020

أكرم حمدان

نداء الوطن

كانت منتظرة من الشرق فأتت من الغرب، هكذا يُمكن وصف ما جرى في مجلس النواب أمس، حيث تنوعت الإجتماعات وتوزعت النشاطات بين استكمال مناقشة خطة الحكومة الإقتصادية وبين إنجازالقوانين من قبل اللجان تمهيداً لرفعها إلى الهيئة العامة لمجلس النواب التي ستنعقد الأسبوع المقبل، وهو الأمر الذي أدى إلى وقوع إشكال بين النائبين جهاد الصمد وميشال معوض كاد أن يصل إلى التضارب بالأيدي لولا تدخل بعض النواب خلال جلسة اللجان المشتركة التي كانت تناقش قانون العفو العام.

وربما ما حصل في اجتماع اللجان المشتركة وما تزامن معه في اجتماع لجنة المال والموازنة لجهة استكمال مناقشة خطة الحكومة الاقتصادية، يصح فيه فعلاً توصيف عضو تكتل "الجمهورية القوية " النائب فادي سعد بأنها "عصفورية.. وما حدا فاهم على حدا شي سيما وأن كتلاً نيابية مشاركة في الحكومة تسقط الخطة المالية والإقتصادية للحكومة في المجلس النيابي".

وقد جاراه في الإستياء زميله في التكتل النائب زياد حواط الذي تساءل "من نناقش؟ وزير المال ليس هنا". ووصف أحد النواب أجواء جلسة لجنة المال بأنها شهدت المزيد من النظريات، متسائلاً عن "سبب عدم وجود الإتحاد العمالي العام بصفته يمثل الناس والمودعين؟ بينما الحاضرون جميعهم من لون واحد حتى لو كانوا مختلفين في التوصيف".

أما رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان فقد أبلغ "نداء الوطن" أنه لا يمكن الإستمرار بما هو موجود ولا يمكن التفاوض لا مع صندوق النقد الدولي ولا مع أي جهة أخرى وسط هذا التباين في الأرقام المقدرة للخسائر إذ أن الحكومة تقدر الخسائر بـ 241 ألف مليار بينما تقديرات جمعية المصارف هي بنحو 104 آلاف مليار".

وأكد كنعان أنه "تم تشكيل لجنة تقصي حقائق مهمتها التدقيق في الأرقام وهذه اللجنة التي تضم نواباً من مختلف الكتل في المجلس ستكون برئاسة كنعان وعضوية النواب علي حسن خليل، سمير الجسر، علي فياض، أدي أبي اللمع، فيصل الصايغ ونقولا نحاس ونواب آخرين، وستبدأ عملها في أقرب فرصة لكي تكون لدينا صورة واضحة حول الأرقام والخيارات، وستضم ممثلين عن مصرف لبنان وجمعية المصارف والهيئات الاقتصادية كذلك نواباً من كل الكتل. وبالتالي، مهمّة هذه اللجنة ستكون الذهاب الى حقائق الامور وصوغ تصوّر مشترك يُحصّن لبنان وموقفه التفاوضي أمام اي مموّل مُحتمل، أكان هذا المموّل دولياً او عربياً او محلياً. من خلال مبادرتنا في مجلس النواب، نسعى لتحقيق هذا الأمر، لأنه بمعزل عن اي مطلب دولي أو محلي، هو ضروري في اي عملية إعادة هيكلة للدين العام ولأي خطة اقتصادية او مالية ينبغي أن تتضمن بُعداً مالياً ونقدياً صحيحاً، كما بُعداً اقتصادياً واجتماعياً حقيقياً".

وكشف كنعان انه سيدعو اعتباراً من اليوم الى اجتماعات عمل متتالية للجنة لوضع الامور في نصابها، وذلك بعدما تلقى دعماً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ومن عدد من رؤساء الكتل.

وعلمت "نداء الوطن" أن جمعية المصارف اقترحت إنشاء صندوق لإطفاء الدين الحكومي بمساهمة تبلغ 40 مليار دولار من الأصول العامة، وانتقدت خطة الحكومة داعية إلى تعديلها وإعادة هيكلة الدين الحكومي.

كما قدمت مقاربة مختلفة تماماً عن رؤية الحكومة للأرقام المقدرة للخسائر ووزعت على اللجنة نماذج لثلاثة أمثلة عن الأخطاء التي وردت في احتساب الخسائر من وجهة نظر جمعية المصارف، معتبرة أن هناك ازدواجية في جمع ذات الخسائر أكثر من مرة ما يؤدي إلى تقييم خاطئ لأثرها على المصارف ومصرف لبنان.

وقال كنعان بعد اجتماع اللجنة: "ما فينا نكفي" بتباينات بمسألة يتوقف عليها مستقبل لبنان ونحن نمثل الشعب ونقوم بعمل جدّي ورقابة فعلية "ومش حكي بحكي"، فهناك تباينات كبيرة بتقدير الخسائر والأرقام والخيارات، بين المجموعة المالية التي كانت مشاركة في الجلسة من مصرف لبنان وجمعية مصارف وهيئات إقتصادية ومجلس إقتصادي إجتماعي، وبين الحكومة الممثلة بوزارتي المال والإقتصاد".

وتابع: "دور المجلس النيابي ليس الحلول محل الحكومة أو اتخاذ القرارات عنها، بل القيام بعمله الرقابي والجدّي، وهو ما قمنا به في لجنة المال والموازنة في العام 2010 من خلال التدقيق بالحسابات المالية من خلال 54 جلسة".

وطالب الحكومة "بإعطاء الأولوية للعمل الجاري في لجنة المال، فاللجان التي نشكّلها تعمل بجدّية، وليست "حكي بحكي"، وما تقوم به لجنة المال والموازنة هو رقابة فعلية وعمل جدّي، واللجنة لم تتلكأ يوماً عن القيام بواجباتها، وهي غير مسؤولة عن أي تسوية تقوم بها كتل خارج المجلس النيابي، وهي ليست مسؤولة عن قضاء لا يقوم بواجباته ويتخذ القرار".

إشتباك الصمد - معوض وقانون العفو

وإذا كان التباين في مناقشة خطة الحكومة قد اقتصر على الأرقام وفارق بلغ نحو 137 ألف مليار، فإن قانون العفو قد انفجر خلال جلسة اللجان النيابية المشتركة بين النائبين جهاد الصمد وميشال معوض، حيث حصل تلاسن بينهما كاد يتطور إلى تضارب بالأيدي لولا تدخل النواب بينهما، لا سيما نواب "حزب الله" و"حركة أمل" والنائب جميل السيد. وعلمت "نداء الوطن" أن الإشكال وقع على خلفية مناقشة البند السادس من المادة الأولى من قانون العفو العام والذي يشير إلى المادة الثانية من القانون 194/2011 والذي يشمل أو يستفيد منه الفارون الى إسرائيل.

وقال معوض لـ"نداء الوطن": "عملنا في اللجنة الفرعية لنصل الى قانون عفو يرفع الظلم عن شرائح لبنانية ظُلمت نتيجة ظروف سياسية او امنية او اقتصادية او اجتماعية او حتى قضائية، مع الحفاظ على مبدأ استثنائية العفو من جهة وعلى القانون والعدالة والسلم الاهلي، أي لا ننطلق من حالات الظلم لنعفو عن اشخاص لا يستحقون، في وقت تصارع الدولة للبقاء. اي ان لا يطال العفو من سرق المال العام او تجار المخدرات او من تلطخت ايديهم بدماء العسكريين، ووصلنا الى نص متقدّم وتم التوافق على معظم بنوده، باستثناء البند المتعلق بتخفيض العقوبات، وخرجنا من اللجنة الفرعية من دون الاتفاق عليه. وطبعاً نحن نعلم ان هذا البند لا يجوز لأنه عملياً يعفو جزئياً عن كل من نرفض ان يُعفى عنه. إذاً، العفو عن الفارين الى اسرائيل تم التوافق عليه في اللجنة بوجود ممثلين عن "امل" و"حزب الله"، وفوجئنا امس، ليس بتبديل الرأي فقط بل بمحاولة إحداث انقسام في المجلس على قاعدة: من مع العفو عن العميل ومن ضدّ العفو عن العميل، ما يشكل تزويراً لمنطلقات عمل اللجنة ومقاربة قانون العفو".

وتابع: "ما حدث في جلسة امس اعادنا الى مربعات التصنيف الطوائفي للجرائم، حتى في الجريمة صار هناك ابن ست وابن جارية، ومقاربة الملف من منطلق الصفقات بين الطوائف، هذه المقاربة لا تعنينا ولا يمكن القبول بها، واتواصل مع الكتل المتعددة لندرس موقفنا مجدداً من القانون باتجاه العودة الى رفضنا المبدئي اذا لم يتم على اسس تحترم ما اتفقنا عليه وتحترم المساواة والقانون وهيبة الدولة". في المقابل، إستغرب الصمد في حديث لـ"نداء الوطن" كيف يمكن ان تتحول مسألة العمالة إلى وجهة نظر خصوصاً أن العمالة ليس لها مذهب أو دين، وهؤلاء الناس خدموا في جيش الاحتلال حتى لو كان المطروح تخليهم عن الجنسية الإسرائيلية، فلا يجوز التفكير على قاعدة 6 و6 مكرر في هذا الملف".

وقالت مصادر نيابية شاركت في اللجنة الفرعية التي صاغت الإقتراح لـ"نداء الوطن" يبدو أنه تم التراجع عما أتفق عليه في اللجنة الفرعية وعندما حصل التوتر في الجلسة جرى الانسحاب. وعلمت "نداء الوطن" أن نواب "حزب الله" و"أمل" كانت لهم مداخلات مركزة حول رفض هذا الأمر بينما سُجل صمت نواب كتل أخرى التزمت بموقفها السابق.