الياس بجاني- ميشال عون: لا هو جبل ولا هو قديس

  • شارك هذا الخبر
Monday, December 2, 2019

ميشال عون رجل سياسي وحزبي، وفي موقع رسمي، وكثر من اللبنانيين يعارضونه ويرفضون خياراته وتحالفاته، وهو ليس قديساً ولا آلهة.
لم نفاجئ أمس بمسؤول مكتب الوزير جبران باسيل، السيد منصور فاضل وهو من على شاشة الجديد وباستكبار وفوقية يكرر وصفه لميشال عون بالجبل ويفاخر بتاريخ الرجل.
وفي نفس إطار الحالة الصنمية والواهمة هذه شاهدنا أمش على عدد لا بأس به من شاشات التلفزيونات مقطع فيديو لسيدة أربعينية متوترة وغاضبة وتهاجم “زعيقاً” وصراخاً وبتلويح اليدين وبهسترية كل من ينتقد ميشال عون ويطالب باستقالته، وقد وصل حد دفاعها الصنمي والغنمي للقول حرفياً “في السما الله وعلى يمينه ميشال عون وعلى يساره جبران باسيل، وعلى الأرض نحن “العونيين” ومنشان هيك لن يسقط ميشال عون”.
بداية ما قاله منصور، وما “زعقت” به السيدة، ليس هو شرود منطق، وسرطان ثقافة، وتزلم وعمى بصر وبصيرة، فقط زلم وأتباع وهوبرجية عون-باسيل، بل هي ثقافة صنمية مرّضية وبالية متجزرة في عقول وخطاب ومقاربات 99% من قطعان أصحاب شركات الأحزاب اللبنانية كافة.
وكنا في مقالتنا ليوم أمس ألقينا الضوء على المكونات الثلاثة الإبليسية لعدة شغل الحكام والطقم السياسي وأصحاب شركات الأحزاب وهي:
بنك، وشركات تعهدات، وقطعان من الأغنام البشرية.
وهنا لا فرق بين زعيم وآخر، وصاحب شركة حزب وقرينه في شركة حزب أخرى.
وكلن يعني كلن مع الفوارق في الحجم والميليشيا والرصيد والبيئة.
وكلنا يتذكر كم من غزوة جاهلية استهدفت مناطق معينة على خلفية ما اعتبره صاحب شركة حزب أو رئيس ميليشيا مذهبية شتيمة أو إهانة لصنميته أو لمعتقد مذهبي أو ديني.
بالعودة إلى ميشال عون فلا هو طوباوي، ولا هو قديس، ولا هو جبل، وتاريخه ما قبل 2006 هو من نقضه ودفنه.
ميشال عون سياسي ومسؤول رسمي وصاحب شركة حزب، وبالتالي من حق أي لبناني أن ينتقده ويعطي رأيه به وبممارساته وبمواقفه وبتحالفاته سلباً أو إيجاباً وليس في القانون ما يمنع ذلك.
ولأن لبنان اليوم في وضعية ثورة شعبية يُحمل الناس أسباب قيامها الحكم والحكام وفي مقدمهم الرئيس عون، فحتى الشتائم بالشخصي وإن كانت أفعال غير أخلاقية وممجوجة، إلا أنها متوقعة وليست أيضاً جريمة يعاقب عليها القانون.
والشتم في حالة الثورة، ومهما كان دركياً، ورغم عدم أخلاقيته، فهو عمل غير عنفي ونوع من التعبير اللفظي الفظ.
وإن كان لهذه الثورة أن تنجح فأهم ما يجب أن تقوم به بعد تحرير البلد من احتلال حزب الله واستعادة السيادة والاستقلال والقرار الحر، هو إعادة تنظيم الأحزاب طبقاً لقانون عصري ملزم وله آلية تنفيذية واضحة تمنع استنساخ زعامات وأصنام وأشباه آلهة.
قانون حزبي عصري جديد يحترم عقول وكرامات الناس، ويؤمن حرية تبادل المواقع والشفافية، ويلزم بعلانية مصادر التمويل داخل الأحزاب كما هو الحال في كل البلدان الغربية الديمقراطية.
ونعم، لقد قد حان الوقت لأن يتخلص لبنان وشعبه من ثقافة العقلية العثمانية البالية، والانتقال إلى حقبة الأحزاب العصرية بمفهومها الغربي، وليس الإبقاء على شركات الأحزاب التجارية والعائلية، والأحزاب الوكالات للقوى غير اللبنانية.
من المحزن أن أصحاب شركات أحزابنا المسيحية تحديداً، وهون كلن يعني كلن، وعلى خلفية الإسخريوتية وخور الرجاء وانعدام الرؤية والإيمان، يسعون بغباء لاستنساخ هيكلية وتنظيم ونموذج حزب الله بدلاً من أن يكونون هم نموذجاً يقتدي به الحزب اللاهي.
يبقى بأن ما قاله السيد منصور فاضل، وما قالته السيدة “زعيقاً” هو منطق صنمي معيب، وخلفيته عشق العبودية، والتزلم، وقلة الإيمان والجهل الإنجيلي إن لم نقل الكفر والتجديف، لأن لا ميشال عون ولا جبران باسيل هما السيد المسيح “عليه السلام” ليجلسا على يمين أو يسار الله، ولا عون هو جبل.
عون وباسيل بشر وفقط بشر، والبشر غرائزيون وخطاءون.. والسلطة والمال بغياب الإيمان، وعدم الخوف من يوم الحساب الأخير، يقودون بعض البشر إلى مسالك الأبواب الواسعة بمفهومها الإنجيلي التي تؤدي إلى نار جهنم وإلى حضن دودها.
ونقطة ع السطر.