خاص - "ميثاق شرف" يشعل بريح.. لحّود يخلّ بالاتّفاق ويهدّد العيش المشترك!

  • شارك هذا الخبر
Thursday, June 20, 2019

خاص - ياسمين بوذياب
الكلمة أونلاين

لم تكد بلدة بريح الشوفية تنفض غبار الحرب عنها، وتحتفل بانتخاب مجلس بلدي يعيد الحياة للبلدة وأبنائها ويشدّد على التعايش المسيحي - الدرزي، حتى عاد التوتر يسود اجواءها، وهذه المرّة بسبّب شخص يظنّ أن "الدني سايبة" وأنه قادر بعناده وتشبّثه بقراراته "الصبيانية" وغير الصائبة، أن يعطّل عمل بلدية بأكملها، ويعيد البلدة إلى الحضيض.

بريح، وكما هو معلوم، شهدت مصالحة درزية – مسيحية بعد حرب فتكت بها وجعلت أبناءها يتواجهون بالأسلحة ويتقاتلون دفاعًا عن حزب ووجود. وهذه المصالحة تكلّلت، منذ 3 سنوات، بانتخاب مجلس بلدي أنعش البلدة وأكّد على تعايش أبنائها. فقد عمل المجلس البلدي، المؤلف من 12 عضوا، بتضامن وتكافل أعضائه، من الدروز والمسيحيين، على مدى ثلاث سنوات بأفضل حال، وذلك بشهادة أبناء البلدة الذين لمسوا تغييرا جذريا وملحوظا في بريح، بعد أن كانت البلدة عبارة عن حطام ورواسب حرب أنهكتها ودمّرت كل ما فيها وعقّدت العلاقات بين ابنائها.

ولنعود في الذاكرة الى الوراء، فقد شهدت الانتخابات البلدية الأخيرة عام 2016 منافسة بين لائحتين في بريح، تحالف في احداها رئيس البلدية الحالي صبحي لحود والمحامي عيد حسون، الى جانب عدد من أبناء البلدة من الطائفتين الدرزية والمسيحية، وتم الاتفاق بين الأعضاء على أنه في حال فوز لائحتهم، يتم تقاسم سنوات الرئاسة بين كل من لحود وحسون، على أن يتولى أحدهما السنوات الثلاثة الأولى ومن ثم يستقيل، ليستلم الآخر مكانه على مدار 3 سنوات قادمة قبل موعد الاستحقاق البلدي في لبنان عام 2022.

ورغم أن الوفاء بالوعود والالتزام بالعهود من شيم ابناء الجبل والشوف تحديدا، إلا أن أعضاء هذه اللائحة ارتأوا أن يتم التوقيع خطيا على هذا الاتفاق الذي حمل اسم "ميثاق شرف"، كما تم تسجيل الميثاق رسميا لدى كاتب العدل، برضى الطرفين وباتفاق بينهما على "المداورة" في رئاسة البلدية. هذا الميثاق كان "نعمة" على أعضاء في البلدية يحترمون أنفسهم ويلتزمون بوعود قطعوها، في حين كان "نقمة" على آخرين أثبتوا أنه مهما دار الزمان تبقى "طينتهم" كما هي ويستمرون في نكث الوعود وعدم الالتزام بالاعراف والقوانين والمواثيق.

رئيس البلدية الحالي صبحي لحود يرفض التنحّي عن منصبه أو الاستقالة وإعطاء الدور لغيره. لا سبب جوهري وراء هذا القرار المفاجىء، لكن الأموال والمساعدات المالية التي تلقتها البلدية منذ ثلاث سنوات حتى اليوم والتي لم يُعرف كيف تم انفاقها، كفيلة بإعطاء الجواب اليقين...

المحامي عيد حسون، وهو المرشّح لتسلّم رئاسة البلدية بعد استقالة لحود، يؤكد في حديث لموقع "الكلمة أونلاين" ان المطلوب اليوم من الرئيس الحالي الالتزام بالاتفاق لا غير، لافتا الى ان لحود قد "انعزل مسيحيا" في جلسة الثقة التي عقدها مؤخرا، والتي قاطعها الأعضاء المسيحيين وعضو من الطائفة الدرزية ينتمي الى الحزب الديمقراطي اللبناني، ليحصل على ثقة 5 أعضاء فقط من الطائفة الدرزية، وهو أمر لا يجوز ويعتبر اخلالا بالمواثيق والأعراف، حيث لا يمكن لرئيس بلدية في بلدة مختلطة الاستمرار بلون واحد في المجلس البلدي.

ويضيف حسون: "إذا استمر لحود على إصراره العقيم فالأمور ستتجه نحو نصاب معطل، وسنقاطع جميع جلسات البلدية"، مشددا على أنه اذا لم يتم الالتزام بـ"ميثاق الشرف" فالبلدية لن تحصل على مساعدات ولا تسهيلات ما سيسبب تدهور أوضاعها، وهذا ما يرفضه الاعضاء وأبناء البلدة، كما يصرّون على الضغط لتنفيذ الاتفاق.

وكون البلدية تضم الى جانب المستقلين، عدد من الأعضاء المنتمين الى الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية، فقد شهد هذا الملف تدخلات سياسية من قبل رئيس الحزب الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط وعضو حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان اللذين شددا على ضرورة تنفيذ الاتفاق، ولكن "لا حياة لمن تنادي".

وفي السياق، مصدر مطلع على هذا الملف أكد أن جنبلاط سجّل استياءه مما يحصل في بريح، وهذا الاستياء تُرجم برفضه استقبال وفدا من بلدية بريح مؤخراً في المختارة. فهذا التصرف ليس بجديد على جنبلاط، خصوصا أنه يعتبر بريح بلدة "متحجّرة مثل عقول بعض أبنائها" على حدّ قوله في احدى المجالس الخاصة، كما أنه بعد توصياته بتنفيذ الاتفاق وعدم تجاوب بعض دروز بريح معه، قد شعر أنه فقد قدرته بالسيطرة على بعض الحزبيين أو فرض "وهرته" على بعض أبناء الجبل، ولا شك أنها صفعة لمن يعتبر نفسه زعيما للجبل وقادرا على التحكم بأمور القرى وقرارات بلدياتها.

وحرصًا منا على سرد وجهة نظر الطرفين في هذه القضية، حاول موقعنا التواصل مرارا مع رئيس البلدية الحالي صبحي لحود للوقوف عند رأيه في هذا الموضوع، ومحاولة معرفة السبب وراء تشبّثه بقراره، علّنا نكون مخطئين أو أسأنا الظن لا قدّر الله، إلا أن لحود تهرّب من الإجابة على اتصالاتنا، كما لو أنه يعرف أن ما يفعله غير صائب إنما مسألة "عناد" لا أكثر، فالتزم الصمت.

إذا، الوضع في البلدية وصل الى طريق مسدود، الرئيس الحالي لا يريد الالتزام بوعد قطعه وباتفاق موقّع من قبله، في حين سائر الاعضاء يشددون على ضرورة تنفيذ "ميثاق الشرف" والالتزام بالآلية الميثاقية. لذا المطلوب ممّن يشدد على أنه "ليس بحاجة الى شهادة شرف من احد" ان يلتزم بتلك الشهادة وينفّذ ما ورد فيها لتبقى بريح عنوانا للتعايش والتضامن بين أبنائها بكافة طوائفهم وانتماءاتهم.

ياسمين بوذياب
الكلمة اونلاين