عديد نصار- جبران باسيل.. مكيافيلية طائفية

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, June 11, 2019

لم يعد خافيا تبني جبران باسيل وزير خارجية لبنان ورئيس التيار الوطني الحر لمكيافيلية موغلة في الانحطاط، تنحدر بخطابه من خطاب طائفي فج إلى عنصرية شوفينية مقيتة.

يحاول باسيل الذهاب بعيدا باتجاه الاستفادة القصوى من تحالفه مع حزب الله الذي ونتيجة لحاجته الضاغطة إلى تأمين غطاء مسيحي لسياساته المنفلتة التي يمليها عليه نظام الملالي في طهران، لا يجد بدا من التعاون حينا وغض الطرف أحيانا عن الخطاب الفج المنحدر من الخطاب الطائفي إلى الخطاب العنصري الذي يتبناه باسيل وتياره السياسي. كما يعمل على استنفاد كل ما أمكن من التسوية الرئاسية التي فرضت على رئيس الحكومة سعد الحريري، هذه التسوية التي فرضها حزب الله بمنعه انتخاب رئيس للجمهورية سوى مرشحه العماد ميشال عون مؤسس التيار الوطني الحر الذي يتزعمه اليوم صهره جبران باسيل.

فبعد تبنيه لمقولة الإحباط المسيحي وتسلحه بالذود عن مصلحة المسيحيين “المحبطين” نتيجة قوانين انتخابات اعتبرت أنها تهضم حقهم في انتخاب من يمثلهم إلى البرلمان، والذي مكنه من فرض قانون الانتخابات الذي يريد، ليكون له مقعد نيابي في البترون التي سبق وأن أخفق في تمثيلها على دورتي 2005 و2009، فكان له ما أراد بناء على التسوية الرئاسية، ها هو يشهر حربه العنصرية “اللبنانية” في وجه اللاجئين السوريين والفلسطينيين، باعتباره ممثلا للـ”جينات” اللبنانية المتفوقة، ومكرسا لنظرية العنصر اللبناني الفريد.

ويبدو أن ضراوة خطابه الطائفي التي مكنته من تزعم أكبر كتلة برلمانية مسيحية من جهة، وأكبر كتلة وزارية من جهة ثانية، جعلته يستسهل الذهاب بعيدا متكئا على تحالفه مع حزب الله وعلى استعجال قطف ثمار التسوية الرئاسية للتأسيس لما هو أبعد: انتزاع مزيد من الصلاحيات لموقع رئاسة الجمهورية، ومن ثم استيلاؤه على المنصب. وقد وجد في اللاجئين السوريين ضالته كونهم الحلقة الأضعف على الساحة اللبنانية التي تحتشد فيها التناقضات المختلفة. فاللاجئون لن يعودوا إلى سوريا في ظل استمرار بشار الأسد في السلطة، ولن يتمكنوا من مغادرة لبنان بأعدادهم الضخمة إلى أوروبا مثلا بسبب تنامي حالة الرفض هناك على مستوى القوى اليمينية المتنامية، وهم بذلك باتوا بين فكي كماشة يفتقدون إلى أية تغطية سياسية لا سورية (بما في ذلك المعارضة التي تتجاهل معاناتهم) ولا عربية ولا دولية تقيهم مزيدا من التنكيل.

وعليه بات من اليسير على باسيل وتياره السياسي شن حملاتهما العنصرية على اللاجئين السوريين، وشن الحملات التحريضية عليهم وكيل الاتهامات بحقهم كمتخلفين وإلصاق كل الموبقات بهم بما في ذلك الإرهاب، وتحميلهم وزر كل المشاكل التي يعاني منها اللبنانيون وتصويرهم على أنهم شر مطلق وتهديد داهم وخطير للكيان اللبناني وللاجتماع اللبناني الفريد.

هذا الخطاب العنصري توجه جبران باسيل بتغريدة تعبر عن عنصرية فجة حين قال “لقد كرسنا مفهوما لانتمائنا اللبناني، هو فوق أي انتماء آخر، وقلنا إنه جيني، وهو التفسير الوحيد لتشابهنا وتمايزنا معًا. لتحملنا وتأقلمنا معا. لمرونتنا وصلابتنا معا. ولقدرتنا على الدمج والاندماج معا من جهة، وعلى رفض النزوح واللجوء معا من جهة أخرى”.

صحيح أن هذا الخطاب العنصري وجد من يواجهه ويدينه ومن يسخر منه ويتندر عليه، لكن من المؤكد أنه شجع المعتدين الذين هاجموا مخيما للاجئين السوريين ونكلوا بهم واقتلعوهم من خيمهم وأحرقوها، بعد إشكال قد يكون مفتعلا بين مجموعة من الدفاع المدني من نفس القرية وبين اللاجئين في المخيم الذي يقع بجوار دير الأحمر والذي تديره جمعية كاريتاس.

يتوقع باسيل من مكيافيليته أن تكون سلما له لبلوغ منصب رئاسة البلاد، متمتعا بصلاحيات لم يتمتع بها رئيس من قبله، وهو الذي يرى في جيناته ما لم يره إنسان قبله، يعميه طغيانه عن رؤية الواقع الذي أوصله إلى هذا التيه، الواقع الذي قد يلقي به إلى هاوية يستحقها، والمتمثل بتحالفه مع حزب الله الذي لم ولن يرضى برئيس للجمهورية يصعب تركيعه.