3 فرضيات لاعتداء طرابلس.. وما قصة الموقوف الذي عَلِم بحصول مبسوط على السلاح؟

  • شارك هذا الخبر
Sunday, June 9, 2019

يواصل فرع التحقيقات في مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، وبناء على إشارة من القضاء العسكري، تحقيقاته مع الموقوفين لديه رهن التحقيق لتبيان دوافع عبد الرحمن مبسوط لتنفيذ عمليته الإرهابية في طرابلس عشية حلول عيد الفطر، التي ذهب ضحيتها 4 جنود من الجيش وقوى الأمن الداخلي.

وعلمت "الشرق الأوسط" أن التحقيق يشمل موقوفاً لدى شعبة "المعلومات" في قوى الأمن الداخلي تردد أنه كان على علم بحصول مبسوط على السلاح الذي استخدمه لتنفيذ جريمته الإرهابية.

وتركز التحقيقات على جمع المعلومات، والتدقيق فيها، وتوثيقها، في محاولة يمكن أن تؤدي إلى التأكد مما إذا كانت هناك جهة محرضة أو مشغلة للإرهابي مبسوط، خصوصاً أن من بين الموقوفين رهن التحقيق من كانوا على علم بابتياعه الأسلحة التي استخدمها في ارتكاب جريمته، وصولاً إلى تبيان ما إذا كان من بين الموقوفين من هو على دراية بوجود نية للقيام بعمل إرهابي يستهدف القوى الأمنية.

وحول ما كان قد تردّد، من أن مبسوط أُوقف في آذار الماضي وأُخلي سبيله، رغم أنه هدّد لدى توقيفه بالثأر من الجيش وقوى الأمن، أكدت مصادر أمنية رفيعة للصحيفة أن ما تناقله البعض في هذا الخصوص ليس دقيقاً، وأن هناك مبالغة في نسب مثل هذه الأقوال إلى مبسوط.

وقالت إن مبسوط بعد خروجه من السجن، سعى للبحث عن وظيفة، وقصد مرفأ طرابلس لعله يعمل حمالاً، لكن دائرة الأمن العام فيه أوقفته بناء على وجود مذكرة تنص على مراقبته والتقصي عنه.

ولفتت المصادر نفسها إلى أن الأمن العام في المرفأ سلمه إلى الشرطة العسكرية التي استجوبته، وتواصلت مع النيابة العامة العسكرية التي طلبت الإفراج عنه، وقالت إنه لدى التحقيق معه كرّر أقواله، بدءاً من توجّهه إلى سوريا للقتال إلى جانب المجموعات الإرهابية، وصولاً إلى توقيفه في تركيا، وإبعاده إلى بيروت.

واستغربت المصادر ما أُشيع عن أنه تم الإفراج عنه، رغم أنه هدد لدى توقيفه في مرفأ طرابلس بالثأر من الجيش وقوى الأمن، وقالت إن مبسوط باع أثاث منزله وهو يستعد للقيام بجريمته الإرهابية، وإن التحقيقات جارية للتأكد مما إذا كان قد صَرَفَ هذا المال لشراء الأسلحة التي استخدمها في جريمته، أم أن هناك جهة مشغلة تولت تأمين كل التسهيلات اللوجيستية له.

وأكدت المصادر أن التحقيقات تركز حالياً حول ما تردد من أنه استخدم دراجة نارية غير دراجته في أثناء تنفيذ جريمته على مراحل، بذريعة أن المسافة التي قطعها من مكان إلى آخر لا يستطيع أن يقطعها مشياً على الأقدام. وقالت إن الجهود قائمة لجمع كل ما لدى الموقوفين من معلومات شخصية تتعلق به، إضافة إلى زوجته ووالده وشقيقيه.
واستبعدت المصادر أن يكون قد شارك في المعارك التي دارت بين جبل محسن وباب التبانة في طرابلس، أو توجّه إلى بلدة عرسال البقاعية للقتال إلى جانب المجموعات الإرهابية المتشددة، قبل أن يصار إلى تحرير جرودها.

كما أن التحقيقات لم تأخذ بما كان قد قاله الوزير الياس بوصعب فور وقوع الجريمة الإرهابية، خصوصاً لجهة أنه سيطلب إجراء تحقيق للتأكد مما إذا كانت هناك جهة تدخلت لخفض العقوبة التي حُكم بها مبسوط، وسعت للإفراج عنه.

وعزت مصادر أمنية وسياسية السبب إلى أن موقف بوصعب لم يلقَ ارتياحاً لدى القضاء العسكري، ولا لدى بعض القيادات السياسية التي تعاملت معه وكأنه أراد أن يغمز من قناة جهاز أمني معين، في إشارة إلى شعبة "المعلومات"، وإلا لما ترتّب على مطالبته هذه فتح سجال مع قيادات في تيار المستقبل، إضافة إلى الموقف اللافت الذي صدر عن وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن، وكان بمثابة رد قاطع توضيحاً للحقيقة، خصوصاً أنه لا علاقة لـ"المعلومات" بتحديد مدة العقوبة التي حُكم بها مبسوط.

كما أن الاجتماع الأمني - السياسي الذي ترأسه رئيس الجمهورية ميشال عون في اليوم التالي من وقوع الجريمة لم يأخذ ب"نصيحة" بوصعب الذي عاد، بحسب ما توافر لـ"الشرق الأوسط" من معلومات، وأجرى اتصالات سعى من خلالها إلى توضيح موقفه في اتجاه سحب اقتراحه من التداول وكأنه لم يكن. وشملت اتصالات بوصعب كثيراً ممن انزعجوا من اقتراحه، وتعاملوا معه وكأنه يشكك بالأحكام الصادرة عن القضاء العسكري، أو يحاول الغمز من قناة شعبة المعلومات، حتى أنه تردّد أن رئيس المحكمة العسكرية العميد حسين عبد الله لم يكن مرتاحاً لموقف وزير الدفاع، وأنه أسرّ بانزعاجه إلى قائد الجيش العماد جوزف عون الذي نجح منذ اللحظة الأولى في تصويب الموقف في اتجاه دعوته إلى التنسيق لمواجهة الإرهاب والتصدي له.

لذلك لم يكن من مجال - كما تقول مصادر وزارية - أمام القوى الأمنية سوى التنبُّه، ورفع مستوى الجاهزية والتنسيق، تحسباً لما إذا كانت هذه العملية الإرهابية بمثابة مؤشر على استيقاظ الخلايا الإرهابية النائمة بناء لأمر عمليات من "داعش"، مع أنه ثبت أن طرابلس ليست حاضنة للإرهاب، وتدعم مشروع الدولة، وكانت أول من تصدى للمجموعات المتشددة.

وعليه، فإن التحقيقات في ملف العملية الإرهابية تدور حول 3 فرضيات: الأولى أن تكون لدى مبسوط اضطرابات نفسية دفعته لما أقدم عليه، والثانية وجود أكثر من شخص نفذ العملية، والثالثة تأتي في سياق فرضية "الذئب المنفرد"، الأكثر ترجيحاً حتى الساعة، إلا إذا توصلت التحقيقات إلى تبيان فرضيات أخرى، مع الإشارة إلى أن مبسوط كان قد بدأ يتعاطى المخدرات قبل بلوغه سن الرشد، وأوقف مراراً بسبب إيذاء أشخاص والتعرض لهم من دون أي مبرر.

محمد شقير
الشرق الاوسط