خاص ــ الأديان السماوية حللت "الطلاق"... فإلى متى سيبقى المجتمع "الذكوري" محرّما إيّاه؟

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, May 21, 2019

خاص - عبير بركات

تعاني المرأة العربية ضمن المنظومة الاجتماعية التقليدية الكثير من الظلم والاضطهاد وكثيراً ما توجّه إليها التهم بأنها إمرأة غير سوية سلوكياً في حال رفعت الصوت وقررت التمرد على واقعها واختيار الحياة التي ترغب بها.

ولاشكّ أن أكثر القرارات التي تصنف المرأة ضمن لائحة المشبوهات هو قرار الطلاق، فَـعلى الرغم من أن جميع الأديان السماوية حللت الطلاق في حال وجدت الأسباب التي تستدعي حصوله، وعلى الرغم من أن الطلاق يحصل بعد الاتفاق بين الرجل و المرأة عندما تستحيل الحياة بينهما، نجد أن المرأة هي الطرف الذي يقع عليه الكثير من اللوم والعتب ونظرات الاتهام وخاصة إذا كان القرار صادرًا عنها، ففي هذه الحالة تصبح المرأة غير شريفة، انطلاقًا من التربية المجتمعية "الذكورية" التي تصر على أن المرأة الشريفة يجب أن تتحمل وتحافظ على بيتها لأن في ذلك حفاظاً على نفسها كما لو أن الزواج هو ستر للمرأة و بدونه سَـتتعرى، في حين أن هذا المجتمع نفسه إذا اتخذ فيه الرجل قرار الطلاق فإنه يعطيه كافة المبررات لإنه رجل و"الرجل حسب المثل الشعبي لا يعيبه شيء"!

أمام هذا الواقع غير العادل الذي ينظر إلى "المرأة المطلقة" نظرة فيها الكثير من التجريم قد يكون أشد قسوة من ظلم الحياة الزوجية التي هربت منها، فالمرأة التي تطلب الطلاق بسبب تعنيفها الجسدي أو حرمانها من عملها.... تجد بعد الطلاق تعنيفًا نفسيًا أشد وطأة وأكثر تدميرًا للروح، لذلك تجد اليوم الكثير من النساء المعنفات يفضلن البقاء تحت سطوة رجل ظالم على أن يعشن وسط مجتمع يفرض عليهن أقسى العقوبات.

لكن يبقى أكثر أشكال الظلم الاجتماعي قسوة تجاه المطلقة هو عندما يدق قلبها مجددًّا للرجل الذي لطالما حلمت به ليكون شريكها فتتحول فرحتها إلى غصة كبيرة عندما يتم رفضها من قبل العائلة، فكم من قصة حب انتهت بالفشل لإن بطلتها مطلقة...

ضغوط نفسية كثيرة تتعرض لها "السيدات المطلقات" وتشعر الكثيرات منهن بأنهن لا يستحقن الحياة كما وقد تدفع البعض منهن إلى القبول بأي شيء لإشباع رغباتهن مما يعرضهن للاستغلال، وهنا بالتأكيد المجتمع كله يلقي اللوم على ضعف المرأة بدلًا من أن يلوم نفسه ويلوم من يستغل هذا الضعف تحقيقًا لرغبات.

في الحقيقة واقع المرأة المُطلقة واقع مؤلم حقًا وهو جزء لا يتجزأ من واقع المرأة العربية بشكل عام التي لا تزال تناضل حتى هذه اللحظة للحصول على أبسط حقوقها في ظل مجتمع يعتبرها غير مؤهلة للحصول عليها.

وأخيراً إذا كان العالم اليوم يحارب من أجل احترام إنسانيته والحصول على حقه بالعيش بِـكرامة وسط بشاعة هذا الزمن، عليه قبل ذلك أن يتعامل هو بِـإنسانية أكثر مع كائنات أبسط ما تحتاجه هو الدعم النفسي وإعادة التأهيل لتتمكن من بناء حياتها مجددًا في ظروف إنسانية سليمة فليس هناك من أمة حرة ونساؤها مضطهدات لمجرد أنهن طالبن بالحياة الكريمة.

Abir Obeid Barakat