قصة قبول «حماس» بالصفقة!- بقلم عماد مرمل

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, May 8, 2024

بينما كان جيش الاحتلال الإسرائيلي يستعد لرفع وتيرة التصعيد العسكري ضدّ رفح.. خرج اسماعيل هنية ليعلن عن موافقة حركة «حماس» على آخر مقترح قطري - مصري عُرض عليها. فما هي دوافع هذا القرار ومفاعيله؟ وأي وظيفة للعملية الهجومية التي باشرها الاحتلال على الرغم من إيجابية الطرف الفلسطيني؟



الأكيد انّ الموقف الحمساوي «المباغت» خلط الأوراق السياسية وقلب الطاولة على رأس بنيامين نتنياهو الذي كان يتهيأ لاجتياح رفح متسلحاً بذريعة انّ «حماس» هي التي تعرقل المفاوضات وتمنع إبرام صفقة الحل، ولا بدّ من زيادة الضغط عليها لتحرير الأسرى المحتجزين لديها وتحقيق أهداف الحرب، فأتى قرار «حماس» ليسحب منه الذريعة وينزع اي غطاء عن الهجوم على رفح.






ربما تكون موافقة «حماس» على صفقة التبادل ووقف إطلاق النار قد انطوت على بعض التنازلات التكتيكية، ولكن الواضح انّ مردودها العام اكبر من أي ثمن جانبي ربما يكون قد دُفع. وبهذا المعنى، فإنّ قرار الحركة الايجابي بدا في توقيته ومفاعيله «ضربة معلم»، للأسباب الآتية:



- سمح لـ«حماس» بأن تربح جولة مفصلية في المعركتين السياسية والدعائية، وهذا ما عكسته ردود الفعل الإقليمية والدولية المرحّبة بما صدر عنها.


- حرّر الحركة من الضغوط الدبلوماسية التي كانت تتعرّض لها، خصوصاً بعد الضخ الإسرائيلي - الأميركي الممنهج خلال الأيام الأخيرة في اتجاه تحميلها مسؤولية عرقلة المفاوضات، وما يمكن أن يرتبه ذلك من تداعيات، وهكذا تحوّل مجرى الضغوط من ساحتها في اتجاه ساحة الاحتلال.



- كَشَف مناورات نتنياهو الذي لطالما تعمّد تحوير الحقائق المتصلة بمسار المفاوضات لتبرير استمرار حربه، وبالتالي فهو بات الآن محشوراً ومحرجاً أمام الوسطاء وكذلك أمام عائلات الأسرى الأسرائيليين الذين سيزيدون ضغطهم عليه بعد موقف «حماس».

- ساهم في مزيد من العزلة الدولية لنتنياهو الذي يكاد يخسر حتى الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يستعجل الاتفاق تحت وطأة حسابات الانتخابات الرئاسية والاحتجاجات الطالبية في الجامعات الأميركية.

- وضع واشنطن على المحك بعدما باتت مُطالبة بإثبات صدقيتها ودفع تل أبيب الى التجاوب مع المقترح المطروح لإنهاء الحرب، لاسيما انّ المعلومات تفيد انّ مدير الـ «سي آي إي» وليم بيرنز واكب خلال وجوده في الدوحة المرحلة الأخيرة من المفاوضات، وأعطى موافقة أولية على الصيغة التي قبلت بها «حماس».



ويروي مصدر قيادي في «حماس» لـ«الجمهورية» بعضاً من الوقائع التي مهّدت لصدور قرار التجاوب مع النسخة الأخيرة من مشروع الصفقة، موضحاً انّه كانت قد «طُرحت علينا في القاهرة «التهدئة المستدامة» فطلبنا تفسيراً واضحاً لها لكننا لم نحصل عليه، ما دفع وفدنا المفاوض الى المغادرة نحو الدوحة لأنّ مسألة إنهاء العدوان هي أساسية بالنسبة الينا، الّا انّه تمّ التواصل معنا مجدداً قي قطر، حيث قيل لنا انّ المعنى المقصود لـ«الهدنة المستدامة» هو وقف العمليات العسكرية والعدائية من الجانبين بشكل دائم، فوافقنا على هذا التفسير وطلبنا إيراده مكتوباً في نص الاتفاق وهكذا حصل».




ويعتبر المصدر انّ «الحركة أبدت مرونة في بعض الأمور الإجرائية لتسهيل الوصول إلى اتفاق، لكن جوهره يلبّي مطالبنا الأساسية المتعلقة بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة وعودة النازحين بلا قيود وتبادل الأسرى ورفع الحصار».



ويشير المصدر إلى انّ التنازل الذي قدّمته «حماس» يتصل تحديداً بآلية تطبيق الاتفاق، «إذ بات انسحاب جيش العدو الاسرائيلي والوقف الدائم لإطلاق النار مرتبطين بالمرحلة الثانية بدلاً من الأولى».




ويعتبر المصدر انّ «نتنياهو أصبح كبالع الموس، فهو اذا وافق على المقترح المطروح يكون قد هُزم، وإذا رفضه وهاجم رفح سيصاب بالفشل مجدداً في الميدان إضافة إلى الكلفة السياسية التي سيدفعها».



ويؤكّد المصدر انّ «اجتياح رفح لن يكون نزهة»، كاشفاً انّ «المدينة استفادت من خبرات وتجارب المعارك الأخرى في غزة، وهناك آلاف المقاتلين الذين يتجمعون فيها وهم في جهوزية تامة للقتال».




ويشدّد المصدر على أنّ «بايدن معني الآن بإيجاد تخريجة لنتنياهو وبإنزاله عن الشجرة، لحسابات اتتخابية».



ويضع المصدر «إصرار نتنياهو على مهاجمة رفح في خانة محاولة الايحاء بأنّ الضربة الأخيرة كانت له قبل أن يرضخ في نهاية المطاف لاتفاق التبادل ووقف الحرب».