الإنتاج السوري يغزو الأسواق

  • شارك هذا الخبر
Friday, January 28, 2022

أسباب كثيرة حالت دون تمكّن غالبية المزارعين من الزرع هذا العام، ما يفسّر تراجع الإنتاج الزراعي. أما إذا أضفنا الى هذه الاسباب موجة الصقيع التي تضرب لبنان منذ الاسبوع الماضي، والتي اتت على المحاصيل المزروعة على الساحل، فهذا يعني انّ الأمن الغذائي مهدّد. فهل من يتحرّك او يكترث؟

كغيرها من السلع الغذائية، أسعار الخضار والفاكهة نار. فقد ادّى ارتفاع اسعار المحروقات والنقل وارتباط اسعار البذور والأسمدة والمستلزمات الزراعية بالدولار، ومنع التصدير الى السعودية، الى تعثر القطاع الزراعي، فكانت النتيجة تراجع حجم المحاصيل وكساد أخرى وارتفاع ملحوظ في الاسعار. الأزمة كانت متوقّعة، وكان يمكن تفاديها لو انّ إدارة الملف الزراعي لم تدخل في زواريب المحاصصة والفساد، ووصل الدعم يوم كان متوفراً الى أصحابه باعتماد آلية شفافة في التوزيع.

ووسط العاصفة التي تضرب لبنان وموجة الصقيع، يكشف رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك، انّ الجليد المتواصل منذ اسبوع والمستمر، قضى على الكثير من المشاريع الزراعية، لا سيما منها الساحلية التي كانت تغذي السوق اللبناني في مثل هذه الفترة من السنة، مثل سهول عكار والمرتفعات. وأوضح انّه في مثل هذه الفترة من العام يتمّ الاعتماد على منتجات المناطق التي لا يزيد ارتفاعها عن 500 متر عن البحر، لكن الصقيع قضى على القسم الأكبر من المحاصيل، حتى يمكن القول انّها في بعض المناطق أُبيدت بالكامل فتضرّرت، خصوصاً أصناف الباذنجان، الخيار، الكوسى، البندورة، واللوبية. لذا يلاحظ المستهلك انّ اسعار بعض هذه الأصناف خيالية، فسعر كيلو الكوسى بيع في سوق الجملة بـ 26 الفاً، وقد ارتفع الى 30 الفاً في المحلات، كذلك سعر الخيار الذي وصل ثمن الكيلو منه في سوق الجملة الى 17 الفاً وبيع بـ 20 الفاً في السوق.

وقال رداً على سؤال لـ«الجمهورية»، انّه كان من المتوقع ان يتراجع الانتاج الزراعي هذا العام الى النصف، بعدما لم يتمكّن العدد الأكبر من المزارعين من زرع المواسم بسبب أزمتي الدولار والمازوت. وقد أتت موجة الصقيع لتقضي على نصف الإنتاج، ليكون عندنا في المحصلة 30% فقط من الانتاج الزراعي السنوي الذي كان ينتجه لبنان في السنوات الماضية.

ورغم الارتفاع الكبير في اسعار الفاكهة والخضار حالياً، يؤكّد الحويك انّه كان من المتوقع ان تزيد عن ذلك لولا الاستيراد الحاصل من سوريا، فالبندورة اللبنانية ما كانت لتباع بأقل من 40 الفاً في سوق الجملة، لأنّ الانتاج اللبناني المتوفر بالكاد يغطي 10 في المئة من حاجة السوق المحلي. وقد ساهم توفّر البندورة السورية بتأمين حاجة السوق وخفض الاسعار، لافتاً الى انّ البندورة اللبنانية تتميز عن السورية بكونها لا تُرش بالهرمونات التي تعطيها اللون الاحمر على عكس السورية، فهي خضراء تميل الى الاحمرار.


أما بالنسبة الى الخيار، فقد بلغ سعر كيلو البلدي منه 17 الفاً في سوق الجملة أما الخيار السوري فيباع في سوق الجملة بـ8000 ليرة للكيلو. والأمر سيان بالنسبة الى الحشائش فالإنتاج قليل والطلب أكبر.

وعمّا اذا كان استيراد المنتجات الزراعية من سوريا ارتفع مقارنة مع السنوات السابقة، قال: «من حيث تغطية الاسواق زاد الطلب من سوريا، لأنّ إنتاجنا كان يغطي 70% من حاجة السوق المحلي فنؤمّن الـ30% الباقية من سوريا. أما اليوم فتراجع الانتاج كثيراً، منها على سبيل المثال البندورة، فإنتاجنا حالياً لا يزيد عن 10 الى 15%، لذا نستورد الـ 90% المتبقية من سوريا. سعر الكوسى مرتفع في لبنان مثل سوريا ولا يقلّ عن 26 الفاً للكيلو. انتاجنا من الخيار البلدي يغطي 60% من حاجة السوق والـ40% المتبقية من سوريا. أما بخصوص الحمضيات (تشمل شموطي ابو صرة الكلمنتين الحامض والبوملي)، فنحن نعاني من كساد أدّى الى أزمة بيع وتراجع الاسعار الى حدودها الدنيا، بدليل انّ سعر كيلو الليمون والحامض باب اول 4000 ليرة في سوق الجملة والكلمنتين 5000 ليرة»، وعزا الأمر الى إقفال السعودية باب الاستيراد من لبنان، وهي كانت تستورد نحو 17 الف طن من لبنان، ناهيك عن العوائق لدخولها الى دول الخليج، ولولا هذا الكساد لكانت اسعار الحمضيات مضاعفة. كذلك تراجع سعر الموز في سوق الجملة الى 7000 ليرة بسبب مشكلة في تصديره الى سوريا، ولولا ذلك لكان وصل سعر كيلو الجملة الى 11 الفاً.

وأكّد الحويك انّ الاستيراد من سوريا اقل كلفة علينا من بقية الدول، لأنّها الأقرب وتلبّي السوق بسرعة ويُدفع لتجارها اما بالليرة السورية واما بالدولار. وقال: «صحيح انّ سوريا تعاني من انهيار عملتها التي أدّت الى أزمة انتاج تمثلت بارتفاع الكلفة لارتباطها بالدولار، لكن سوريا تتمتع بمساحات زراعية ساحلية كبيرة جداً ومشاريعهم اكبر بكثير من تلك اللبنانية، ناهيك عن التهريب الذي يخفف الكلفة».

أما بالنسبة الى ارتفاع سعر البطاطا والذي وصل الى 18 الفاً في السوق، قال الحويك انّ هذه الزراعة تسعّر على الدولار لأنّها تتأثر كثيراً بالكلفة (بذور واسمدة) وليس العرض والطلب. اما لمن ينتظر دخول البطاطا المصرية، فيؤكّد انّها لن تكون اقل سعراً، فهي مستوردة على الدولار وسعر الكيلو سيقارب النصف دولار.


ايفا أبي حيدر- الجمهورية