جان الفغالي- 2022 ليست 1992، فكفى " بكائيات "!

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, January 25, 2022

يتبارى السياسيون والمحللون في الحديث عن أن انتخابات 2022 ستلقى مصير انتخابات 1992 ، لكنهم ، ولضعفٍ في الذاكرة أو في " الثقافة السياسية والإنتخابية " ، لا يذكرون ماذا حصل عام 1992 والذي اقل ما يُقال فيه إنه
" عارٌ انتخابي" .
لقد جاء في "وثيقة الوفاق الوطني" التي عرفت ب " اتفاق الطائف" ، تحت بند " الاصلاحات الاخرى " ، ما حرفيته:
" ج ـ قانون الانتخابات النيابية:
تجري الانتخابات النيابية وفقاً لقانون انتخاب جديد على أساس المحافظة: يراعي القواعد التي تضمن العيش المشترك بين اللبنانيين وتؤمن صحة التمثيل السياسي لشتى فئات الشعب وأجياله وفعالية ذلك التمثيل، بعد إعادة النظر في التقسيم الإداري في إطار وحدة الأرض والشعب والمؤسسات ." .
ما يجب أن يُحفَظ من هذا البند هو التالي : " تجري الانتخابات النيابية وفقاً لقانون انتخاب جديد على أساس المحافظة ، بعد إعادة النظر في التقسيم الإداري " .
يعني ، تفسيرًا ، إعادة النظر في تقسيم المحافظات ، وتجري الانتخابات النيابية وفق قانون جديد على أساس المحافظات الجديدة " .
لكن عمليًا الذي جرى معاكسٌ تمامًا لما ورد في الطائف.

ففي عام 1992 ، حين تمت للمرة الأولى الانتخابات النيابية بعد الحرب ( وكان آخر مرة جرت فيها الإنتخابات عام 1972 ، وفق قانون ال 60 .) جرت الانتخابات وفق قانون مخالِف لِما ورد في الطائف،ومن أبرز المخالفات الفاقعة والفاضحة :
رفع عدد النواب من 108 إلى 128
خلل في التقسيمات الإدارية :اعتمدت المحافظة دائرة انتخابية في بيروت والشمال، واعتمدت الأقضية دوائر انتخابية في جبل لبنان والبقاع، ودمجت محافظتا الجنوب والنبطية دائرة واحدة .
اُقر القانون خالياً من عدالة التمثيل إذ وزّعت بعض المقاعد على دوائر لا ثقل انتخابياً لطوائفها كالمقعد الماروني في طرابلس والمقعد الماروني في البقاع الغربي، والمقعد الدرزي في بيروت والمقعد السني الثاني في دائرة بعلبك – الهرمل
وعلق العمل بالبطاقة الانتخابية لمرة واحدة واستعيض عنها بتذكرة هوية يعود تاريخ اصدارها إلى ما قبل العام 1975 او باخراج قيد فردي معفى من رسم الطابع ويعمل به لعملية انتخابية واحدة..
المسيحيون عمومًا والموارنة خصوصًا قاطعوا الانتخابات ، كما قاطعتها نسبة لا بأس بها من المسلمين السنة بعد موقف الرئيس صائب سلام وإعلان الرئيس تمام سلام مقاطعتها انسجامًا مع موقف المسيحيين .
بدأت المعارضة المسيحية للانتخابات ساعة إقرار القانون 92/154، حيث أصدرت الأحزاب والقوى المسيحية بيانات تدعو الى الإضراب في اليوم التالي لاقراره، وجاءت الدعوة إلى الإضراب على لسان قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، وحزب الوطنيين الأحرار وتيار العماد ميشال عون، في حين دعا العميد ريمون إده إلى مقاومة الانتخابات بكل الطرق الديموقراطية واصفاً كل من يبادر إلى اجراء هذه الانتخابات «بأنه مجنون أو خال من اي ضمير وطني..» كذلك عارض الرئيس أمين الجميل بشدة اجراء الانتخابات وقد استجابت للمقاطعة بيروت الشرقية وبعض مناطق جبل لبنان ، جبيل، كسروان والمتن وبعبدا، وبعض مناطق الجنوب ، جزّين، والشريط الحدودي ، وبعض مناطق الشمال ، بشري، البترون .
جاءت نتائج انتخابات 1992 مشوبة بالعيوب ، ففي جبيل، على سبيل المثال لا الحصر ، ونتيجة غياب العميد ريمون إده والمقاطعة المسيحية الشاملة، فاز المرشحان المارونيان ميشال الخوري باكثرية 130 صوتاً، والمرشحة مهى الخوري أسعد بـ41 صوتاً، فيما كان الصراع على المقعد الشيعي وكانت نسبة الاقتراع في هذه الدائرة 6.5٪ اكثريتهم الساحقة من الشيعة.
أين " دلع " 2022 من مآسي 1992 ؟
قانون اليوم تمَّ بموافقة الجميع .
ليس فيه دائرة " إبنة ست " ودائرة " إبنة جارية "
مقاطعة 1992 كانت عابرة للطوائف وشاملة ومع ذلك لم تُلغَ الإنتخابات بل تمت " بمَن صوَّت" .
اليوم كل العدة الإنتخابية أنجزت ، فهل مسموح أن يسبب
" الحَرَد " إلى تطيير الإنتخابات ؟
عام 2000 جرى تقسيم بيروت لتقليل نواب رفيق الحريري ، فكانت النتيجة انه اجتاح بيروت انتخابيًا
ومَن ينسى عبارة " زي ما هيي " للرئيس الشهيد رفيق الحريري في تلك الإنتخابات ؟