خاص- السيناريو الأسود بعد تنحي الحريري- بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, January 25, 2022

خاص- الكلمة أونلاين
بولا أسطيح

لم يكن اعلان رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري تنحيه وتعليق عمله السياسي مفاجئا لمن كان على تواصل معه ومع مقربين منه في الاشهر القليلة الماضية. فالزعيم السني الذي لطالما تحرك بغطاء عربي وبكثير من الاحوال بغطاء دولي، تمت تعريته مؤخرا.. هو الذي كان يمكن ان يكتفي بغطاء داخلي لبناني يؤمنه له مناصروه وبشبكة علاقات مع معظم القوى السياسية اللبنانية، أيقن ان في ذلك مخاطرة كبرى في ظل الضغوط الخارجية غير المسبوقة على لبنان حيث بات رأس حزب الله مطلوبا اكثر من اي وقت مضى. بغياب المال والغطاء الدولي وفي خضم اكثر من ازمة يتخبط بها، اعتبر رئيس "المستقبل" انه بانسحابه يجنب نفسه مصير والده في مرحلة بات على يقين انها لن تمر مرور الكرام وان الانخراط بالحياة السياسية خلالها سيكبد المنخرطين الكثير من الخسارات التي يعلم تماما انه غير قادر على تكبد المزيد منها.
سارع زعيم "المستقبل" بالعودة الى أبو ظبي بعدما دعا قياديي التيار الازرق ونوابه ليحذوا حذوه، بتطبيق فوري لعملية الانسحاب… الا انه ترك خلفه تخبط غير مسبوق عند مختلف القوى التي باتت تتحسس رأسها متسائلة ما اذا كان مصيرها سيكون مشابها او اصعب بعد طالما هي ممسكة بالسلطة والكراسي.. نقاش داخلي مكثف انطلق لدى معظم الاحزاب والمجموعات السياسية، منها من بات متوجسا من خطة لافراغ الساحة السنية من زعاماتها وتركها لقوى التطرف تمهيدا لسيناريو تفجيري للوضع اللبناني، ومنها من بات يخشى على مصير الانتخابات مع ارتفاع اصوات وان كانت حتى الساعة غير مؤثرة وذات حيثية، تتحدث عن انتخابات غير ميثاقية بغياب الحريري!
"التيار الوطني الحر" كان حتى الامس القريب اكثر المتحمسين للقضاء على الحريرية السياسية، يبدو احد نوابه متخوفا من المرحلة المقبلة، معتبرا ان تزامن انسحاب الحريري مع تنحي تمام سلام وحديث عن حذو نجيب ميقاتي حذوهما خطير وقد يكون يؤسس لتطيير الانتخابات وحتى لعمل امني ما.
وتتلاقى الهواجس العونية مع هواجس حزب الله الذي يعبر مصدر مطلع على موقفه عن خشيته من سيناريو لتفجير الوضع معتبرا ان تزامن افراغ الساحة السنية من قياداتها مع الضغوط الخليجية والدولية غير المسبوقة على لبنان والانهيار المالي، كلها عوامل تهدد بمرحلة قاتمة قد نكون مقبلين عليها اذا لم نتدارك الوضع سريعا.
اما حزب "القوات" الذي لم ينجح رغم كل المحاولات السابقة برأب الصدع مع "المستقبل" ما ادى لاستثنائه من قبل الحريري من لقاءاته مع الحلفاء السابقين في الساعات الماضية، فيدرس موقفه جيدا خاصة في ظل المعطيات عن انه سيكون احدى القوى الرئيسية التي ستستفيد من غياب الحريري وستتمكن من اجتذاب جزء من جمهوره المحتقن ضد حزب الله. ولا شك ان النقاشات القواتية تتركز حول كيفية استثمار ذلك انتخابيا من خلال دعم مرشحين سنة قريبين من معراب.
بالمقابل، تستهجن قوى المعارضة تصوير البعض انسحاب الحريري صفعة للحياة السياسية في لبنان وتقرأ فيه انطلاق عملية انهيار احجار دومينو المنظومة.
بالمحصلة، مخاض كبير دخلته البلاد قبل ٤ اشهر على موعد الاستحقاق النيابي.. مخاض اطاح بالحريري والارجح سيطيح بآخرين. ويبقى الخوف كل الخوف من ان يطيح بالبلد ككل، او ما تبقى منه.