النظام اللبناني: بين كماشة التطوير وفخ التطيير- د. محي الدين الشحيمي

  • شارك هذا الخبر
Monday, January 24, 2022

-أليست الجمهورية اللبنانية دولة ديمقراطية ؟
-ألسنا في لبنان في رحاب سلطة القانون ودولة المؤسسات ؟
-ما هذا التهليل والتطبيل لانعقاد المجلس الوزاري الفارغ ؟
-هل هنالك دولة عاقلة وطبيعية ! تشكل فيها الحكومات ولا تجتمع ؟
فما هو هذا الحدث التاريخي غير الاعتيادي والذي يشهده لبنان في قرار الثنائي بالموافقة على اجتماع مجلس الوزراء , في اعطائه التأشيرة الخضراء المشروطة لوزرائه للمشاركة في فعاليات المجلس الوزاري "انه عرس لبنان" ويا للمهذلة !
فأين هو رئيس الحكومة المؤتمن صاحب الصلاحية والمقام والمقال ؟ وما هو موقعه من ندرة هذا الحدث في دولة القانون والمؤسسات ؟ والتي اعتدنا بها على حكومات تؤلف ولا تجتمع وتشكل ولا تعمل وأن تكون دائما هيكل تنفيذي شكلي لفراغ مؤسساتي واقعي , ذلك أن الاجتماع الدوري لمجلس الوزراء أمر يتعارض مع ديمقراطية النعيم اللبنانية والتي أوصلت البلاد الى الجحيم وجمهورية عهد جهنم , هي الديمقراطية المثلية وليس التوافقية والتي نتجت عن تفاهم مارمخايل وتزاوج أطرافه , هي ديمقراطية السيد المعرقلة لعمل كافة المؤسسات .
فما هو هذا الثنائي الوطني الاستثنائي والتي يتقدم على المقامات ويختصرها كلها , ناهش بمجمل الصلاحيات ويبقيها صورية , بحيث أصبح رئيس الجمهورية في زمنه رئيسا للقصر الجمهوري فقط ورئيس الحكومة العصر أشبه برئيس لجنة البناية , فيما الثنائي يدافع وبشراسة عن صلاحية مجلس النواب معطلا البلد في كونه صاحب الاختصاص القضائي في محاكمة الرؤساء والوزراء من خلال المجلس الأعلى والتي عطلت عمل مجلس وزراءهم لعدة أشهر, وهي حكومتهم حكومة البيت الواحد ,وكأننا أمام صلاحيات بسمنة وأخرى بزيت .
-فهل دعوة مجلس الوزراء للانعقاد هي صلاحية رئيس الحكومة ؟ أو للثنائي ولفريق ومكون سياسي ؟
-ما هذه الدعوة الاستفزازية المشروط لاجتماع المجلس ؟
وكأننا نعيش في جمهورية وقد بلغت من الهلاك عتيا , في دولة فاشلة بكل معنى الكلمة ومتنصلة من ودستورها وأعرافها وأدنى مقوماتها الاجرائية , حيث السلطة محتلة والمؤسسات مشلولة والادارات مصادرة والصلاحيات منتهكة والانتظام العام مضمحل , فأين هو رئيس الحكومة الموقر من المادة 64 من الدستور والتي تنص على أن "رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة يمثلها ويتكلم باسمها ويعتبر مسؤولا عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء" , وما هو تفسيره وتطبيقه لنص الفقرة السادسة منها والتي تخبرنا بأنه " يدعو مجلس الوزراء الى الانعقاد ويضع جدول اعماله. ويطلع رئيس الجمهورية مسبقا على المواضيع التي يتضمنها وعلى المواضيع الطارئة التي ستبحث" , وأين هو رئيس الجمهورية الباحث عن صلاحياته الضالة من نص الفقرة 12 من نص المادة 53 من الدستور والتي تقول " يدعو مجلس الوزراء استثنائيا كلما رأى ذلك ضروريا بالاتفاق مع رئيس الحكومة" , فيبدو اننا في بلد موسم رجالاته خريفي ! ولا عجب فرئيس الجمهورية حامل معه نقمة وغصة قديمة وهي وبما أنهم حرموه لذة أن يكون أول رئيس جمهورية بعد الطائف , فانه قد صمم على أن يكون آخر رئيس جمهورية لها , لذلك عهده ليس سوى العهد الانتقامي لتفتيت الدولة والمناصفة وتمزيق لبنان الجميل ,فيما رئيس الحكومة وهو الرئيس للفترات الرمادية والتعطيلية بشعاره الطنان بأن "الحكومة ماشية ومجلس الوزراء معطل" ومنشغلا لتكريث نفسه وريثا سياسيا لمقام رئاسة الحكومة جريح .
فيما الثنائي والحزب بالأخص غير آبه أبدا بالساحة اللبنانية فهو لا يراها الا ساحة ايرانية , فسياسة الولي الفقيه أولوية عنده وسلوكه محصور بما يخدم أجندتها ومسودتها فقط فطريق مطار لبنان ايراني وأكثر من مطار طهران بشعاراته ولوحاته الزيتية , والجنوب اللبناني عنده مقاطعة ايرانية ,والحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة هي الحدود الايرانية , وهي كلها نتيجة للتخبط الدولي وتقاعصه وتفاديا لأي خلل لضعف محلي , باتت الموازنة المحلية ضرورية لهم وأمر اقرارها لا بد منه تفاديا للتململ في بيئتهم والعجز في استيعابها.
يمعنون في تطيير النظام بحجة تطويره, ويحاربون اللامركزية الادارية الموسعة والتي وردت في اتفاق الطائف تحت عنوان " الإصلاحات الأخرى" في البند الثالث من الباب الثاني (الإصلاحات السياسية) ويهللون ويطبلون لمخططات باطنية تضمر في الحقيقة ما لا تعكسه بالظاهر , مكرسين في واقع الأمر للفيدرالية ولمنطق الدولة ضمن الدولة والتقسيم , مع العلم أن اللامركزية الادارية الموسعة تسعى لتحصين وحدة الدولة والحفاظ عليها موحدة .
فدعوة هذا الثنائي غير الدستورية والتي تجاوزت حد السلطات, ليست أبدا بانجاز ولا هي بهدية للمواطن أيضا انما هي جائزة للثنائي ذاته فقط , وقبل ما تسعى قوى الممانعة بربط نفسها بالقوة الكبرى وفيينا وسوتشي وواشنطن , وموسكو فلتربط نفسها بلبنان وعاصمته بيروت ومدنه وجبله, فليتواضع فريق الممانعة ومرشده وليعد للحدود والأولويات اللبنانية الداخلية قبل فوات الآوان وقبل أن يطير النظام بحجة تطويره !