مارون مارون- عهد الخوارج

  • شارك هذا الخبر
Sunday, January 23, 2022


إن الخطر الأكبر على الوجود المسيحي في لبنان، لا بل إن الإصرار على تغيير وجه لبنان الحقيقي، وإلباسه لباساً لا يُشبهه، يكمن في ممارسات "التّيار الوطني الحر" الذي يستبيح كل المحرّمات لأجل محاولة البقاء في السلطة، ولعل ما قالته اليوم المدعوة رندلى جبّور على قناة "OTV" هو خير مثال وانبطاح عن ان "حzب الله" لا يُشكل خطراً على لبنان ولم يستعمل سلاحه في الداخل.

نعم، هذا التيار الخارج عن كل عقل ومنطق، جعل زوراً من نصف المجتمع المسيحي فئة مؤيدة لسلاح دمّر الدولة ومؤسساتها، وجعلها دُمية في يد مليشيا تغتصب قراري السلم والحرب، وتنتهك السيادة والحدود، وتتدخل بشؤون دول صديقة، وتُشارك في حروب المنطقة كافة، في وقت كان للمسيحيين في لبنان الدّور الأبرز في بناء مؤسسات الدولة والحفاظ عليها وحمايتها برمش العين، سواء في عهد الرئيس بشارة الخوري الذي أرسى دعائم الإستقلال والوفاق، أو في عهد الرئيس كميل شمعون الذي اشتهر بالإزدهار والبحبوحة وعلاقات لبنان المميزة مع العالم أجمع، أم في عهد الرئيس اللواء فؤاد شهاب الذي شهد نهضة المؤسسات وخاصة الرقابية، أو في عهد الرئيس إلياس سركيس الذي حَفِظ الأمانة في عزّ الحرب الأهلية، ولم يُفرّط بجنى عمر الناس ولا بودائعهم ولا بمدّخراتهم ولا بالذهب البالغ ٢٨٦ طناً.

أما اليوم، وفي عهد "الخوارج" تم تدمير كل ما بُني منذ مئة عام وحتى اليوم، بفعل جشع مَن يدّعي تحصيل حقوق المسيحيين وهوسه بالتّربّع فوق عرش من ضحايا ودماء ودموع وآهات، وبفعل طموح أحد الهواة، لا بل أحد الطارئين على المشهد السياسي، والطامح لأن يكون وريث كرسي فوق أرض محروقة ومنهوبة، تئن الناس وجعاً من تحت ترابها، وأصوات المرضى والجياع في كل مكان، إلا أنه ليس من سامع ولا من مُجيب. كل ذلك ليس مُهمّاً، ولو أن لبنان بات بعهدة إيرانية وقبضة فارسية، إنما المهم أن أجلس على كرسي كُتِبَ فوقها "الجمهورية اللبنانية" وإلى يمينها علم لبناني، لو قُدّر له الحراك لالتف على رقبة "الجالس" كحبل مشنقة، ثم ارتفع شامخاً على أعلى سارية فوق أعلى قمم لبنان... والسلام.