أنطوان سعادة - موهوم الرئيس ميقاتي.. وموهوم الرئيس عون!!

  • شارك هذا الخبر
Sunday, September 12, 2021



مسار الحراك السياسي الذي كان سائداً، منذ استقالة حكومة الرئيس دياب إلى ما قبل ساعات من تشكيل حكومة الرئيس ميقاتي، لَم يَشِ قطّ بإمكانيّة ولادة حكومة جديدة، خُصوصًا أن أحدًا لم يكن يتوقع أن يبادر الرئيس عون الى توقيع مراسيم التشكيل. حدثَ ما حدث من ضغط ايراني من جهة وفرنسي من جهة أخرى، أضيف إلى تدخُّل أميركي وَلَو كان خَجولًا، أدّى الى ولادة الحكومة العتيدة.

لم يتوقع أحد، وأُكرِّر "لا أحد"، ان تكون حكومة كلفت ١٣ شهراً من عمر اللبناني ومن أمواله، وأدت الى فقر حاله، أن تتألف، "حكومة كيفَما اتَّفق" تكون ركيكة وغير متناسقة، حتّى انّها قد تدخل كتاب غينيس لاحتوائها على فاشلين وفاسدين ومنتحلي صفَة، وأن تحلّ أولى في الفشل. حتى انها من المؤكَّد قادرة أن تسبق وزارة الرئيس دياب بعدة سنوات ضوئية. ("السنوات الضوئية" استعارة من أحد الوزراء الجدد).

ليست هذه قراءة في الغيب ولا ضربًا بالرمل، إنّما قراءة مبنية على أقوال وتصريحات بعضٍ من السادة الوزراء الجدد وتاريخهم.

هل انتُقيَت هكذا نوعية من البشر للتَّوزير عن قصد، ام عن غير معرفة؟ هنا الكارثة.

مُتَوَهِّمٌ هوَ الرئيس ميقاتي إذا كان يَظنّ أنه سوف ينجح في فكّ عزلة لبنان الاقتصادية، سواء كان ذلك من البوابة العربيّة، أو الأوروبية، أو الأميركية، أو حتى الآسيوية (طبعاً باستثناء إيران). كل التصاريح التي صدرت من أوروبا او اميركا تكلمت عن ترحيب بتشكيل الوزارة، وعن الدّعم الإنساني، نعم دعم إنساني، وهو الدّعم الذي لم يتوقف، وَلا لِيَومٍ واحد، حتى مع حكومة الرئيس دياب.

ولكن يا دولة الرئيس، الدّعم الإنساني لا يستطيع ان ينهضَ باقتصادات دُوَل، ولا ان يغير من الحالِ الكارثيَّة التي أوصلتم البلاد اليها. إن لم ترضَ الدول العربية عن الحكومة، ولم تقُم بدعم لبنان، فَلن نخرج من عنق الزجاجة. نعم الخليج واستثمارات الخليج، هو الأمل الوحيد المؤهل لإعادة وضع اقتصاد هذا البلد على السكّة الصحيحة، لأن أوروبا وأميركا تتّكل على دول الخليج لتقومَ بالدّعم، وليست هي مَن تدعم. هي فقط تساهم بما تيسر من الفُتات.

ومتوهِّمٌ أيضًا الرئيس ميقاتي عندما يتكلم عن حيازته الثُّلثَين، وعن تشكيلِه فريق عمل، وهو متأكد أن هذه الوزارة الإمرة فيها لحزب الله وإيران أوّلًا وثانيًا وثالثًا. يكفي أن تكون جميع المرافق والمعابر الشرعية بيد الحزب بصورة شرعيّة، أي من خلال وزارة الأشغال.

أمّا الرئيس عون فعنده وهمان:

إذا كان يظنّ أن لدَيه ثُلثًا مُعَطِّلًا في آخر حكومة "الرّبع الساعة الأخير" من عهده، فهو بالتأكيد واهم، لأنْ في طبيعة البشر أن تكون مع الآتي وليس الذاهب، ومع القوي لا الضعيف. وإذا كانت حساباته أن الآتي هو (صهره جبران) باسيل فهو كَمَن يطلب من الوزراء "شْراية سمك ببحر معوكر" (وهو غير "بحر عَوكَر"). أمّا إذا اعتبر انه الأقوى فهذا، في حدِّ ذاته أكثر الأوهام خطورة، لأنّه أقوى بقوّة حزب الله، وفي أفعَل التفضيل، حزب الله هو الأقوى. واذا كان معوِّلًا في اتكاله على حزب الله، فإيران التي أبرمت اتفاقية مع الراعي الفرنسي لم تعد في حاجة إليه (أي الرئيس عون) ولا لصهرِه المستَرئس.