خاص ــ واقع "الحزب"... بين مستنفر ومستاء ومستفيد! بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Thursday, April 22, 2021

خاص ــ بولا أسطيح

الكلمة وانلاين

قد تثير المواقف التي تصدر في الآونة الاخيرة عن بعض نواب حزب الله بما يتعلق بالملف الحكومي الالتباس، وآخرها للنائب حسن عزالدين الذي قال ان الحزب يبذل الجهود لتذليل العقبات وتسهيل ولادة حكومة جديدة، قبل ان يستدرك ويقول ان "على حكومة تصريف الأعمال أن تتحمل مسؤولياتها، وأن تفعل عملها، وتسير أمور الدولة لا سيما مع الاستمرار في تعثر تأليف حكومة جديدة"!

يصر نواب وقياديو الحزب امام جمهورهم على الحديث عن جهود يبذلونها للدفع باتجاه التشكيل، علما ان التدقيق بالمعطيات يؤكد الجمود المسيطر على العملية ككل. وقد سبق عز الدين نواب آخرين في كتلة "الوفاء للمقاومة" بالغوا بوقت سابق بتعميم جو ايجابي بحديثهم عن ولادة حكومية خلال ساعات او ايام. حينها احال هؤلاء سائليهم عن المعطيات الخاطئة الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي مدهم بها.

على كل الاحوال، يبدو الملف الحكومي لحزب الله ملفا ثانويا رغم تشديد قيادييه وامينه العام بالعلن على اهميته ووجوب اخراجه من عنق الزجاجة بأسرع وقت ممكن. فالحزب يجد نفسه معني اولا واخيرا بمصير المفاوضات حول الملف النووي الايراني وكيفية استثمار "انتصاراته" الميدانية في المنطقة بعد تحوله لاعبا اقليميا رئيسيا والذراع الاقوى لايران في المنطقة. في لبنان، يعتبر الحزب انه ممسك بزمام الامور. لا يخشى كثيرا ان يؤدي الكباش السياسي الحالي والمحصور الى حد بعيد بين تيار "المستقبل" و"التيار الوطني الحر" الى انفلات امني. فطالما خطوط التماس بين الطائفة الشيعية وباقي الطوائف هادئة لا يرى الحزب اي داع لينشغل بمراضاة خواطر هذا او ذاك او وضع ثقله لتنفيذ رغبات حليف هنا او صديق هناك.

حتى الملف المعيشي الذي يخشى كثيرون ان يشكل تهديدا للامن ينتج عن انفجار اجتماعي كبير، يعتقد الحزب انه تصدى له في مناطقه اقله في المدى المنظور خاصة بعدما انصرف لتحصين بيئته وانجز كل استعداداته لمرحلة "الارتطام" المرتقبة طالما نحن في سقوط حر منذ اكثر من عامين. لم تعد خافية كل مظاهر التموين التي تطال المواد الغذائية وصولا للمحروقات وغيرها من المواد الاساسية كما الاجراءات المتخذة لضمان بقاء المجتمع الشيعي متضامنا ومتكاتفا من خلال اقتطاع جزء بسيط من رواتب عناصر حزب الله التي لا زالوا يتقاضونها بالدولار الاميركي لتوزيعها على محتاجيها في هذه البيئة سواء من خلال بطاقات تموينية لشراء مواد مدعومة حزبيا، يقال انها ستوزع على الراغبين فيها حتى ولو انتموا لطوائف اخرى، او لتخصيص مبالغ للعائلات الاكثر فقرا في المناطق التي يسيطر عليها الحزب. حتى يمكن لزوار الضاحية الجنوبية مؤخرا مصادفة اشخاص يحملون صندوق صفراء للتبرعات يجولون يين السيارات. على هذا الصعيد يبدو الحزب مستنفرا لقناعته بأن لا حكومة في المدى المنظور اضف ان لا حلول سحرية للوضعين المالي والاقتصادي سواء تشكلت الحكومة ام لم تتشكل.. في هذا الملف ايضا يثبت الحزب انه دولة ضمن دولة، لا بل ابعد من ذلك بات واضحا انه يتجاوز قدرات الدولة التنظيمية والاكيد المادية. وهنا يهزأ مصدر رسمي قائلا:"اعتمد الحزب البطاقات التموينية وبدأ بتوزيعها اما الوزارات المعنية لم تنجز حتى الساعة البطاقات التي وعدت الحكومة انها ستوزع بالتزامن مع ترشيد ورفع الدعم..ولا يبدو اطلاقا انها ستنجزها قريبا".

مستنفر الحزب لمواكبة الانهيار، لكنه بالوقت عينه مستاء كثيرا من رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الذي لا يستجيب لنداءاته المتكررة والتي صدرت مباشرة من امينه العام السيد حسن نصرالله لتفعيل عمل حكومته. اذ لا يبدو الحزب بعيدا عن وجهة نظر العونيين التي تقول بأن تفعيل حكومة دياب افضل بألف مرة من السماح للحريري بتشكيل حكومة يدير هو دفته في مرحلة شديدة الحساسية كالتي يمر بها لبنان. وهنا تقول مصادر مطلعة:"لا الحزب ولا عون سيسمحان بحكومة يكون للحريري فيها قرار صياغة السياسة المالية الجديدة للبلد التي ترضي اهواءه واهواء الاميركيين او يكون له فيها القرار بموضوع ترسيم الحدود.. لذلك يضغطان على دياب لتفعيل عمل حكومته.. وهو امر لا يبدو خاضعا للاخذ والرد بالنسبة له".

على كل الاحوال، يعتبر اكثر من طرف ان الحزب يبقى المستفيد الاكبر مما هو حاصل. فمن فشل بالدفع لمؤتمر تأسيسي على "البارد" يعتقد ان الانهيار التام سبؤدي اليه شاء من شاء وابى من ابى. وطالما هو الطرف الاقوى فسيكون من سيفرض شروطه والارجح رؤيته للبنان الجديد..مع ترجيح ان يحصل ذلك باطار اتفاق اقليمي- دولي كبير يبدأ بالملف النووي الايراني وينسحب على كل الملفات الاخرى المرتبطة فيه.


Alkalima Online