بعد قرار أوبك بلس.. ما التأثيرات الاقتصادية لرفع أسعار النفط؟

  • شارك هذا الخبر
Saturday, April 3, 2021

في ظل السياسات التي تتبعها منظمة "أوبك بلس" لضبط سوق النفط، بعد انهيار الأسعار تأثرًا بجائحة فيروس كورونا، قرر التحالف الدولي زيادة الإنتاج تدريجيًا من مايو إلى يوليو.

واتفقت دول أوبك بلس (أوبك+) على زيادة إنتاج النفط في مايو/آيار بمقدار 350 ألف برميل يوميًا وفي يونيو/حزيران بنفس المقدار، وفي يوليو/حزيران 450 ألف برميل يوميًا.


وطرح البعض تساؤلات بشأن تأثيرات زيادة أسعار النفط تدريجًيا على سوق النفط، وعلى اقتصاديات الدول المصدرة، في ظل عدم انتهاء جائحة فيروس كورونا بشكل نهائي.

رفع الأسعار

وكان منتجو النفط في "أوبك+" قد اتفقوا في أبريل/نيسان 2020 على تخفيضات تاريخية في الإنتاج، بمقدار 9.7 مليون برميل يوميا، جرى تقليصها لاحقا إلى أقل قليلا من سبعة ملايين برميل يوميا في أبريل/نيسان الماضي.

وبموجب اتفاق أوبك، ستكون التخفيضات النفطية التي تنفذها "أوبك+" عند ما يزيد قليلا على 6.5 مليون برميل يوميا اعتبارا من مايو/آيار المقبل.

وشهدت أسعار النفط ارتفاعا بنحو 3% أول أمس الخميس، تأثرًا بقرار مجموعة "أوبك+" زيادة الإنتاج تدريجيا اعتبارا من مايو.

وبدأت أسعار الطاقة بالتعافي في 2021 نتيجة برامج التحفيز وحملات التلقيح الحكومية، بعد التراجع في 2020 بسبب جائحة كورونا.

اختبار السوق

واعتبر الدكتور مبارك محمد الهاجري، المستشار النفطي الكويتي، أن رفع أسعار النفط تدريجيًا، يعكس التزام تحالف أوبك بلس بالانتقال إلى المرحلة الثالثة لتنفيذ قرار المجموعة في أبريل الماضي على خفض الإنتاج للدول الأعضاء والذي يضم 23 دولة وعلى عدة مراحل.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تمت المرحلة الأولى بتقليص الإنتاج بمقدار 9.7 مليون برميل يوميا (أي بنحو 10% من المعروض العالمي) وذلك خلال شهري مايو ويوليو من العام الماضي وتم الاتفاق على تمديد تخفيض الإنتاج لشهر يوليو، والمرحلة الثانية بدأت في شهر أغسطس/آب حيث تم الاتفاق على زيادة الإنتاج بناء على تعافي الطلب على النفط واستئناف النشاط الصناعي لكبار مستهلكي النفط في أسيا ، وتم تقليل الخفض من 9.7 إلى 7.7 مليون برميل يوميا لمدة 6 أشهر مع الأخذ بالاعتبار تخفيضات الدول غير الملتزمة بالخفض مثل العراق ونيجيريا.

ويرى الهاجري أن قرار تحالف أوبك بلس الحالي بالانتقال تدريجيا من المرحلة الثانية إلى الثالثة (من 7.7 إلى 5.8 مليون برميل يوميا) اعتبارا من مايو، يأتي من أجل تطبيق السقف المتفق عليه في اتفاق خفض الإنتاج التاريخي لضمان استقرار سوق النفط ورفع الأسعار.

الانتقال التدريجي إلى المرحلة الثالثة يعود إلى المخاطر التي لا تزال موجودة بخصوص تفشي موجة كورونا المتحور وإغلاق الدول الأوروبية ووضع قيود السفر وتنقل الأفراد والذي بدوره يقلص الطلب على النفط بنحو 30%، بحسب مستشار النفط الكويتي.

وأكد أن برامج اللقاحات ضد كورونا وحزم التحفيز الاقتصادي في الدول الكبرى ساهمت في انتعاش السوق النفطي حاليا.

إلا أن الهاجري أكد أن الصورة العالمية بتعافي الطلب على النفط وانتعاش الاقتصاد تظل هشة وبعيدة عن الاكتمال بسبب انتشار النسخ المتحورة من الفيروس.

وحسب ما أكد عليه وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بأنه من الواجب اتخاذ الحذر، وأن قرار أوبك بلس برفع الإنتاج هو مجرد اختبار للسوق العالمي ومن الممكن تعديل مستويات الإنتاج في الاجتماع القادم في 28 أبريل/الجاري إذا لزم الأمر.

أمن الطاقة

بدوره يرى الدكتور فواز كاسب العنزي، المحلل الاستراتيجي السعودي أن تحركات أوبك بلس جاءت بعد عملية الانكماش الاقتصادي الذي تعرضت له الدول الصناعية الكبرى، وأثرت تأثيرًا سلبيًا عليها بسبب جائحة فيروس كورونا.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، لعبت منظمة الأوبك دورًا كبيرًا في عملية استقرار أسواق النفط، رغم التحديات الكبيرة وقلة الطلب، وانخفاض الأسعار إلى معدلات قياسية وصلت إلى ما دون الـ 20 دولارا، وذلك قبل أن ترتفع تدريجيًا في الـ 6 أشهر الأخيرة بسبب السياسيات الاقتصادية التي تم اتخاذها لإدارة هذه الأزمة.

واعتبر العنزي أن الزيادة التدريجية في أسعار النفط قرارًا مهمًا يصب في مصلحة الدول المستفيدة المستوردة للنفط، والتي بات عليها الكثير من الديون، وكذلك بالنسبة للدول المصدرة، والتي يعتمد اقتصادها على البترول بشكل كبير، مثل المملكة العربية السعودية وبعض الدول الخليجية وليبيا وفنزويلا، وغيرها من الدول التي يقوم اقتصادها واستثماراتها على بيع وتصدير البترول.

وأشار إلى أن عملية رفع إنتاج النفط تدريجيًا يعد قرارًا سليمًا ومدروسًا من منظمة أوبك بلس، حيث راعى الدول المستوردة بعدم رفع الأسعار بشكل سريع ومفاجئ وفوري قد يضيف على هذه الدول المزيد من الديون، وكذلك للدول المصدرة خاصة أحادية الإيرادات البترولية في تشغيل عجلة الإنتاج مجددًا.

ويعكس القرار، مدى الشراكة على المستوى العالمي، في اتخاذ القرارات المناسبة للحفاظ على أمن الطاقة، حيث يضمن هذا الارتفاع التدريجي الحفاظ على توازن أسواق النفط، وكذلك يضمن أمن الطاقة والأمن الاقتصادي، بحسب المحلل السعودي.

وانطلق الاتفاق بين "أوبك" ودول غير أعضاء، بما في ذلك روسيا، في عام 2017، ولكن تم تحديثه في عام 2020. وقام التحالف، بسبب انخفاض الطلب جراء الجائحة، منذ أيار/مايو بخفض إنتاج النفط بمقدار 9.7 مليون برميل يوميًا. وخط الأساس للتخفيضات هو تشرين الأول/أكتوبر 2018، ولروسيا والمملكة العربية السعودية 11 مليون برميل يوميا.


سبوتنيك