خاص- هل تراجع دور برّي نتيجة إنخراط "الحزب" في السياسة الداخلية؟... محمد المدني

  • شارك هذا الخبر
Saturday, April 3, 2021

خاص- الكلمة أون لاين

محمد المدني

مثيرة تلك الأحاديث التي تدور في الكواليس عن تراجع دور رئيس مجلس النواب نبيه برّي السياسي مقابل تقدم حزب الله نحو الإنخراط المباشر بتفاصيل السياسة الداخلية، بعد أن كان الحزب زاهدًا لا تهمه الحقائب الوزارية ولا المحاصصات الحزبية، ولا التسويات الرئاسية.

في الآونة الأخيرة وبعد عودة سوريا إلى حضن رئيسها بشار الأسد بعد سنوات طويلة من الحروب الدموية التي شارك بها حزب الله، عاد الأخير إلى لبنان من الباب السياسي الواسع، وكأن له دورًا كبيرًا في العديد من المحطات الهامة التي مرت على لبنان ولعل أبرزها إيصال العماد ميشال عون إلى كرسي بعبدا.

يرى مراقبون أن كلما تقدم حزب الله خطوة في الحياة السياسية، تراجع برّي خطوة، فلا يمكن لأي طرف "شيعي" (حزب الله وحركة أمل) أن يحقق تقدمًا سياسيًا الإ على حساب الآخر، طبعًا بإستثناء تلك القضايا المتفق عليها والتي تندرج تحت ثقف "الثنائي" معًا، وفي مقدمها العداء لإسرائيل وحفظ "الدم الشيعي"، إشارة إلى أن حزب الله ولد من رحم حركة أمل عام 1982 بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الأمام الخميني، وحصلت بين الطرفين الكثير من الصدامات والمعارك الدموية مع كل تغيير في موازين القوى والتحالف بين إيران وسوريا.

هل فعلاً تراجع دور نبيه برّي "السياسي"؟

في معرض الإجابة على هذا السؤال، تبين أن هناك وجهتي نظر تتعلق بدور رئيس مجلس النواب الذي يُعرف بـ "رجل كل المراحل"، "مهندس تدوير الزوايا" وغيرها الكثير من الألقاب.

مصدر نيابي بارز، أشار لـ"الكلمة أونلاين" إلى أن "وجود حزب الله في الحياة السياسية يضعف الجميع وليس فقط برّي، لأن منطق السلاح أقوى من منطق الأحزاب والمؤسسات الدستورية"، معتبرًا أن "حزب الله يتحكم بكل شيء، وجميع أعضاء المنظومة تحولوا إلى منفذين لمشروع الحزب، وحولوا مؤسساتهم إلى مؤسسات تُغطي مشاريعه وسياساته".

وقال: "برّي كان دائمًا في الواجهة لتنفيذ السياسة السورية قبل العام 2005 وسياسة حزب الله بعد الـ 2005"، مشيرًا إلى أن "إنخراط حزب الله في تفاصيل الحياة السياسية هو في إطار التدرج نحو وضع يده على الدولة ومؤسساتها".

ولفت المصدر، إلى أن "برّي من مدرسة الامام الصدر، وهو يُماشي حزب الله لكنه ليس إيراني، وقد ظهر هذا التباين في عدة ملفات آخرها حول الموضوع الحكومي"، معتبرًا أن "برّي خسر موقعه في سوريا، وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله له الأولوية لدى النظام السوري لإرتباطه المباشر بإيران ولخوضه الحرب إلى جانب النظام على الأراضي السورية، وهذه المعادلة حكمًا ستؤثر على دور برّي في الداخل اللبناني لا سيما أن لسوريا تأثير كبير على السياسة في لبنان".

من جهة أخرى، ترى مصادر مقربة من عين التينة أن "دور الرئيس نبيه برّي لم يتراجع، لكن حزب الله تقدم عندما نجح بإيصال حليفه ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، وبالتالي أحرز تقدمًا لأن عادة ما يكون برّي هو عراب الإنتخابات الرئاسية في مراحل سابقة،
إنطلاقًا من تحالفاته الثابتة مع بعض القوى السياسية وتحديدًا مع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري".

وقالت المصادر: "لا شك مع وصول الرئيس عون إلى سدة الرئاسة، دخل حزب الله بقوة إلى المعترك السياسي، ولكن مع فشل هذه التجربة والإنهيار المالي الذي يعيشه لبنان، تبين أن برّي يستطيع القول للبيئة الشيعية إن خيارات حزب الله الخارجية أدت إلى عزل لبنان وضرب الإنتشار الشيعي في العالمين الغربي والعربي، والذي أصبح مهددًا بفعل دور الحزب العسكري في سوريا والعراق واليمن، بينما برّي يمكنه القول لبيئته بأنه لديه أفضل علاقات مع هذه الدول، كما بإمكانه القول أن خيار حزب الله في الإنتخابات الرئاسية عبر دعم العماد عون أدى إلى إفقاركم وتجويعكم، وبالتالي فإن فشل خيارات حزب الله الداخلية والخارجية يصب في مصلحة برّي، الذي لم يشارك في الحرب السورية ولم يدعم وصول عون إلى بعبدا".

في موازاة ذلك، فإن الرئيس برّي يمسك زمام المبادرة اليوم ويعيد تحريك الملف الحكومي، إن كان عبر تحالفه مع جنبلاط أو الحريري، وبدا واضحًا أنه يستعيد دوره في طرح المبادرات وتدوير الزوايا، بعدما عجز حزب الله في إحراز أي تقدم ملحوظ على المستوى الحكومي في ظل الصراع القائم بين ميشال عون وسعد الحريري".

وأشار المصدر إلى أن أحدًا لا يستطيع أخذ دور أبو مصطفى في الحياة السياسية، فهو "الشيعي" المقبول من معظم الطوائف والأحزاب السياسية، ودائماً ما يشكل علامة فارقة في الحياة السياسية، فهو على تحالف واضح مع المستقبل والإشتراكي والمردة، يقف على الحياد في خلاف البطريرك الراعي مع حزب الله، علاقته مع التيار الوطني الحر جيدة والاتصالات بينهما مفتوحة، الأحزاب المسيحية الأخرى كالقوات والكتائب تعتبره ضمانة وتقدر مبادراته وموقعه السياسي ولو كانت على خلاف إستراتيجي معه".

ولفت إلى أن "حزب الله قد يكون تقدم على برّي على المستوى الشيعي، لكنه لا يُجاريه على المستوى الوطني، وهذا البعد أساسي في المعادلة السياسة اللبنانية".