خاص ــ هل تتكرر مشهدية 14 آذار لمواجهة "الحزب"؟... السلاح خط أحمر! محمد المدني

  • شارك هذا الخبر
Friday, April 2, 2021

خاص - محمد المدني

الكلمة اونلاين

لطالما عُرف لبنان بحدة الإنقسامات الداخلية بين القوى السياسية المهيمنة على المشهد اللبناني منذ عام 1990 حتى يومنا هذا، وبرزت هذه الإنقسامات في العديد من المحطات وليس آخرها ثورة 17 تشرين وما نتج عنها من تداعيات أمنية وسياسية واقتصادية، بالإضافة إلى ثورة الأرز أو ما يُعرف بإنتفاضة 14 آذار (2005) التي أخرجت الجيش السوري من لبنان.

بعد خروج سوريا من لبنان تسلم حزب الله مفاتيح السلطة، وبعد إن كان اللبنانيون منقسمون طرف مع سوريا وآخر ضدها، أصبحوا مختلفين حول سلاح حزب الله، جهات مع وجوده وأخرى تريد نزعه.

عام 2019 اندلعت ثورة 17 تشرين وكادت أن تطيح بالجميع تحت شعار "كلن يعني كلن"، وبرزت خلال الثورة أو الإنتفاضة أصواتًا طالبت بنزع سلاح حزب الله، ما دفع بيئة الحزب إلى رفض الثورة وتخوينها وحصلت توترات أمنية في عدة مناطق لبنانية كادت تعيد بلاد الأرز إلى مآسي العام 1975، وانقسم اللبنانيون أيضًا بين من هم مع الثورة ومن هم ضدها.

المحطة السياسية الأخيرة التي إنقسم اللبنانيين خلالها كانت دعوة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لـ"إنقاذ لبنان" وجعله على الحياد ما يستدعي نزع سلاح حزب الله حكمًا لأن لا حياد مع وجود سلاح خارج إطار الدولة، الأمر الذي يرفضه حزب الله الذي يعتبر أن طرح التدويل للبنان سيؤدي إلى تهديد وجوده.

يبدو واضحًا أن سلاح حزب الله الذي يُهدّد إسرائيل بإعترافها، يُشكل مادة دسمة تعزز الإنقسام الداخلي بين الأفرقاء السياسيين وتجعل لبنان بأكمله قنبلة موقوتة حتمًا ستنفجر عندما يحاول أي طرف أن يفكر أو يُخطط لنزع سلاح الحزب.

مع بلوغ الأزمة اللبنانية ذروتها نتيجة الإنهيار الاقتصادي - المالي وتعذر تشكيل حكومة إنقاذية وما يرافقه من حصارٍ اقتصادي على لبنان ومع إصرار البطريرك الراعي وعدد من الأحزاب والشخصيات السياسية على مبدأ الحياد، يخشى مراقبون من إعادة إنتاج مشهدية 8 و 14 آذار بنسخة مختلفة عن ما كانت عليه عام 2005، وحتمًا ستكون أخطر على وحدة لبنان وأمنه واستقراره.

مرجع سياسي بارز على صلة بـ١٤ آذار أشار لـ"الكلمة أونلاين"، إلى أنه "من الصعب تكرار
مشهدية ثورة الأرز على الأقل من حيث نوعية القيادات والشخصيات، لأنهم أصبحوا جزءًا من منظومة تسوية ولم يعودوا جزءًا من منظومة مقاومة، وبالتالي هذه المنظومة التي واجهت الإحتلال السوري وأخرجته من لبنان هي عمليًا إنتقلت إلى مرحلة المساومة مع حزب الله ودخلت في عملية تنازلات مستمرة تكرست في التسوية عام 2016 ومن ثم بإقرار قانون الانتخابات والإنتخابات النيابية الأخيرة".

وقال: "اليوم الخلاف القائم في لبنان هو خلاف على المحاصصة وليس على المبدأ، ولهذا السبب لا إمكانية لأن تعود هذه الوجوه وتتجمع من جديد بمواجهة الحزب، بل يحاولون كسب وده بغية الوصول إلى السلطة سواء على مستوى رئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة أو على صعيد الوزراء بشكلٍ عام".

ولفت إلى أن "الرهان اليوم على المجتمع المدني والشعب اللبناني، والتطلع إلى تشكيل حكومة تواجه الإحتلال الإيراني المتمثل بحزب الله تمامًا كما بادر الناس عام 2005 إلى تحرير لبنان من الإحتلال السوري، لكن هذه المنظومة السياسية صادرت إنتصار اللبنانيين وسرقت الإستقلال الثاني ودفعته لحزب الله وللإيرانيين ثمن المناصب التي يتولوها".

واعتبر المرجع السياسي، أن "لبنان تغير وأصبح تحت وصاية إيرانية بقيادة حزب الله وهي تختلف عن الوصاية السورية لأن الحزب مكون لبناني والمواجهة معه مصيرية ونتائجها وخيمة لأنه يعتبر سلاحه وجودي ولن يفرط فيه مهما كان الثمن، بينما 14 آذار كانت إنتفاضة مواكبة بقرارٍ دولي وأتت بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبعد مواجهة قوية والكثير من الإعتداءات التي ارتكبها السوريون بحق اللبنانيين".

ولفت إلى أن "نزع سلاح حزب الله يتطلب قوة عسكرية كبرى تفوق قدرة الأحزاب الداخلية وحتى الجيش اللبناني، وبالتالي علينا مواجهة الحزب تحت سقف الحرب عبر تعزيز الدولة وتغيير الأكثرية في مجلس النواب، وأي توجه عكس ذلك سيؤدي بنسبة كبيرة إلى حربٍ أهلية".

وقال: "نعم هناك حالة شعبية ضد حزب الله في لبنان، لكن نظرة الخارج تبقى الأهم عندما يتعلق الأمر بسلاح الحزب، لأن حزب الله أصبح قوة إقليمية له مكانته ودوره على مستوى المنطقة، وفرنسا الممسكة بالملف اللبناني اليوم تعتبره مكونًا أساسيًا في لبنان له قاعدته الشعبية ولديه نواب منتخبين، لذلك لا يمكن إخراجه من المعادلة اللبنانية".

وأبدى المرجع، "تخوفه من التحركات الشعبية، سيما وأن معظم "الثوار" يؤيدون طرح البطريرك الراعي وإعتبار البلاد تحت النفوذ الإيراني، وهذا ما قد يدفعهم إلى إطلاق شعارات مسيئة لحزب الله والمطالبة بنزع سلاحه، ما يؤدي إلى حصول مواجهات بين الثوار ومناصري حزب الله وقد تتطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباها".

من ناحية أخرى، أكد مصدر مقرب من حزب الله أن "التحالف السياسي المعادي لحزب الله قائم ومعروف ولا يشكل خطرًا على الحزب وسلاحه، أما على المستوى الشعبي فلا إمكانية لإعادة إحياء ما يشبه 14 آذار، وإن حصلت فستكون دون جدوى، لأن أحدًا لن يجازف باللجوء إلى لعبة الشارع، بالإضافة إلى أن بيئة حزب الله محصنة وهو يملك قرارها عكس باقي التيارات والأحزاب السياسية".

وأشار إلى أن "سلاح الحزب ​بند خلافي والإستراتيجية الدفاعية غير متاحة حاليًا، وبالتالي فإن إثارة موضوع السلاح والمطالبة بتنفيذ قرارات سحبه أو فرض مناخ شعبي - سياسي يدعو إلى نزعه سيقود لبنان إلى مرحلة خطرة جدًا، وسيصبح إحتمال الحرب الأهلية وارد رغم عدم رغبة أحد في حصولها وفي مقدمهم حزب الله".

ولفت إلى أن "الأحزاب وجمعيات المجتمع المدني المناهضة لحزب الله تدور بمعظمها في فلك الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج، وهناك محاولات دائمة لتحريض الرأي العام اللبناني على حزب الله وتصويره السبب الأساس في إنهيار لبنان"، مؤكدًا أن "حزب الله لن يقف متفرجًا على تلك الحملات المغرضة التي تُشكك بمقاومته وتضحياته في سبيل بقاء لبنان وحمايته من الأطماع الإسرائيلية وقطار التطبيع الذي يعبر معظم الدول العربية، لذلك على جميع الأفرقاء التنبه لخطورة الوضع الراهن وما يُخطط للبنان بدل التلهي في قضايا لن تؤدي إلا إلى خراب البلاد".

وسأل: "ما العلاقة بين سلاح الحزب وبين الوضع الاقتصادي المنهار؟"، معتبرًا أن "الطرح القاضي بنزع سلاح الحزب يتماشى مع المواقف الإسرائيلية التي تسعى جاهدة لإقناع الدول بإشتراط دعم لبنان بنزع سلاح حزب الله".

وتوجه إلى اللبنانيين بالقول: "ابحثوا عن من سرق أموالكم ونهب خيرات بلدكم بعيدًا عن حزب الله وسلاحه، لأن سلاح المُقاومة كان وسيبقى خطًّ أحمر".


Alkalima Online