خاص ــ ماذا التقطت "انتانات" جنبلاط وما الذي يخشاه؟ بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Monday, March 29, 2021

خاص ــ بولا أسطيح

الكلمة اونلاين

من السذاجة الحديث عن أن رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط لم يقم بانعطافة جديدة قبيل زيارته الاخيرة الى قصر بعبدا وخروجه لاعلان وجوب اعطاء الاولوية للدفع باتجاه التسوية. فمن كان يصف العهد بـ"الكارثي" قبل اسابيع ويدعو لاستدعاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للتحقيق بانفجار المرفأ ويشهر كل سلاحه بوجهه داعيا الفرقاء المسيحيين لاعلان معركة اسقاطه كي يخوضها معهم، ليس هو نفسه من يلتزم التهدئة التامة منذ حينها ويشدد على وجوب التلاقي والتفاهم لانجاز عملية تشكيل الحكومة مقدما كل التسهيلات اللازمة لحد القبول بأن تكون حصته الوزارية متساوية مع حصة غريمه في الطائفة رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" طلال ارسلان، رغم كل الحساسيات التي يثيرها ذلك بالنسبة له داخل البيت الدرزي خاصة في ظل اصرار أخصامه وعلى رأسهم "التيار الوطني الحر" وحزب الله على كسر الاحادية التي يسعى لتثبيتها لدى الدروز.

نعم "انتانات" البيك استشعرت مخاطر كبيرة مقبلة دفعته لـ"انقلاب" جديد، لم يعد مستغربا لا من قبل أخصامه او حلفائه..الا ان ماهية المخاطر لا تزال غير واضحة تماما، بحيث ان هناك من يعتبر انه بعدما اعتقد لوهلة بأن الأرضية باتت مناسبة لخوض المواجهة بخلاف ما كان عليه الوضع عام 2008، باعتبار ان الضغوط الدولية والداخلية وبخاصة على المستوى الشعبي قد تتيح بتوجيه ضربة قاضية لحزب الله وحليفه الاساسي ميشال عون، أيقن بعد التدقيق بحسابات الحقل والبيدر بأن التسوية الايرانية – الاميركية باتت وشيكة وبأن المرحلة الحالية ليست سوى مرحلة رفع سقوف تهيئة للتفاهمات المقبلة خاصة في ظل المعلومات عن انطلاق المفاوضات بين الطرفين بعيدا عن الاضواء. ولأن احياء الاتفاق النووي مع طهران من شأنه ان يلقي بظلاله على المنطقة ككل وبخاصة في الدول حيث النفوذ الايراني بأوجه، كلبنان، ادرك جنبلاط ان مواصلة خطته السابقة التي تعتمد بشكل اساسي على التصعيد والمواجهة من شأنها ان تجعله أول حجر دومينو يسقط عند التوقيع الاميركي – الايراني، لذلك استعجل الانعطافة ومجاراة رياح التسوية.

اما آخرون فيعتقدون ان البيك التقط اشارات مفادها ان انفجارا اجتماعيا كبيرا بات وشيكا جدا من شأنه ان يطيح ليس فقط بالقوى السياسية وزعماء الطوائف انما بالنظام الحالي القائم ككل، وباعتبار ان رئيس "التقدمي الاشتراكي" يتمسك بنظام "الطائف" لعلمه بأن اي نظام جديد من شأنه ان يطيح بالكثير من الامتيازات التي أعطيت للطائفة الدرزية، سارع المطالبة بتسوية تؤدي الى تعويم الطبقة السياسية الحالية ومعها النظام القائم رغم تحوله لعجوز يعيش على التنفس الاصطناعي,

وكما هو متوقع، لن يكشف جنبلاط، أقله في المرحلة الحالية، عن فحوى الاشارات التي التقطها، من هنا تؤكد مصادر "التقدمي الاشتراكي" انه "لم ينفد اي انقلاب سياسي كما لم يقم بتموضع جديد ولا انتقل من ضفة الى أخرى، فهو يقف دائما على ضفة السلم الاهلي والاستقرار ووقف الانهيار، وكل الخطوات التي يقوم بها لا تنطلق من حسابات فئوية او خاصة انما من حسابات المصلحة الوطنية"، معتبرة انه "عندما يتجاوز اعتراضاته على العهد ويتوجه الى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية انما يهدف الى الدفع باتجاه التسوية السياسية لا تحقيق مكاسب خاصة. علما انه وكما يعي الجميع لم يتأخر يوما عن اتخاذ خطوات يسدد لها من رصيده السياسي والشعبي بهدف المصلحة الوطنية، وهذا عنوان المرحلة الحالية، بحيث يتخذ كل الخطوات المطلوبة لتعزيز منطق التسوية لاعتباره ان المدخل الوحيد لوقف الانهيار هو بتشكيل حكومة تحظى بثقة الداخل والخارج وتستطيع فتح النقاش مع صندوق النقد الدولي وتضع خطة اصلاحية بما يتماشى مع المبادرة الفرنسية لاعادة ضخ الاموال الى لبنان وتحريك العجلة الاقتصادية ووقف التدهور على المستويات كافة". وتعتبر المصادر ان البوابة الى التسوية المنشودة اليوم يكون بالتخلي عن المطالبة بالثلث المعطل.

فهل تكون البلاد حقيقة مقبلة على تسوية تدق المسمار الاخير في نعش "الثورة" و"الثوار" ام ان معركة كسر العضم التي يخوضها عون – الحريري من شأنها ان تُسقط آخر الاعمدة التي يقوم عليها سقف الهيكل اللبناني، فيكون الانهيار الكبير المؤسس للقيامة العظمى؟


Alkalima Online