ايلي المندلق - الفدرالية، أو البكاء على المُلْك الضائع

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, March 2, 2021

كتب عضو الهيئة التنفيذية في المؤتمر الدائم للفدرالية المهندس ايلي المندلق الآتي:

هناك ثابتة في السياسة المسيحية في آخر مئتي سنة، نتخلص بعد كفاح مرير من غول متوحش يهدد وجودنا، فنهرب إلى واحة مؤقتة نعتبرها أرض الميعاد، أرض اللبن والعسل. لنجد بعد فترة وجيزة أن ما اعتبرناه جنة عدن قد تحول إلى غول آخر يهدد كياننا، فنشحذ هممنا لكفاح مرير آخر، وخيبة مريرة أخرى. وهكذا دواليك!

في القرن التاسع عشر حارب المسيحيون غول التتريك، فلبسوا العباءة العربية. رحل التتريك وبقيت العباءة التي خلقت سكيزوفرينيا جماعية، اصبح من خلالها شعبنا في غربة عن هويته.

في العام ١٩١٨ هرب الموارنة من غول المجاعة التركية التي قتلت ثلث الشعب، إلى سهول لبنان الكبير، فعلقوا في دهاليزه ومغاوره ومقابره، واستمر ككابوس جاثم على الصدور لليوم.

في سنة ١٩٧٦ قاتل المسيحيون غول المنظمات الفلسطينية وارتضوا بديلا عنها أرض ميعاد السلام السوري. فكانت النتيجة احتلالا استمر لسنة ٢٠٠٥.

في سنة ٢٠٠٥ اقنعونا ان الجنة تنتظرنا في اللحظة التي يخرج فيها السوري. رحل السوري فأتى الفارسي.

اليوم يقولون لنا، من اليمين والنيو يسار، من الوطن والمهجر، أن أرض العسل واللبن هي لنا حال نتخلص من سلاح حزب الله ونعتمد الحياد، فالسعادة ملكنا لأبد الآبدين.
فلنتخيل للحظة أننا اعتمدنا الحياد وجردنا الحزب من سلاحه، فماذا نكون قد حققنا؟ نكون رجعنا بالتاريخ لعهد فؤاد شهاب، الذي كرس الحياد عنوانا لعهده بعيدا عن الجمهورية العربية المتحدة والأحلاف في المنطقة. ونكون على بعد ١٧ سنة فقط من الانفجار الكبير في العام ١٩٧٥.

يكفي كذبا على انفسنا وعلى العالم. الحياد وحده لا يحل شيئا. الحياد يحل مشاكل لبنان مع العالم الخارجي لكنه لا يحل مشكلة لبنان البنيوية الناتجة عن طبيعته التعددية ونظامه المركزي.

اذا لم نعتمد النظام السياسي الملائم لطبيعة لبنان التعددية، أي النظام الفدرالي، نكون في قاعة الانتظار للإنفجار الكبير القادم. ولات ساعة مندم.