طروحات "الحياد" و"التدويل".. ونكد السياسة المحلية

  • شارك هذا الخبر
Sunday, February 28, 2021

كتب سعد حمية

من نكد السياسة اللبنانية أنه على غالبية اللبنانيين أن يتحملوا شيطنة بعض القوى السياسية المحلية لهم، وأن يحاول هؤلاء تدوير الزوايا وتفهم طروحاتٍ أقل ما يقال فيها أنها غير مُتفقٍ عليها وأن فرضها يهدد العيش المشترك والسلم الأهلي.

أكثر من ذلك، تتوسل بعض القوى السياسية والروحية فرض رؤيتها على مخالفيهم، ووصل الأمر إلى حد سلب اللبنانيين الرافضين للحياد أو "التدويل" هويتهم، ونعت حزب الله بنفس توصيفات ثالوث الشر (إسرائيل ـ أميركا ـ السعودية) بأنه "إرهاب" و"سلطة وصاية" و"دويلة ضمن الدولة" و"قامع للحريات"، وإلى ما هنالك من توصيفات ترمي صراحة إلى تحميله مسؤولية كل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بينما يتم ـ عن قصد او غير قصد ـ إعفاء قوى أخرى من المسؤولية، ويكاد بعض متزعمي هذه القوى عندما يتحدثون عن حزب الله وسياساته يظهرون وكأنهم قديسون تشع فوق رؤوسهم أنوار القداسة والعفة!!

هذه الطروحات سواء "الحياد" باشكاله المختلفة أو "التدويل" ليست جديدة او مستغربة، إلا أن الجديد فيها انه أُعيد اطلاقها هذه المرة وتم تبنيها من البطريركية المارونية كحزمة واحدة، وتلقف بقايا قوى الرابع عشر من آذار هذا المستجد ومحاولة ركوبه والاستفادة منه لاعادة إحياء برنامجها الذي جمدته توازنات الساحة المحلية خلال السنوات الاخيرة، بما يوحى وكأن هناك تبدلاً ما أو رهاناً لدى بعض القوى على تحولات دولية قد تعيد إطلاق ديناميات جديدة على الساحة اللبنانية ربطاً بتأليف الحكومة وشكلها وانعكاسها على معالجة الوضعين الاقتصادي والنقدي وربما وصولاً إلى الاستحقاق الرئاسي مستقبلاً.

وقد تصاعدت وتيرة التوظيف السياسي لبقايا قوى 14 اذار ووسائل اعلامها لهذه الطروحات وفعلت حضورها قبل تجمع بكركي ويمكن إيجازها وفق الصورة الآتية:

ـ الدعوة إلى المشاركة الكثيفة بطريقة غير مباشرة من قبل "القوات اللبنانية" و"الكتائب" و"الاحرار" و"لقاء سيدة الجبل" وقوى ومنظمات المجتمع المدني التي سبق لها وطالبت بنزع سلاح حزب الله.

ـ التركيز على اجتماع الراعي مع نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان لاطلاعها على هدف دعوته.

ـ تسليط الضوء على توسع رقعة التأييد واعطاء مواقف البطريرك بعداً وطنياً جامعاً (مواقف رؤساء الحكومات السابقة وموقف زعيم "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط).

ولاحقاً واصلت بقايا قوى 14 آذار ووسائل اعلامها التوظيف بالحديث عن:

ـ تضخيم التجمع الشعبي والحديث عن الالاف وقيل انه تم توزيع 7 الاف كرسي في مكان التجمع وذلك للتأكيد الدعم الشعبي والبناء عليه مستقبلاً كما حصل في حالات سابقة.

ـ اعطاء مواقف البطريرك ابعاداً سياسية مهمة ومقارنتها بنداء المطارنة الموارنة في 20/9/2000 ومواقف البطريرك الراحل نصر الله صفير عام 2005، وبالتالي محاولة اعادة احياء تلك الاجواء وتزخيم الحضور السياسي والشعبي!

ـ تأكيد "القوات" عبر رئيسها سمير جعجع وقوفه وراء البطريركية وكذلك رئيس حزب "الكتائب" سامي الجميل ، وبعض القوى والشخصيات التي تدعي الاستقلالية.

ـ التوجيه المباشر بأن كلام البطريرك موجه إلى حزب الله وإن لم يسمه والتأكيد بان الرسائل المنوي ايصالها وصلت إلى من يعنيه الامر بما يشبه لهجة التحذير.

وهنا ، لا يخفى على أحد في لبنان، أن أسلوب التوظيف لدى بقايا 14 آذار للمستجدات الاخيرة ليس جديداً، وهو تكرار لما سبق وثبت فشله عام ألفين وخمسة وبعده، وأن المواقف من الطروحات غير المتفق عليها لم تحظى سابقا بموافقة مكونات أساسية على الساحة المسيحية، وهي عبرت عن رأيها صراحة بهذه المواضيع وهي ما زالت تحظى بتمثيل شعبي كبير، كما ان هناك من نبه لخطورة وضع البطريركية في "بوز المدفع" ودفعها إلى مواجهة حزب الله الذي ما زال متمسكاً بعدم اثارة السجالات والانفعالات، كما ان هناك تأييد مشروط من قبل قوى أخرى في وقت يبقى الموقف واضحاً لدى حزب الله وحلفائه من مختلف الطوائف.

على اية حال يبدو ان الضجيج المحلي المفتعل ليس الا محاولة لاستدراج مزيد من الضغوط لادراج هذه الطروحات ضمن اجندات بعض الدول التي لديها اجندتها ومصالحها الخاصة والتي بامكانها تطويع هذا الامر لخدمة مصالحها والتي ترتبط ارتباطا شديدا بموازين القوى الدولية وقد لا تلبي مصلحة الدولة المعنية.

(موقع العهد)