كشف إسرائيلي يُبعد شبح الحرب عن "الحزب"

  • شارك هذا الخبر
Saturday, February 27, 2021

يُمثّل التقرير الذي نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" عن "الخط الأحمر الاسرائيلي" في ما يخص صواريخ حزب الله "الدقيقة"، مقاربة جديدة إلى حد ما بالنظر إلى مجمل المعالجات الاعلامية العبرية السابقة لهذا الموضوع تحديداً، ومروراً بالمعيار الذي يحكم الخط المذكور.

لطالما أمعنت الاستخبارات الإسرائيلية في تسريب تقديراتها للإعلام العبري حول عدد الصواريخ "الدقيقة" التي يمتلكها الحزب، لكنها للمرة الأولى تروّج مستويات إسرائيلية "رفيعة"- كما تصفها الصحيفة العبرية المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو- للحد الأدنى للعدد الذي يجعل هذه الصواريخ "حمراء" بمنظور إسرائيل، ألا وهو ألف صاروخ "دقيق"؛ ما يستدعي عندها تحركاً عسكرياً إسرائيلياً عاجلاً.

فلماذا الإفصاح عن العدد الذي يمثل "الخط الأحمر"؟.. هل هو تهديد احترازي، أم معلومة استخباراتية طارئة؟.. ألا يُفهم من ذلك ضمناً أن اسرائيل تنتظر وصول العدد إلى ألف، وليس المنع؟

في معيار الخط الأحمر لصواريخ "حزب الله" الدقيقة، ثمة نوع من التهديد، لا مجرّد استهلاك إعلامي.. لكنّه لا يخلو أيضاً من استعراض العضلات الاستخباراتية؛ بغية إرباك الحزب، على افتراض أن الحديث عن "الرقم الأحمر" جاء بناء على معلومات أمنية حول مساعي الحزب لتعزيز ترسانته الصاروخية، لا سيما "عالية التوجيه".

يُمكن الاستنتاج أيضاً من ترويج صحيفة "إسرائيل اليوم" لما تسميه الخط الأحمر الإسرائيلي بالنسبة لصواريخ حزب الله "الدقيقة"، أن عددها هو المحدّد للتحرك الإسرائيلي العسكري، وليس فكرة امتلاك الحزب لهذا النوع من الصواريخ أساساً، ما دام عددها ليس أكثر من عشرات، رغم أن تل أبيب تُسوّق لهذه الصواريخ (الى جانب السلاح النووي الإيراني) على أنه التهديد الأكبر لها الآن.

لم تخُض إسرائيل قط حرباً استباقية لمنع تسلُّح دول و"منظمات معادية" (باستثناء السلاح النووي)، بحسب صحيفة "إسرائيل اليوم".. لكنّ رئيس لواء "أساليب القتال والاختراعات" في الجيش الإسرائيلي، العميد عيران نيف، حاول تسويغ أي تحرك استباقي إسرائيلي، بالقول: "الكل موجّه إلى هناك، لكن الرد أيضاً موجّه إلى هناك. في هذه الأثناء، نحاول العمل بطرق مبتكرة أُخرى، ستمنعهم من الوصول إلى ذلك. هذا هو سيناريو التدريبات".

لا يُجادَل في أنّ إسرائيل غير معنية بحرب مع "حزب الله"، لكن ثمة نصائح يوجهها خبراء في الدولة العبرية، كتلك التي يطلقها الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، اللواء في الاحتياط عاموس يادلين، إذ حث على ضرورة بحث "استغلال فرصة" تصعيد محدود على الحدود الشمالية كي تضرب أيضاً هذه القدرة الصاروخية للحزب.

بيدَ انّ الكثافة الخطابية الاسرائيلية عن صواريخ "حزب الله"، مروراً بتهديدات للحزب ومعه المدنيين اللبنانيين بالاستهداف في المواجهة المقبلة بحجة تخزين الصواريخ داخل منازل جنوب لبنان، تظهر وكأنها تندرج في سياق تكتيك إسرائيلي مفاده "الضغط في مكان، كي تُنجز في مكان آخر". ويرجح مراقبون أن ثمة معلومة اسرائيلية عن وصول كميات جديدة من الأسلحة الاستراتيجية لحزب الله، مستندين على حركة نشطة لطائرات استطلاع اسرائيلية في سماء لبنان في الآونة الأخيرة، ثم تهديدات الساسة والعسكر في اسرائيل.

وهنا، يحمل الرقم "ألف" رسالة موجهة، ليس فقط لحزب الله، وإنما أيضاً للدول الفاعلة في المنطقة، لا سيما روسيا، بدرجة اكبر من الولايات المتحدة، بهدف حثها على التحرك والضغط على النظام السوري لتحجيم النشاط الإيراني المتمثل في نقل أسلحة إلى "حزب الله" في لبنان.

وكي تُبرز اسرائيل قوتها الاستخباراتية، زعمت أنها تراقب بشكل حثيث عمليات تهريب أجهزة تحويل الصواريخ إلى دقيقة، بعدما فشلت جهود عديدة لنقلها كاملة عبر الحدود. فادعت أن الأجهزة تضمنت جهاز كومبيوتر صغيراً، وجهاز GPS وأجنحة لتوجيه الصاروخ، بواسطة عمليات بسيطة نسبياً يمكنها تحويل الصواريخ إلى صواريخ دقيقة.

وإذا ما عُدنا إلى موقعة انفجار طائرة استطلاع اسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية، قبل نحو سنة ونيف، فقد رُوّج إسرائيلياً عن أن تلك الواقعة كانت عبارة عن عملية استباقية تجسّدت في تفجير جهاز وصل إلى بيروت للتو لغاية "إنتاج صواريخ دقيقة".

ويُستدل من تحليلات أوساط استراتيجية في إسرائيل، لسلوك حزب الله الإعلامي، أن الحزب هو الآخر يظهر تحرّزه من عملية اسرائيلية استباقية؛ من منطلق إدراك الحزب استخباراتياً ما لدى اسرائيل من معلومات عن أحدث أنشطته على هذا الصعيد.. بدليل أنه راح إلى تحذير اسرائيل، مستعيناً بكشفه قبل أيام عن إحداثيات مواقع اسرائيلية حساسة.

لكن إسرائيل عملت على تفادي التعليق على ما نشره الحزب عن الإحداثيات، إلا أنها تساءلت عما إذا كانت الصور وصلت إلى "حزب الله" من طريق عملية قرصنة إيرانية و"سايبر" لأقمار اصطناعية، أي التجسس على قمر اصطناعي ما. ثم، هل هناك مصطلح "سايبر أقمار صناعية"؟

لم تتوقف تل أبيب عن تتبعها الاستخباري وتحديد العدد "الأحمر" لصواريخ "حزب الله" حيناً، وإطلاق تهديداتها حيناً آخر، بل حرصت على تغطية إعلامية لافتة لصاورخ "دفاعي" مُطوّر من أجل النيل من صواريخ الحزب. فتداول الاعلام الاسرائيلي، بطريقة مشهدية لا تخلو من الإثارة الحيّة، وتحت عنوان "تفوّق جوي كبير"، نبأ تجربة الجيش الاسرائيلي للصاروخ "الدفاعي" المسمّى "دربي" وقد تمت تجربته حديثاً.

ووثقت وسائل إعلام عبرية بالصوت والصورة، وحتى بالمقروء، ميزات الصاروخ الاسرائيلي الجديد؛ فزعمت أنه "يتمتع بأحدث القدرات التي تمنحه مزايا اعتراض كبيرة في المعارك جو-جو ، بالإضافة إلى إطلاق النار من أرض-أرض".

وتبلغ كلفة صاروخ واحد، حوالى المليون ونصف المليون دولار، وهو مصمم للتعامل مع أهداف "نوعية" مثل الصواريخ الكبيرة والدقيقة التي تمتلكها إيران و"حزب الله" وصواريخ كروز، حسبما نقلت الإعلام العبري عن رئيس قسم أنظمة "الدفاع" الجوي، رافائيل بيني جونغمان.


المدن