خاص ــ واشنطن لماكرون: "إنك تصطاد في الماء العكر"... فدفن مبادرته! سيمون أبو فاضل

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, February 16, 2021

خاص ــ الكلمة اونلاين

سيمون أبو فاضل

الفارق بين السياسة الاميركية والسياسة الفرنسية تجاه الخارج يختلف كليًا نظرًا لقوة كل منهما على أكثر من صعيد سياسي اقتصادي أمني وعسكري.

فالولايات المتحدة تفرض ذاتها في معادلة الدول المتواجدة على الكرة الارضية منذ أن ترأست المحور المناهض للشيوعية حيث كانت فرنسا وما زالت في حضن هذا المحور سياسيا او عسكريًا من ضمن حلف الناتو في مواجهة أخطار روسيا حتى بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. وأن دول عدة تسعى لكسب ود واشنطن لأكثر من سبب وغاية.

أما فرنسا فتسعى للحفاظ على عدة دول استعمرتها سابقا ولكنها غير مؤثرة حتى في سياساتها تجاه هذه الدول خلافا لواقع واشنطن وهي لا تستطيع فرض ذاتها وهي حافظت مرارا على مصالحها كما في أفريقيا من خلال تدخلات عسكرية.

فقد سعى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للدخول على الساحة اللبنانية كلاعب دولي ومدعوم من عدة بلدان وفي مقدمها الولايات المتحدة الاميركية.

فالتعاطي مع الملف اللبناني معناه التعاطي مع إسرائيل من أكثر من زاوية، ولا سيما من باب العداوة اللبنانية الاسرائيلية وما ينتج عنها من اشكالات.

وكذلك التعاطي مع السعودية ينطلق من تأثيرها على الساحة اللبنانية وخصوصا لدى الطائفة السنية مع سعيٍ لماكرون لترتيب العلاقة بين قيادتها وبين زعيم السنة في لبنان الرئيس المكلف سعد الحريري.

فيما التواصل مع إيران هو على خلفية دعمها لحزب الله مالك قرار الدولة اللبنانية ، عدا أن اهتمام ماكرون العلماني بالواقع المسيحي هو نتيجة علاقة تاريخية بين فرنسا وهذه الطائفة وهو تراجع عن هذا الواقع نتيجة تفاعلات الواقع اللبناني.

إن نظرة مبسط تدل على إن اهتمام فرنسا في لبنان يمكنها من أن تكون لاعبًا دوليًا مع هذه البلدان بحيث تكون علاقاتها معها بابًا لتأمين مصالح سياسية واقتصادية بحيث يزور ماكرون السعودية تحضيرا لضمها والامارات الى المفاوضات السعودية مع إيران مستذكرا زيارة الراحل شيراك إلى الصين وتحقيق مصالح اقتصادية مع هذه الدول مع اعادة فتح مصالح فيها. ويتواصل مع طهران حول عودتها الى طاولة المفاوضات مع واشنطن حول ملفها النووي ،الذي يلقى اعتراضا على مناقشته من جانب طهران بعد ضم السعودية والإمارات وسعي ماكرون لاضافة اسرائيل.

لذلك يطمح ماكرون أن يحقق في هذا الحقل مكاسب لإعطاء دور إقليمي لفرنسا يحمله كإنجاز لمقاربة الانتخابات الرئاسية المقبلة. ولذلك زار لبنان وأطلق مبادرة سُميت بالمبادرة الفرنسية تحمل عدة طيات لحل الازمة اللبنانية.

عمليًا يصح القول إن هذه المبادرة انتهت ليس لأن الرئيس الحريري لم يأت على ذكرها في خطابه في ذكرى استشهاد والده بل لأن اللقاء الذي جمعه بماكرون كان بمثابة دفن المبادرة من دون نعيها، إذ تقول أوساط ديبلوماسية غربية للكلمة اونلاين إن الرئيس الفرنسي الذي سمع كلاما من الادارة الاميركية التي لم تتغير سياستها تجاه لبنان والمنطقة حاليا بعد انتخاب الرئيس جو بايدن بأنه يصطاد في الماء العكر نتيجة مغازلته حزب الله كان كلامه يحمل تراجعا مع الرئيس سعد الحريري قياسا الى اندفاعاته السابقة.

إذ أبلغ ماكرون ضيفه الحريري بأن باريس طلبت من واشنطن وقف العقوبات على المسؤولين اللبنانيين من أجل ابعاد التوتر عن الساحة اللبنانية لكن كان ذلك على قاعدة أنه لا يتم إدخال حزب الله على الحكومة انما المعطيات الوثيقة لدى الادارة الاميركية وتبلغتها منها الفرنسية هو أن أسماء الذين يتم التداول بهم من جانب حزب الله في الكواليس لتوزيرهم يُصنفون في منظومة الحزب على غرار ما هو واقع وزير الصحة حمد حسن الذي بيّن أنه تابع لهذا الحزب.

كما ان ماكرون توقّف أمام اعطاء وزارة المالية للطائفة الشيعية بما عكس عدة تداعيات توزعت بين عرقلة التدقيق في هذه الوزارة التي أُنزل على وزيرها عقوبات ماغنيتسكي للفساد بالاضافة الى نسف أسس الاصلاح الحكومي كما تم التداول فيه بداية وجعل من فريق آخر يتمسك بغير حقائب.

ولم يَخفِ ماكرون للحريري أن المملكة العربية السعودية ترفض كليا في الوقت الحاضر الاهتمام بالملف اللبناني، في ظل عودة حزب الله الى الحكومة لا بل هي طلبت من الجانب الفرنسي وقف دعمه للبنان ،حتى استسلام كل المنظومة السياسية المدانة بالفساد واتخاذ حزب الله قرارا بوقف هيمنته على الدولة.

وأضاف ماكرون بأن الجانب المسيحي غير راضٍ عن مسار تشكيل الحكومة، فكان رد الحريري بأن احد الاحزاب يعطل باستمرار المبادرات التي يُقدم عليها، فيما يستقوي حزب آخر بعلاقته بالسعودية لعرقلته.

ولم يخفِ ماكرون أن علاقة دولته بحزب الله هو أمر مختلف عن تشكيل الحكومة اللبنانية لأن لباريس علاقة امنية مع حزب الله تتمحور حول تبادل المعلومات عن تمدد تركيا في الجانب اللبناني وكذلك حيال حركة الجماعات الارهابية في اكثر من منطقة يمتلك الحزب معلومات عنها، وان معيار تشكيل الحكومة مختلف عن هذا الواقع لأنه يخضع لمعايير وطلبات دولية.

على ضوء هذا الواقع تقول الاوساط الغربية بأن لا حكومة في المدى القريب ،طالما لا يتم الانطلاق من التجاوب مع المجتمع الدولي الذي لن يدعم لبنان، طالما حزب الله يمارس دورا داخليا وخارجيا ،فالرىيس ماكرون لا يستطيع أن يركب في لبنان نظاما وفق حساباته من زاوية مصالحه الامنية مع حزب الله ،ام انطلاقا من خوفه على قوات بلاده في الجنوب، ان القرار الذي اتخذ في المجتمع الدولي هو بضرورة اعادة لبنان الى مرحلة استقرار بعيدا عن الفساد والتبعية الاقليمية التي يفرضها حزب الله


Alkalima Online