ايران وخيار السلام مع اسرائيل- المحامي فؤاد الأسمر

  • شارك هذا الخبر
Sunday, January 24, 2021

من الواضح ان الوضع الايراني اليوم شبيه الى حد بعيد بالواقع السوري في الامس القريب.
فبفعل اختلاق فوضى الوجود الفلسطيني في لبنان، وتوقيع اتفاقية القاهرة تمدد العمل الفدائي واصطدام الفلسطينيون باللبنانيين عامة وبالمسيحيين خاصة، دخل الجيش السوري واحتل لبنان، تحت ذريعة حفظ الامن وبغطاء قوات الردع العربية، وذلك بموافقة ورضى تل ابيب وضمن ضوابط وشروط حددها الاسرائيليون وهي الا تشكل القوات السورية اي خطر او تهديد للكيان الصهيوني وبأن لا يتعدى الوجود السوري حدود شمال الليطاني.
اعتمدت اسرائيل واميركا سياسة العصا والجزرة مع سوريا، على قاعدة " اعطائها لبنان مقابل توقيعها السلام مع اسرائيل". بالمقابل تعنت السوريون الذين اعتبروا ان ثمن الجولان وضبط الوجود الفلسطيني في لبنان وحتى تصفية القضية الفلسطينية وصولاً الى السلام الموعود يفترض ثمناً أغلى.
وبعد سنوات من الكرّ والفرّ وافقت سوريا على المشاركة بمؤتمر صلح فلسطيني - اسرائيلي وعربي- اسرائيلي وكانت شريكاً اساسياً في مؤتمري اوسلو ومدريد اللذين كرسا الاعتراف الفلسطيني والعربي باسرائيل وكان لبنان وساحته ومليارات الدولارات التي استولى عليها السوريون من لبنان وبإسمه جائزة ترضية لهم.
انما وبعد سقوط الاتفاقيتين المذكورتين تزلزلت السماء فوق رؤوس السوريين وتصدعت الارض تحت اقدامهم وأُرغِموا على الانسحاب من لبنان الى ان كانت الثورة السورية الماحقة منذ العام ٢٠١١ الى يومنا هذا.
وما حصل مع السوريين يتكرر اليوم مع ايران وذراعها العسكري في لبنان. خلال الاعوام التسعين جرى تسليح حزب الله وتطوير ترسانته بعلم وسكوت اميركي ويهودي ودولي، وجرى تأهيل الذراع العسكرية والامنية الايرانية للحلول مكان السوري وحكم لبنان وفرض سيطرته على مفاصل القرار في الدولة، بما في ذلك ضبط الملف الفلسطيني وإبعاد شبح أخطاره عن اسرائيل.
وعاد الفرقاء الى قاعدة العصا والجزرة ذاتها "تريدون لبنان فهلموا الى السلام مع اسرائيل وان الاستمرار بتعنتكم ورفضكم سيجر عليكم وعلى حزب الله المزيد من الويلات".
لا شك ان التفاهم الموضوعي بين الفريقين قائم وان الايرانيين مدركين تماماً أولية الموضوع الامني بالنسبة للاميركيين والاسرائيليين، انما الخلاف القديم الجديد هو على الثمن.
فمن الواضح ان الثمن الذي يعرضه الاميركيون والاسرائيليون لن يسد جوع وطمع الايرانيين الذين يرمون الى تحقيق مكاسب تفوق ما هو معروض واهمها التوسع ضمن الهلال الشيعي المترامي من ايران الى العراق وجنوباً الى المملكة العربية السعودية والبحرين واليمن وغرباً الى سوريا وصولاً الى لبنان.
ان لعبة الكباش بين الفريقين مستمرة ومتمادية والمؤسف ان اي من اللاعبين غير مستعجل، ولو على درجات متفاوتة، في حين ان من يعاني حقيقة المرّ والجوع والمهانة هو المواطن اللبناني، خاصة وان لبنان هو صندوق بريدي متفجر بين الفريقين وكل منهما يعتمده لايصال رسائله النارية المتفجرة للآخر.
فهل تختار ايران ومعها حزب الله السلام مع اسرائيل وقبض الثمن المعروض، أم انها ستبقى في المواجهة لحين زيادة المكاسب من البازار او لحين تحقق صعقة ترغمها على السلام؟
الاكيد ان كلاً من الطرفين يبحث عن البازار الافضل! والاكيد ان اللبنانيين يكتوون بنار هذا الكباش!
فهل سيطول الانتظار؟


المحامي فؤاد الاسمر