د. إيلي جرجي الياس - كسروان-جبيل، زمن متصرفية جبل لبنان: دراسة شاملة!!

  • شارك هذا الخبر
Friday, January 22, 2021

وفّرت متصرفية جبل لبنان ١٨٦١--١٩١٤، التي أعقبت مرحلة الحوادث الأهلية المؤسفة التي عصفت بجبل لبنان ١٨٤٠-١٨٦٠، واستمرّت فاعلة حتى الحرب العالمية الأولى القاسية وحاضرة حتّى خلاله، للجبل الصامد الأشمّ، عبر نظامها الشامل والايجابيّ، الاستقلال الذاتيّ والاستقرار النسبيّ والازدهار الاقتصاديّ والتواصل الاجتماعيّ.... وتمتّعت منطقتا كسروان وجبيل المتجاورتان، وهما في قلب الجبل الجميل، بمجالٍ من النجاح والتألّق والأمان والإنتاجية!! وفي هذه المقالة أستعرض بعض جوانب هذا المجال الهامّة و النوعية....
من حيث التقسيمات الإدارية، فحسب سالنامة متصرفية جبل لبنان ١٣٠٦ ه - ١٨٨٨ م، عدد القرى في قضاء كسروان ١٦٤، وفي ناحية جبيل مثلاً ٧٠ أو ٤٢٪ من عدد القرى في القضاء، بينما حسب سالنامة متصرفية جبل لبنان ١٣٠٧ ه - ١٨٨٩ م، عدد القرى في قضاء كسروان ٢٢٥، وفي ناحية جبيل مثلاً ٧٤ أو ٣٣٪ من عدد القرى في القضاء، وعدد البلديات في قضاء كسروان ه. وحسب فيتال كينيه فعدد القرى في نفس القضاء ٢٢٦. وهذا ما يعطي قضاء كسروان (الاوّل من حيث عدد القرى حسب سالنامة متصرفية جبل لبنان ١٣٠٧ ه - ١٨٨٩ م)، كما ناحية جبيل حكماً، أهمية إدارية تنظيمية شديدة الاهميّة على مستوى متصرفية جبل لبنان.
تشكّلت متصرّفية جبل لبنان من الأقضية التالية: الشوف، البترون، المتن، جزين، كسروان، زحلة، الكورة، كما وقصبة دير القمر. بينما تشكّل قضاء كسروان من النواحي التالية: جبيل، جبيل عليا، منيطره، فتوح، جونيه، زوق، غوسطا، جرد كسروان، كما وقصبة غزير.
أمّا من حيث المتغيرات الاقتصادية، وحسب سالنامة متصرفية جبل لبنان ١٣٠٦ ه - ١٨٨٨ م، ففي قضاء كسروان ٨٥٠ دكان و ١٤٣ معصرة زيت و ٤٦٩ دولاب حرير، بينما في ناحية جبيل ١١٠ دكاكين و ٣ معاصر زيت و ٤٨ دولاب حرير. وهذا ما يجعل قضاء كسروان في موقع متقدّم اقتصادياً بالنسبة للمتصرفية، وناحية جبيل في موقع جيّد اقتصادياً بالنسبة للقضاء.
وبالنسبة للمتغيرات التربوية الرسمية، فحسب سالنامة متصرفية جبل لبنان ١٣٠٦ ه - ١٨٨٨ م، ففي قضاء كسروان ٣٥ مدرسة (أي ١١٪ كنسبة مئوية)، وفي ناحية جبيل مدرسة واحدة، ولكن تبقى كسروان - جبيل، مركز إشعاع علميّ وثقافيّ، هامّ للغاية، على مستوى المتصرفية، رغم حاجة قضاء كسروان إلى مزيدٍ من المدارس والمؤسسات التربوية وقتذاك.
أمّا بالنسبة للمؤسسات الدينية، وحسب سالنامة متصرفية جبل لبنان ١٣٠٦ ه - ١٨٨٨ م، ففي قضاء كسروان ١١ جامع و١٥٥ كنيسة و٤٢ دير ، وفي ناحية جبيل جامع واحد و٣٠ كنيسة وديران، وهذا ما جعل قضاء كسروان بأكمله، وناحية جبيل، في موقع أرض الحوار والتواصل بين العائلات والطوائف والمذاهب، كما بالنسبة لمتصرفية جبل لبنان المتألّقة على صعيد المنطقة!!
وعلى المستوى الديموغرافيّ، فحسب سالنامة متصرفية جبل لبنان ١٣٠٦ ه - ١٨٨٨ م، فعدد الذكور المكلّفين في قضاء كسروان ١٩٨٤٠ (٨٦٪ موارنة، ٩٪ شيعة، ٣٪ روم أرثوذكس، ١٪ روم كاثوليك، ١٪ سنّة). وقد شكّل موارنة قضاء كسروان ٣٠٪ من موارنة متصرفية جبل لبنان، أي النسبة الأعلى على مستوى الموارنة!! قضاء كسروان ذات الأغلبية المارونية المطلقة، كان في زمن متصرفية جبل لبنان، منارة تلاقٍ وحوارٍ وتواصل شديد الأهميّة!!
وعلى مدى تاريخ لبنان جبلاً شامخاً وكبيراً ساطعاً، تلعب كسروان-جبيل، المحافظة اليوم، الدور المتألق والناصع في إبراز دور لبنان الحضارة والرسالة، على كافة المُستويات!! لجبيل، كما لكسروان، عظمة الماضي وعناد الحاضر وعنفوان المستقبل، ومجد التاريخ!!