جـنـبلاط قارىء التحوّلات يسعى لاستعادة الحوار مـع حزب الله- كمال ذبيان

  • شارك هذا الخبر
Friday, January 22, 2021

يُعرّف عن وليد جنبلاط، بانه قارىء كشخص يتابع ما يصدر من كتب، فيطالعها، وتكون اجمل هدية يقدمها هي كتاب او اكثر، ليزرع المعرفة وهي قوة يوسع بها الثقافة، ويصنف كسياسي مثقف، وهذا ارث حمله من والده الشهيد كمال جنبلاط الذي كان الكتاب رفيقه.

وقراءة رئىس الحزب التقدمي الاشتراكي ليست هواية او اكاديمية فقط، بل هو قارىء للتحولات الدولية والاقليمية، ومحلل لها، ويربطها بالواقع السياسي الداخلي، لذلك تكون مواقفه، كما مواقعه، هي وفق ما يرصد على الصعيد السياسي والاستراتيجي، وفي رسم الخرائط، ودرس المشاريع، فاتسمت سياسته بالواقعية، و«البراغماتية»، متبعاً اسلوب المصالح في السياسة فعدو الامس، صديق اليوم، والعكس عنده صحيح، وهذا ما هو عليه جنبلاط الموصوف بـ«المتقلب»، الذي لديه الجرأة بان يعلن بانه اخطأ، او ان تقديره لوضع متين لم يكن على صواب، فيعتذر ويتراجع، وقد حفلت مسيرته السياسية والحزبية، على مدى حوالى نصف قرن منذ ان ورث «الزعامة الجنبلاطية»، بعد اغتيال والده، بانه يعمل وفق مصلحته، وحاول في مراحل كثيرة، ان يعاكس ويخاصم، ثم يعود فيحالف ويعتذر.

في هذه المقدمة، لما هو جنبلاط الشخص والسياسي، للدخول على معلومات تتحدث عن ان «البيك»، الذي حمل مؤخراً على حزب الله من باب «مؤسسة القرض الحسن»، واعتبرها «نظام مصرفي» اقامه الحزب لبيئته، في وقت يئن اللبنانيون من القطاع المصرفي اللبناني الذي لم يحافظ على مال المودعين لديه، وتسبب بازمة نقدية، وهدد نفسه بالانهيار.

فحملة جنبلاط على حزب الله ومن ورائه ايران، لاقت رداً في كلمة اخيرة للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، دون ان يسمي جنبلاط نفسه، لانه لم يكن لوحده، بل شاركه فيها سياسيون واعلاميون، مناهضون للحزب، الذي رأت قيادته، بان الهجوم على مؤسسته المالية، التي انشأها منذ العام 1984، تاريخ ظهوره، لا تبتعد كثيراً عن ما حصل مع «شبكة الاتصالات السلكية»، التي كان رئىس الاشتراكي رأس حربة وراءها، وادت الى حصول احداث 7 ايار 2008، واعترف جنبلاط نفسه بان تقديره كان خطأ، كما في هجومه على جهاز امن المطار الذي كان قائده العميد وفيق شقير، وتساهله مع حزب الله، في السيطرة على مرفق حيوي.

وليس في وارد جنبلاط، ان يعيد الزمن الى الوراء، فهو لم يقصد بموقفه من «القرض الحسن»، ان يعود التوتر مع حزب الله، الذي كان على حوار معه لسنوات رعاه الرئىس نبيه بري، وشكلت لجنة من حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي، كانت تلتقي دائماً سواء في عين التينة، او بشكل ثنائي، وبات رئىس لجنة الامن والارتباط في حزب الله وفيق صفا، زائراً دائماً لكليمنصو، كما ان النائب اكرم شهيب كان على تواصل دائم مع صفا وقيادات اخرى من الحزب، كما نوابه في «كتلة الوفاء للمقاومة».

ويبدو ان قراءة جنبلاط الجيوـ سياسية، دفعته والتحولات المنتظرة من الادارة الاميركية الجديدة برئاسة جو بايدن، ثم حصول مصالحة خليجية، في القمة التي عقدت في مدينة العلا السعودية، وحضرتها قطر التي كان الحصار مفروضاً عليها من السعودية والامارات والبحرين ومصر، فان هذه التطورات دفعت بزعيم المختارة الى فرملة مواقفه، وتخفيف حدة تصريحاته، في لحظة سياسية دولية واقليمية، فقرر ان يجلس على ضفة النهر وعلى تلة، يراقب المشهد الخارجي، وما سينعكس على لبنان، في ظل ازمة سياسية ودستورية، تؤخر تشكيل الحكومة، مما فاقم من الوضع المال والنقدي والاقتصادي والاجتماعي، اذ يحذر جنبلاط من مرحلة قاتمة على لبنان، ويستعجل من الرئىسين ميشال عون وسعد الحريري، الاتفاق على تشكيل الحكومة، لان استمرار الخلاف بينهما، يؤثر سلباً على الوضع الداخلي، وقد يهز الاستقرار بانفجار شعبي، جراء زيادة الفقر والجوع والبطالة.

من هنا، فان جنبلاط المتموضع في الوسط منذ سنوات، يرغب في ان يعود الحوار بين حزبه وحزب الله، في زمن التحولات، فراسل صديقاً له، عبر كتاب هدية، فقرأها هذا الصديق، الذي لم يكن على اتفاق او خلاف دائم، مع جنبلاط، الذي سأل ايضاً عين التينة، استعادة الحوار مع حزب الله، لان الظرف الدقيق، والمقلق، ما يفرض تضافر الجهود لمنع انزلاق لبنان الى مزيد من الانهيار، وتحول ساحته الى صراع خارجي عليها، لكن الاولويات الدولية والاقليمية ليست للبنان، الا من باب المصالح.

يتم قراءة الآن