خاص - الفرق بين رؤساء الاحزاب المسيحية... وبين ابو عبدالله الصغير ؟ سيمون ابو فاضل

  • شارك هذا الخبر
Friday, January 22, 2021

خاص - الكلمة أونلاين

استوقفتني تدوينة للصحافي الصديق بيار عطالله على صفحته، يتساءل فيها عن الدور الاجتماعي للاحزاب والفعاليات المسيحية في ضوء هذه الازمة المتفاقمة على أكثر من صعيد.

فما دوّنه الزميل بيار عطالله، يتردد ويتوسع بقوة داخل البيئة المسيحية على تنوع اتجاهاتها نتيجة الوجع الذي تعانيه، وهو امر يدفع للكتابة عن هذا الواقع المسيحي المتردي نتيجة تصرفات القيميين الرسميين والسياسيين ،الذين أوصلوا لبنان والمسيحيين الى ما هو عليه نتيجة فشلهم وحقدهم وانعدام رؤيتهم وعدم تقديم المصلحة اللبنانية وضمنها المسيحية على حساب مصلحتهم وعائلاتهم الذين يعيشون في البذخ الفاحش.

فمعرفتي بالزميل عطالله تعود لأكثر من ثلاثة عقود. فهو المناضل الشريف في صفوف المقاومة المسيحية ،والمنفي الى فرنسا نتيجة ملاحقته تكرارا زمن الوصاية حيث اكمل نضاله هنالك على طريقته، وثم عودته الى لبنان في عداد الطائرة التي استقلت العماد ميشال عون الى بيروت يومها...

أي ان الزميل عطالله نشط وناضل في صفوف القوى المسيحية التي اعتبرها سيادية المنحى ،وتخدم المصلحة اللبنانية وتؤمن حماية للمسيحيين، وهو رغم "نتعاته" العفوية إلا أنه حريص على عدم انتقاد هذه القوى ويحرص لتجنب الكلام عن تقصيرها في الإعلام، وهو الذي تابع مسيرته الوطنية بعد خيباته منها ، عبر التعاون مع رئيس موسسة لابورا الأب طوني خضرا وكذلك تولي منصب نائب رىيس حركة الأرض الى جانب طلال الدويهي . لكن مناداته لهذه القوى بهذا الشكل الوجداني والعلني يعكس مدى الألم الذي يحزّ في نفسه ،على ما هو الأمر مع شريحة واسعة من اللبنانيين المسيحيين الذين هم خارج منظومة الأحزاب التي تجعل من بعض مناصريها عبدة للزعماء الذين يتصرفون وكأنهم من طبيعة "تيوقراطية" مطلوب تمجيدهم ..

لقراءة تدوينة الزميل بيار عطالله:

http://www.alkalimaonline.com/Newsdet.aspx?id=545979

فإذا كانت الملكة "عائشة الحرة" قالت لإبنها الملك ابو عبدالله الصغير وهو يبكي خلال نظرته الى غرناطة بعد هزيمته ومغادرته لها: « ابكِ مثل النساء مُلكاَ مُضاعاً … لمْ تُحافظ عليه مثل الرِّجال»

فان المسؤولين المسيحيين من رسميين ورؤساء أحزاب لم ولن تدمع اعينهم بسبب، ما أوصلوا المسيحيين اليه، وهم يستمرون في التمثيل عليهم وبهم، وذلك نتيجة فقدانهم المسؤولية والحس الإنساني وزحفهم نحو الرئاسة التي دمروها ودمروا لبنان وهجروا المسيحيين للوصول إليها.

فيبدو واضحا ان رئيس الجمهورية القوي، ورؤساء الأحزاب الذين يقبضون على القرار المسيحي ليسوا على مقام التحديات التي تواجه لبنان وهذه الشريحة أيضا، وهم في حالة التخلي عن هذا الدور المسيحي لهذه المجموعة، لأن طموحاتهم الرئاسية تدفعهم للمضي في التنازلات لدخول قصر بعبدا ، و اطلاق شعارات شعبوية لا تتناسب مع تحديات المرحلة فتتوزع بين إعادة الصلاحيات لرئاسة الجمهورية وتقوية القرا المسيحي ، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، او ركوب موجة الحراك المدني ، وكل ذلك لتهربهم من الدور السيادي والمواقف المطلوبة لترجمته ،سيما انها مبادئ وجودية ، هي على عاتق هذه الاحزاب وتاريخها وتضحياتها من شهداء وجرحى ومنفيين ..فتناستها كل على طريقتها مقدمة شعارات شعبوية لتضليل الرأي العام عن المخاطر الأساسية -الوجودية .

ان الاحزاب المسيحية تتهرب من دور له صله بعلة وجودها، وبإمكان رؤسائها ان يطمحوا الى رئاسة الجمهورية، لكن من غير الحق هذه التنازلات المهينة اثر السكوت عن ضرب سيادة الدولة وتفوق السلاح غير الشرعي على سلاحها، وليس من الحق ان رتبت ذميتهم خسارة لهم، ان يدفعها المسيحيون ...

قال لي نائب مسيحي توفاه الله شارك في مداولات اتفاق الطاىف، ردا على سؤالي، اذا كان من الممكن الا يخسر المسيحيون ما خسروه في اتفاق الطائف، فأجابني لو كان يومها حاضرا كميل شمعون او سليمان فرنجية او بيار الجميل ا وريمون اده او بشير الجميل، لما كان الامر هكذا ،واضاف لو كانوا هولا لمل كنا شفنا ما حصل في العامين ١٩٨٨و١٩٩٠ ،لان المسيحيون باتوا من دون قيادات تاريخية، وتابع انني جد خائف على مستقبل اللبنانيين والمسيحيين منهم نتيجة من يتولون امرهم و يقررون مصيرهم.

من هنا، فإن ما يدفع للإسترسال في هذا السرد المأساوي المنحى، هو ان ثمة اندفاعة نحو مؤتمر لتعديل النظام الحالي بالذهاب نحو مؤتمر تأسيسي سيكون حكما على حساب المسيحين، حيث يطالب الشريك الشيعي في البلاد بتوازنات ادارية وسياسية جديدة ومراكز نوعية اسوة بحاكمية مصرف لبنان، وقيادة الجيش اللبناني اللذين يتعرضان لحملات منظمة في ظل سكوت مسيحي يقارب المؤامرة، في مقابل تشتت مسيحي وغياب قادة عمالقة يشكلون ضمانة المستقبل ..

وفي المقابل يتمسك بعض رؤساء الأحزاب بالصمت و يدعون الشفافية ومستخفين بالرأي العام والثورة التي دمروها بعدما اعتبروها بديلا عن وجودهم، لكن في مقابل ذلك لم يعمدوا الى خطوات انسانية اجتماعية كأن يقدموا على تأهيل بعض المقرات بأطباء أو فريق عمل وأجهزة لاستقبال مرضى الكورونا في ظل عجز الدولة الفاشلة.

بعيدا عن فشلهم منذ الـ2005 وحتى اليوم،على سبيل المثال، في تأهيل وتجهيز وتوسيع عدة مستشفيات في مناطقهم على غرار ما قام به الفريق الآخر في البلد وذلك تطبيقا للإنماء المتوازن على ما نص الدستور، وعلى ما يشكو عدد من مدراء مستشفيات حكومية ، حيث كانت توزع ميزانية وزارة الصحة على الشكل التالي: نحو 40% على الطائفتين السنية والدرزية و40% للشيعة فيما ترك للجانب المسيحي نسبة 20% فكانت المستشفيات الجامعية في غير مناطق وكانت المستشفيات المتردية في مناطق الاحزاب المسيحية الت ي ترفض المطالبة بتعزيز هذه المستشفيات ،لكون روساء الاحزاب يمارسون الذمية بإظهار ذاتهم مترفعين،. لديهم بعدا وطنيا، وكل ذلك لارضاء الفريق الإسلامي طمعا برئاسة الجمهورية ،في ظل صراع هؤلاء على ما تبقى من المسيحيين في هذا البلد.

والأسوأ من ذلك، أن أيا من هذه القوى التي تملك مقدرات حصلتها أيام الحرب، وأخرى حسنت أوضاعها زمن السلم مع دخولها الوزارات والحكومة والدولة وعقد الصفقات الموصوفة، لم تقدم على أي أعمال اجتماعية لا بل ان بعضه ، يستنجد بعدد من المتمولين لمصاريفهم الحزبية كما ينقل مراسيلهم الى هؤلاء ، او يطلبون الدعم المالي لإرسال مساعدات غذائية لم تصل الى المحازبين والمواطنين الذين شحدت قياداتهم على اسمهم وواقعهم ..بل هي قادرة ان تستثمرهم ، وان تبيع هولاءالمحازبين أصواتا عند الاستحقاقات النيابية والبلدية.

إن رؤساء الاحزاب ، فشلوا في التحضير لليوم الأسود، رغم كل المؤشرات التي كانت تدل منذ سنوات عن تحديات ديموغرافية واجتماعية، فلم يقدموا على تأسيس اي موسسأت إنمائية واجتماعية تعزز الحضور المسيحي وتمنع الهجرة القاهرة، بل كل ما أرادوه هو استعمال واقعهم الحزبي أوراق اعتماد لدى حزب الله ،كل وفق طريقته وشعاراته المتقدمة ..



هؤلاء يبقى أمامهم مخرجا وحلا وحيدا لاستدراك الانهيار المشاركين به ،من خلال الالتفاف حول بكركي ،التي تقول ما لم يعد باستطاعتهم قوله نتيجة التزاماتهم العلنية والباطنية عبر مواقف واضحة ،لان التلاعب بهم بات مكشوفا ولا يريدون ان يصدقوا ذلك، اقله بكركي تنقذ ما جنته أيديهم وتحافظ على ما تبقى استباقا للتفريط الذي يقدمون عليه دون ان ترف جفونهم ...