د. إيلي جرجي الياس - تاريخ المخدّرات، أسرار وخبايا!!

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, January 20, 2021

تُعدّ المخدّرات من أكثر المؤثّرات السلبية على الحياة البشرية، فعادةً ما يؤدّي استعمالها وانتشارها وترويجها إلى نتائج كارثية على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والصحية.... ولكن هل للمخدّرات تاريخ؟ يقيناً، نعم!! انطلاقاً من أنّ لكلّ مجال على سطح الأرض، تاريخاً محدّداً.... وما علاقة التجربة النازية بهذا التاريخ؟ علاقة غامضة لا بدّ من الكشف عن تفاصيلها وأسرارها....
في مفهوم المجال المستقبليّ للسياسات النازية، إذا تمّت الهزيمة النازية في ختام الحرب العالمية الثانية، وهذا ما حدث بالفعل، أميركا الجنوبية احتمالاً رئيسياً كمستقرّ للنازيين الهاربين والناجين، وما أكثرهم!! وقد وثّقت ذلك في كتابيّ: أدولف هتلر وإيفا براون من برلين الى الأرجنتين حب أقوى من الحرب، دار سائر المشرق، آذار ٢٠١٩، والدولة النازية في أميركا الجنوبية مفاجأت هائلة في الأشهر الأخيرة للحرب العالمية الثانية، دار سائر المشرق، آذار ٢٠٢٠. أمّا وكيف السبيل إلى الاستفادة من الأموال والمسروقات الفنية والذهبية النازية المتنقلة من سويسرا إلى أميركا الجنوبية ضمن حسابات وهمية ومعقّدة؟ المخدّرات، بمفهوم النازيين، ليست إذاً مجرّد احتمال، بل هي الفرصة الرئيسية والأكيدة!!
وعلى سبيل المثال لا الحصر، يبرز اسم رئيس اتحاد كارتلات المخدّرات في أميركا الجنوبية، بابلو إسكوبار.... وليس من الغريب أبداً، في هذا السياق، أن أبدى إسكوبار في أكثر من مُناسبة إعجابه بالفوهرر أدولف هتلر، واعتمد كتابه كفاحي كمرجع اجتماعيّ و سياسيّ له.... ومن المُلفت أيضاً أنّ إسكوبار كان التلميذ النجيب لمجرم الحرب النازيّ الشهير كلاوس باربي، قائد الجيش النازيّ خاطبي الموت في أميركا الجنوبية، بعد الحرب العالمية الثانية. ولا عجب أن يصبح إسكوبار وباربي شريكين في عالمي الجريمة المنظّمة والاتّجار بالمخدّرات عبر العالم، وخصوصاً بين أوروبا وأميركا الجنوبية!!
رسم الفوهرر أدولف هتلر منذ الأيّام البرلينية النازية الأولى أبعاد المشروع النازيّ في أميركا الجنوبية، إذا تمّت الهزيمة النازية في أوروبا.... وواكبت المؤسسة الأمنية الاستخبارية النازية يقيادة الرايخ فوهرر أس أس هاينرايش هملر هذا التوجّه، عبر أفضل الاحتمالات كتحويل الأموال مباشرةً إلى مصارف أرجنتينية وأميركية جنوبية، وصولاً إلى أسوأ الفرص كإنتاج ونشر المخدّرات، لاستعمال الأموال النازية بشكلٍ مدروس وغير مُباشر!!
وفي هذا السياق البحثيّ، لا بدّ من الإضاءة على أهميّة الكشف مستقبلاً عن جوانب سرّية في مذكّرات الجنرال الألمانيّ الأميركيّ الاستخباريّ الخطير راينهارد غيهلن، وإيجاد المذكّرات الخاصّة بأمين سرّ الفوهرر مارتن بورمان المنتقل معه من برلين الى الأرجنتين، لمعرفة مزيد من المعلومات حول الخطط السرّية للنازيين المتعلّقة بمجال المخدّرات في أميركا الجنوبية بعد الحرب العالمية الثانية!!
ولا بدّ من مراجعة الملاحقات والمحاكمات والملاحظات حول ملفي الجنرال الألمانيّ النازيّ كلاوس باربي والذي حوكم أخيراً في فرنسا، ورئيس اتحاد كارتلات المخدّرات في أميركا الجنوبية بابلو إسكوبار، فالهدف الرئيسيّ كان التعقّبات المالية والإجرامية بحقّهما، وليس علاقتهما الوثيقة بتاريخ المخدّرات، وخصوصاً في أميركا الجنوبية!!
وكما بالنسبة للحراك النازيّ في أميركا الجنوبية، كذلك بالنسبة لاتحاد كارتلات المخدرات، فقد غضّ الأميركيون الطرف عن انتشار وتوسّع نفوذ هاتين القوّتين، طوال الحرب الباردة، بسبب الحاجة إليهما في مواجهة التمدّد الشيوعيّ واليساريّ في القارة الأميركية!! لذلك يتمّ ملاحظة القضاء على ظاهرتي كلاوس باربي وبابلو إسكوبار على هامش نهاية الحرب الباردة، بعدما ساهما في القضاء على كبار القادة الثوريين في أميركا الجنوبية، وفي مقدّمتهم البطل الأمميّ تشي غيفارا!! ولكن سبق السيف العذل، فنهاية باربي لم تقضِ على طموحات اليمين المُتطرّف العالميّ، ولا نهاية إسكوبار ساهمت في الحدّ من انتشار ظاهرة ترويج وتعاطي المخدّرات، عبر العالم!!
هي المقالة الأولى عن تاريخٍ مجهول هو تاريخ المخدّرات، ولن تكون الأخيرة!! فالبحث العلميّ لا يهدأ ولا يستكين قبل تقديم المسارات الصحيحة والمنطقية للدراسة، وبلوغ الاستناجات النوعية والخلاصات الهادفة!!