خاص- فرنجية يهدد مصير المصالحة مع جعجع .. ويضع نفسه بمواجهة "الانتفاضة" - بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Saturday, December 19, 2020

خاص موقع "الكلمة أونلاين"
بولا أسطيح

بالرغم من المآخذ "الطنانة" للقوى السياسية مجتمعة على "انتفاضة ١٧ تشرين" والمجموعات المنتفضة، حاولت معظمها استيعابها بطريقة او بأخرى متجنبة الى حد بعيد الدخول في اي مواجهة من اي نوع كان معها. حتى ان بعضها حاول التماهي معها وركوب الموجة اما لالقاء عباءة "كلن يعني كلن عنه" اما لتفخيخ التحرك من داخله نظرا للخطورة التي شكلها على المنظومة ككل... لكن ايا من هذه القوى لم يقرر فتح النار على "الانتفاضة" كما فعل رئيس "المردة" سليمان فرنجية الذي ذهب بعيدا لحد التهديد بالتعرض للناشطين في مناطق محسوبة على "المردة" كرد على اي تعرض لمحسوبين على تياره في مناطق اخرى.
قد ينم ما ردده فرنجية اكثر من مرة في هذا المجال خلال اطلالته التلفزيونية الاخيرة عبر برنامج "صار الوقت" عن جرأة في التعبير عما يختلج قلوب ونفوس معظم قوى السلطة، وهي جرأة سلكت طريقها بعد التيقن من انكفاء الناشطين وتلاشي الانتفاضة سواء نتيجة خرقها من قوى السلطة ودخول اكثر من طرف خارجي على خطها، او نتيجة فشل قوى المعارضة بالتوحد وتقديم بديل مقنع لمئات الآلاف الذين ملأوا الساحات في ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩ والايام القليلة التي تلته.
لكن مما لا شك فيه ان خطابا كهذا لا يخدم فرنجية الطامح علنا لرئاسة الجمهورية ٢٠٢٢... فبالرغم من كونه لا دور مباشر للارادة الشعبية في استحقاق الرئاسة الذي يعتمد على نتائج الانتخابات النيابية، الا ان ما لا جدل فيه هو ان اي رئيس مقبل يجب ان يراعي الحالة الشعبية التي تظهرت في ١٧ تشرين، لا ان يعلن الحرب عليها.
اصلا فرنجية لم يقرر بالامس فقط التحدث من دون قفازات، انما قرر اطلاق النار على كل القوى دون استثناء. حتى ان نيرانه طالت حليفه حزب الله الذي لطالما اخذ عليه تبديته الفرقاء الآخرين علي. لكن حصة الاسد كانت، ومن خارج التوقعات، لرئيس "القوات" سمير جعجع. فرغم المصالحة التي تمت بينهما، اصر فرنجية بالامس على التأكيد ان هذه المصالحة لا تعني تغييب وقائع تاريخية، مستعيدا الحديث عن جرائم كثيرة ارتكبها جعجع خلال الحرب لا تسمح له بأن يقود الثورة الفساد. اذا وفي الوقت الذي كان يعتقد البعض ان "القوات" و"المردة" سيسعيان للبناء على المصالحة، يبدو انه يتم العودة بالعلاقة بينهما الى سابق عهدها وما كانت عليه قبل العام ٢٠١٨، ما يؤكد ما تردد بوقتها عن ان تلاقي "العدوين التاريخيين" كان هدفه الاول والاخير الرد على محاولة رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل الاستئثار بالتمثيل المسيحي.
لا يختلف اثنان على ان كل ما ورد في مقابلة فرنجية يندرج باطار استعداده للمعركة الرئاسية المقبلة التي تستدعي برأيه مواصلة المواجهة المفتوحة من دون سقف مع باسيل وعون على حد سواء، اضافة الى فتح المعركة مع جعجع الذي يسوق نفسه مرشحا اساسيا للانتخابات المقبلة. لا يبدو ان فرنجية يعول كثيرا على الكلام الذي يتردد عن ان ما شهده البلد على الصعد كافة بعد ١٧ تشرين يستدعي انتخاب رئيس من خارج نادي "الأقوياء" خاصة وان تجربة اقوى هؤلاء الاقوياء لم تكن مشجعة. هي اعادة تكليف الحريري اعطت زخما من جديد للطبقة الحاكمة التي تتجه على ما يبدو، وباقرار من فرنجية نفسه، لتجاوز استحقاق الانتخابات النيابية وحتى الرئاسية وصولا لمؤتمر تأسيسي حاول تبديد مخاوف المسيحيين منه، وكأنه امر حاصل لا محال.
ولاقت مقابلة فرنجية امتعاضا واسعا في صفوف قوى "الانتفاضة" التي باتت متيقنة من "تحالف كل قوى المنظومة لمواجهة التغيير القادم"، على حد تعبير احد القياديين فيها.
اذا هي المواجهة بين المنظومة الحاكمة والمجموعات الشعبية باتت اشرس من اي وقت مضى. فكلا الطرفين نزع القفازات وآن وقت الكباش المباشر الذي سيتواصل حتى موهد الانتخابات المقبلة.