خاص- حرب البيانات بين بعبدا وبيت الوسط تطيح بآخر الآمال الحكومية..ماكرون للبنانيين: أديت قسطي للعلى!- بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, December 15, 2020

بولا أسطيح
خاص "الكلمة أونلاين"

يبدو اليوم المشهد اللبناني بكليته أوضح من أي وقت مضى. فالضبابية التي أحاطت به الاسبوع الماضي مع تعويل البعض على خرق حكومي، انقشعت تماما مطلع الاسبوع الحالي، لترسو الامور على واقع مرير جدا وعلى سلسلة من الازمات تهدد مجتمعة ما تبقى من اساسات الهيكل اللبناني. ازمة حكومية مفتوحة من دون سقف زمني، ازمة تتفاعل على خط بيت الوسط- بعبدا، أزمة قضائية على خلفية رفض رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب وعدد من الوزراء المثول امام القاضي فادي صوان، والاهم ازمة مالية- اقتصادية-اجتماعية قد تقلب الطاولة على رؤوس الجميع.
اولا على صعيد الحكومة، فقد دخلت عملية التأليف بحسب المعطيات نفقا طويلا مع حرب البيانات بين قصر بعبدا وبيت الوسط. فبعد شهر ونصف على تمسك الطرفين بسرية المداولات واصرارهما على عدم تسريب النقاط الخلافية الى العلن اعتقادا انهما بذلك يمنعان تفاقمها ما يؤدي لاحراق الطبخة الحكومية، قرر عون والحريري على حد سواء وضع كل اوراقهما على الطاولة غير آبهين بالنتائج. ففصل الحريري في بيان صادر عن مكتبه الاعلامي آخر ما آلت اليه المداولات قبل ان يصدر عن بعبدا بيان مضاد مطول يسرد المسار الحكومي من وجهة نظر عون، ليتبين ان الرئيسين يتبادلان اتهامات التعطيل وان الهوة بينهما كبيرة لا يمكن ردمها بتنازل منها او آخر من هناك، باعتبارها تقوم على خلاف على اسس الحكومة الواجب تشكيلها، وهو خلاف كان يدرك عون انه واقع لا محال لذلك حاول عشية الجلسة التي حددها بوقتها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لتكليف رئيس لتشكيل الحكومة ثني النواب عن توكيل الحريري بالمهمة من دون ان يلقى آذانا صاغية. وبالمحصلة، فان اي خرق حكومي لن يحصل اقله قبل عيدي الميلاد ورأس السنة، ومن يعول على الزيارة المرتقبة الاسبوع المقبل للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان، ستخيب ظنونه كما خابت ظنون ماكرون نفسه، الذي يجد نفسه مضطرا للقيام بزيارة وعد بها، بات محسوما بحسب المعطيات ان هدفها الاساسي التواجد مع القوات الفرنسية العاملة في اليونيفل عشية الاعياد، من دون ان يقوم بأي جهد يذكر حكوميا بعدما رفع راية الاستسلام. وهو سيتوجه للبنانيين بكلمة مفادها: أديت قسطي للعلى، وكان الله معكم في الطريق السريع الى جهنم! وليس أدل على الاستسلام والاستياء الفرنسي اكثر مما ورد على لسان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي شبه الانهيار السياسي والاقتصادي في لبنان بغرق سفينة "تايتنك" لكن من دون موسيقى.
هذا على صعيد الحكومة والازمة السياسية المفتوحة، لكن الاخطر هو ما يحصل على صعيد القضاء وعلى الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. فان قرار حسان دياب وباقي الوزراء الذي ادعى عليهم القاضي صوان عدم المثول امامه يضع البلد ككل امام اخطر استحقاق في تاريخه الحديث، من منطلق ان اي مدعى عليه اليوم قد يقدم على المثل رافضا المثول امام القضاء الذي سوى البعض للاسف هيبته بالارض ما يفتح الباب على جهنم حقيقية في بلد فقد آخر حصونه وباتت العدالة فيه وجهة نظر. وفي هذا المجال، تؤكد المعطيات ان القاضي صوان ليس بصدد التنحي بل سيستكمل المواجهة وفي يديه اكثر من ورقة قانونية سيلعبها في الآتي من الايام في حال اصرار دياب والوزراء على التمرد، على ان يواصل ادعاءاته على وزراء ورؤساء حكومات آخرين.
وعلى وقع الازمتين السياسية والقضائية تتفاعل الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية بغياب اي حلول جدية، وتركيز البحث بحلول ل"الترقيع" واطالة امد السقوط الحر وتأخير الارتطام الحاصل قريبا لا محال. ووفق المعلومات سيكون اللبنانيون قبل نهاية العام مع اجراءات عملية لترشيد الدعم وصولا لامكانية وقفه تماما في الاشهر ال٣ الاولى من عام ٢٠٢١ في حال بقيت الاوضاع على ما هي عليه.
اذا جاء وقت شد الاحزمة، فسرعة السقوط الحر بلغت اعلى مستوياتها، على امل الا يقترن كل ما سبق ما تدهور الاوضاع الامنية في ظل تكاثر المعطيات عن عمليات اغتيال تلوح بالافق دفعت اكثر من مسؤول سياسي وامني وقضائي لتشديد جراءات الحماية وتقليص تتقلاته قدر الامكان.