خاص - "استفاقة الموت" الحكومية، هل تقابلها صحوة في الشارع؟ - ديامان رحمة جعجع

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, December 9, 2020

ديامان رحمة جعجع - خاص موقع الكلمة أونلاين

أمام محدودية الأفاق، وانحسار الخيارات، في ظلّ وضع سياسي متشابك وشائك وانهيار اقتصادي حتمي، لا بدّ من الالتفات نحو الشارع الذي يحمل التراجع في حركته أسئلة مشروعة عن دوره وامكانياته وأسرار تحركه.

من دون الاضطرار الى التفصيل في دقة وأهمية الدور الذي أدّاه الحراك الشعبي في ما عُرف بثورة ١٧ تشرين، لا بدّ من الإلتفات الى خلفيات الانكفاء الذي تلاه، وسط تنامي الأزمات اللاحقة بالوضع الحياتي اليومي للمواطن.
يعزو البعض هذا الانكفاء الى غياب رؤية موحدة لأركان الحراك حول اولوياته واهدافه ومضامينه، اضافة الى عدم تمكن الشارع الشعبي من إفراز قادة بخامة تحاكي حجم الأزمة لتتمكن من العبور الى مرحلة المواجهة السياسية مع أركان سلطة لها باع طويل في التمسك بمصالحها والتمادي في فسادها على عينك يا معارض.
ولا بدّ من الاشارة الى أن الرفض الذي واجهه الجمهور العريض للأحزاب السيادية من شركائهم المفترضين في الهمّ والجوع، كان سببا رئيسيا إضافيا في تراجع حجم التحركات الشعبية.

ليس من قبيل جلد الحراك أو التقليل من فعاليته، انما في سبيل تحليل الصورة، لا بد من
قراءة موضوعية لتراجعه، كي يتمكن في لحظة ما من التحول من انتفاضة محدودة الى ثورة فعلية.
ما حصل فعلا في ١٧ تشرين والمرحلة القصيرة التي تلته، كان فيه الكثير من الاحتجاج والاعتراض والغضب، وهذه بعض قليل من أركان الثورة الحقيقية.
كنا، ولا نزال، امام نوع من الاستسهال في مواجهة الكمّ المُذهل من تمادي أهل الحكم في فسادهم وشرّهم.
لم تتمكن حركة الشارع من صياغة مشروع مواجهة او تغيير جدّي،
لم تنجح محاولة اسقاط السلطة، ولم يحصل انتاج مشروع، حتى ورقيّ، نقيض للواقع السياسي الذي انتج السلطة الحالية.
كان الحراك أمام فرصة تاريخية لايجاد مشروع تغييري يستند الى افكار في المجتمع والسياسة والحكم، لكنه وجد نفسه مشرذما، متناولا الأشخاص لا المبادئ، مستنداً، الى لحظة عاطفية ، وليس الى أفكار يمكن صياغتها في مشروع بديل بمواجهة الوضع القائم.
وليس من المبالغة القول، ان أحد أهم أسباب انكفاء الحراك، انه لم يُشِر بوضوح الى مكمن العلة،
وهو أن الانحدار الأقتصادي السياسي، الأمني الخطر الذي يعيشه لبنان، ناتج بشكل رئيسي عن غياب السيادة بأبرز التجليات: دويلة داخل الدولة.
ما يجري منذ ما قبل ١٧ تشرين الى اليوم هو الانحراف السياسي الذكي الذي يقوده حزب الله في هذا الاتجاه.
هنا يلاحظ مصدر سياسي بارز ان "الحزب عاد لينجح من جديد بحرف الانظار عنه، بعد مدة غير قليلة من انكشافه امام الرأي العام، وذلك لان الدعاية التي يقودها بالتعاون مع مجموعات يسارية ضمن "الثورة" ومع بعض وسائل اعلام تساهم في التركيز على الواقع المالي والاقتصادي وكأنه السبب علماً انه النتيجة الطبيعية لمجموعة مسببات ابرزها ان لبنان محاصر مالياً بشكلٍ كامل بسبب حزب الله وسياساته ونتيجةً لدوره في الصراع الاميركي- الايراني."

اليوم أمام شح الاموال والمساعدات، ومع انطلاق السلطة في رفع الدعم عن معظم السلع الحياتية والغذائية، هل سيتحرك الشارع على نحو مغاير؟
يؤكد المصدر ذاته، "ان الشارع اذا تحرّك سوف يتحرك بطريقة غير مجدية وضد اهداف غير واقعية كمنزل وزير الاقتصاد، او وزارة الداخلية، السرايا او سواها".
أما الى اي مدى يمكن ان تخرج الامور عن السيطرة؟ يجيب المصدر "يمكن، انما ايضا بشكل محدود، كما حصل في ١٧ تشرين حينما كان يفترض بالتظاهر ان يتوجه ضد رياض سلامة من قبل حزب الله والتيار فاذا به ينقلب ضد حزب الله وجبران باسيل الى حدود تخصيصه بنشيد الثورة؟"
الاخطر يتابع المصدر "في حركة الشارع هذه المرة، رائحة الدم والصدامات القوية تفوح وتلوح في افق المشهد الميلادي، والذي تحاول السلطة تحاشيه او تأجيله الى السنة المقبلة لا اكثر."
ما الذي يمكن ان يصنع فرقاً؟ "عامل واحد، هو تأليف حكومة وفق الاجندة الفرنسية، وباسرع وقت قبل ان تفقد فرنسا ما تبقى من قدرتها على المناورة المنفردة" يختم المصدر.

وبعد ، إزاء هذه الواقعية السياسية، هل يبقى مكان لصوت الناس، او دور يمكن ان يلعبه الشارع المكسور الجناح؟
هل تلعب الأحزاب "المُعارضة" دورا في تحمية الشارع ، وتتحمل مسؤوليتها في "الكَيّ" كعلاج أخير؟