خاص- ملهاة التدقيق الجنائي لبنان "شحّاد ومشارط".. - ديامان رحمه جعجع

  • شارك هذا الخبر
Monday, November 30, 2020

ديامان رحمه جعجع

أجمع الأفرقاء السياسيون في لبنان على التهليل للتوصية الصادرة عن مجلس النواب اللبناني ، على شكل قرار، جواباً على رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في هذا الشأن. التمحيص في هذه المسألة يشير بشكل لا لبس فيه أن المسألة، على أهميتها، لا تعدو كونها شكلية، استعراضية، نافعة للإستثمار السياسي بعيداًعن القانون.

اولاً في الشكل، جاءت التوصية هزيلة، هجينة بمضمونها وبحجمها ، الذي لم يتجاوز الأسطر، وكأنها سعي بسيط لإبداء حسن النية، أراده رئيس مجلس النواب نبيه بري، جرياً على عادته، تبرئة ذمة له وللمجلس إزاء أي مراجعة محلية او دولية في هذا الشأن.
مصدر قانوني خاص اعتبر ان قرار البرلمان ليس عملاً قانونياً تشريعياً، بل موقف سياسي محدود المفاعيل، فبحسب تراتبية القواعد الالزامية، القرار النيابي، لا يلغي القانون، قانون السرية المصرفية وقانون النقد والتسليف اللذين يعيقا عمل التدقيق الجنائي في الحسابات لدى مصرف لبنان، وهو الباب الذي امتنع من خلاله حاكم المصرف رياض سلامة عن تسليم البيانات المطلوبة كافة، ما حمل شركة "الفاريز اند مارسال"على الانسحاب من العقد الموقّع مع الحكومة اللبنانية.
ويسأل المصدر نفسه، اذا كانت النوايا في الأصل سليمة لدى السياسيين، ألم يكن من الأجدى ان تستجيب الحكومات منذ أعوام للضغوط في شأن التدقيق في حسابات مصرف لبنان، وقد كان حزب القوات اللبنانية المبادر الى طرحها عام 2017، مغرّداً خارج سرب الستاتيكو القائم حينها.
وتاليأً اذا كانت رئاسة مجلس النواب جدية ولديها نوايا عملية في محاربة الفساد فلماذا لم تطرح على جدول المجلس اقتراح القانون الذي تقدم به الحزب نفسه في هذا الشأن ، فيصبح التحقيق الجنائي الزامياً، لمزيد من الضغط على الحكومة ومصرف لبنان لتنفيذه، فلا يحتمل التأوبل والجدل حول الزاميته من عدمها؟
ولماذا لم تقدم الأكثرية النيابية اقتراحاً مماثلاً تضمن اقراره، للتعبير عن جدّيتها بدل التلهي بالخصومات الداخلية؟
الجواب في مكان آخر حيث يرى برلماني متابع في دهاليز السياسة، ان لا نية لدى اي من أركان السلطة السير في التدقيق كخطوة اولى على مسار الإصلاح ومحاربة الفساد وكشف مكامن الهدر المزمن، فوزير المال غازي وزني فخّخ العقد مع شركة التدقيق الجنائي من خلال ربط التدقيق بالقوانين الموجودة لإيجاد مخرج للمصرف والحكومة معاً.
ويشير البرلماني الى ان الضغوط الشكلية للرئاسة والمجلس فيها من الثغرات القانونية ما يُفرّغ العقد من مضمونه، وان الألغام ستُزرع على طريق اي مهمة في هذا المجال، لأن جميع من في السلطة متوّرطون في ملفاتٍ سواءَ في الإدارات أو في المؤسسات أو في المجالس أوفي الصناديق التي يشملها التدقيق الجنائي. وإليهم ينضم "الحرامية الجُدد" كما يسميهم البرلماني معتبراً أن هؤلاء يربحون بالبروباغندا ويتبنَون قرار المجلس النيابي الأخير بشكل مَسرحي، لأنهم يعلمون ان لا قيمة تنفيذية له عند ساعة الحقيقة.

سواء اتخذت الحكومة المستقيلة او اي حكومة مستقبلية خيار استدعاء شركة التدقيق الدولية نفسها أو أي شركة أخرى، فسيبقى عملها مع السلطة الحالية، بمستوييها، السياسي والمالي، محكوما بالعراقيل. لا يمكن لأي سلطة ان تحاكم نفسها، ولا مجال في المدى المنظور لإنتاج أي سلطة جديدة تدقق بملفات سابقاتها. ويبقى لبنان في هذه الحال أسيراً بين نوايا حكّامه وآمال ابنائه المعلقة بين حافتَي الأمن والجوع،
وبينهما تقف السلطة بكثير من الوقاحة على ابواب المجتمع الدولي ك"شحَّاد ومشارط" جاعلةً من نفسها مضحكةً ومن الشعب محرقة.