خاص - لبنان أمام 4 سيناريوهات بعد انقطاع التواصل بين عون والحريري - بولا اسطيح

  • شارك هذا الخبر
Monday, November 23, 2020

تؤكد آخر المستجدات على صعيد تشكيل الحكومة، ان كل الايجابية التي بدأ الترويج لها منذ اليوم الأول لتكليف سعد الحريري، وبخاصة من قبل عين التينة وقصر بعبدا، لم تمت يوما للواقع بصلة. فرغم دفع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كي يكون التكليف والتأليف سلة واحدة، رضخ لرغبة الاكثرية وعلى رأسها حليفيه حزب الله وحركة "أمل" اللذين سارعا لملاقاة الحريري عند منتصف الطريق فور اعلانه الرغبة بالعودة الى السراي، وان كان الحزب وكعادته فضل عدم اعطائه اصوات نواب كتلته لاعتبارات عدة تخدمه والحريري في آن واحد.
ولم تنفع سياسة التكتم المطلق التي اعتمدها عون والحريري منذ التكليف، في رد "صيبات العين". فان كانا مقتنعين اصلا منذ بداية المشوار ان التأليف ليس سهلا نظرا للتعقيدات الداخلية والخارجية على حد سواء، الا ان كل منهما عول على ان يقدم الآخر والفريق السياسي المحسوب عليه التنازلات المرجوة راضخا للضغط الدولي الذي بلغ ذروته بالعقوبات الاميركية المتتالية والتي طالت أخيرا رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل.
ولعل ابرز ما اعاق ولا يزال يعيق التشكيل، العلاقة بين عون والحريري من جهة وبين الاخير وباسيل، وهي علاقة تفتقد الثقة والتفاهم ما يجعل التوصل الى اتفاق بين ال٣ السابق ذكرهم تحد كبير. وهو ما كان يدركه عون الذي حاول مرارا الاطاحة بتكليف الحريري دون جدوى.
وشكل صعود الرئيس المكلف يوم الاثنين الماضي الى قصر بعبدا حاملا تشكيلة من ١٨ وزيرا تفتقد الاسماء الشيعة والدرزية وتتضمن القسم اكثرية اسماء لوزراء المسيحيين والسنة، نقطة التحول في مسار التأليف، بحيث انقطع التواصل من حينها بين عون والحريري وبات الخلاف والمواجهة مفتوحة بين بعبدا وبيت الوسط، ما يعني اننا مقبلون على سيناريو من اربعة. السيناريو الاول يقول باعتذار الحريري محملا عون وباسيل مسؤولية ما آلت اليه الامور امام المجتمعين المحلي والدولي، وهو سيناريو مستبعد تماما بحسب المعطيات المتوافرة. اما السيناريو الثاني فيتحدث عن توجه الحريري مجددا الى بعبدا هذا الاسبوع او الاسبوع المقبل حاملا تشكيلة حكومية متكاملة تكون حكومة أمر واقع، سيرفض وكما بات محسوما رئيس الجمهورية توقيعها، ليسدد الحريري هدفا في مرمى بعبدا التي ستبدو وكأنها المسؤولة الاولى عن تعطيل تشكيل الحكومة مع ما قد يعنيه ذلك من تصعيد كبير بالعقوبات الاميركية التي لم تعد تلحظ اي خطوط حمر. وقد يبدو السيناريو الثالث وكأنه خارج السياق في هذه المرحلة، اذ يلحظ توصل الفرقاء لتفاهم على قاعدة تقديم تنازلات متبادلة تؤدي لولادة حكومية قيصرية، الا ان التشدد والتصلب اللذين يمكن التماسهما بوضوح لدى الثلاثي عون-باسيل- الحريري، يجعل هذا السيناريو ايضا مستبعدا، وصولا للسيناريو الرابع الذي يبدو الاقرب الى الواقع، ويلحظ تمسك الحريري بورقة تكليفه حتى اتضاح مصير المنطقة والعلاقات الاميركية - الايرانية والاهم سياسة واشنطن الجديدة تجاه لبنان وما اذا كانت ستبقى على ما هي عليه ام ستلحظ مرونة تعيد خلط الاوراق. وبحسب المعلومات، بات الحريري على دراية بأن لا الدول العربية ولا واشنطن سيتساهلان على الاطلاق مع اي حكومة يكون فيها لباسيل وحزب الله كلمة اساسية كما كانت حكومة حسان دياب، ذلك هو يعول اليوم على وصول الطرفان السابق ذكرهما الى قناعة بأن البلد سيبقى مكبلا في حال تمسكهما بمطالبهما التمثيلية وسيسقط الهيكل بنهاية المطاف على رؤوس الجميع، الا اذا قررا اعطائه فرصة بعدما اخذت حكومة محسوبة عليهما مباشرة فرصتها وفشلت.
وبات واضحا ان اشكالية التشكيل لا تنحصر على آلية تسمية الوزراء المسيحيين، باعتبار ان حتى تسمية الوزراء الشيعة لا تبدو محسومة لصالح "الثنائي" خاصة بعد رسائل واضحة بعث بها الاميركيون للحريري.
ويراقب الفرنسيون ما آل اليه المشهد اللبناني بحسرة، في ظل تضارب اجندة باريس مع اجندة واشنطن. فبعد تعويل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على انشغال الولايات المتحدة بانتخاباتها الرئاسية ليتفرغ لترتيب الساحة اللبنانية، باغته الاميركيون واطاحوا بمبادرته وجهوده، وتراه يتخبط في رمال بيروتية متحركة لن يكون من السهل الخروج منها.
بالمحصلة، يشبه البلد اليوم في الذكرى ال٧٧ لاستقلاله عجوزا يلفظ انفاسه الاخيرة، لم يعد ينفع معه التنفس الاصطناعي، وبات بحاجة لمعجزة تنتشله مما هو فيه وتبث بجسده المنهك روحا شبابية تحييه من جديد..فهل نجد من يتضرع لمعجزة في مجتمع نهشه اليأس والاستسلام والاحباط؟!

بولا أسطيح