زياد عيتاني - عون يخرج أرنبه الأخير.. الاستراتيجية الدفاعية أولاً

  • شارك هذا الخبر
Sunday, October 25, 2020

أساس ميديا

ما لم يقله الرئيس عون في كلمته يوم الأربعاء الفائت، قاله في الدردشة التي تلت هذه الكلمة مع الإعلاميين المعتمدين في القصر الجمهوري بعد تشكيل الحكومة حيث قال: "سأدعو إلى جلسة لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية وقضايا أخرى"؟

كلمة الرئيس عون، ثم دردشته مع الإعلاميين لا يمكن تجاوزها أو النظر إليها كحدث عابر.

... كان الأجدى بالمكتب الإعلامي في القصر الجمهوري أن يقول إنّ للرئيس العماد ميشال عون كلمة يوجّهها لحليفه الذي أوصله إلى كرسي الرئاسة، أي حزب الله، عوضاً عن الإعلان أنّ الرئيس ميشال عون سوف يوجّه كلمة للبنانيين.

... في كلّ جملة نطق بها الرئيس ميشال عون في الكلمة التي بثّتها القنوات التلفزيونية كافة، كان المُخاطَب فيها هو حزب الله، وإن استعمل الرئيس مصطلح "أيها اللبنانيون" أو أنه يتوجّه إلى الشعب اللبناني ونواب الأمة. فهو المدرك لا بل الملتمس بأن صاحب الحلّ والعقد في هذا الوطن، هو حزب الله أولاً وحزب الله أخيراً، فلا استحقاق يمرّ بدون موافقة الحزب، ولا انتخاب يحصل من دون موافقة الحزب، ولا رئيس حكومة يُكلَف أو يُشكّل إن لم يكن الحزب قد وافق مسبقاً عليه أو على تشكيله.

ألم تكن الأكثرية النيابية قبل أربع سنوات ترفض انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ووحده حزب الله طبعاً مع العماد عون عكس هذه الرغبة العارمة عند النواب. وما حصل في النهاية أنّ المجلس الرافض بدّل موقفه نزولاً عند سطوة حزب الله وانتخب العماد عون رئيساً للجمهورية. وكذلك حصل عند إقرار قانون الانتخاب، وكذلك حصل عند تشكيل حكومة حسان دياب. وكذلك أيضاً حصل عند إعلان اتفاق الإطار مع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية.

من المنطق والواقعية أن يتوجّه الرئيس ميشال عون بخطابه إلى حزب الله وحده دون غيره، من كافة القوى السياسية الحليفة أو من يتموضع بموقع الخصومة.

مع التأكيد على المتكلّم، أي الرئيس ميشال عون، والمخاطَب أي حزب الله، فإن كلمة الرئيس لم تغادر المصطلحات المعتادة، ليس للرئيس وحده بل لكلّ تياره وزراء ونواباً وكوادر. فالعنوان الأبرز دائماً وأبداً عندما يلفح اللون البرتقالي أيّ تصريح هو: "ما خلّوني أعمل". وهكذا فعل الرئيس عون فقال: ".... بعدم تمكيني من أيّ مشروع إصلاحي بمجرّد أنه نابع من اقتناعي ونهجي".

وإن أردنا الإنصاف، فإن جديداً واحداً حملته كلمة الرئيس، وهو الإقرار بأن "المنطقة تشهد تغييرات سياسية كثيرة وعميقة بفعل عوامل إقليمية ودولية" إلا أنّ هذا الإقرار لم يُترجم، ولن يترجم في كلّ مسالك العهد السياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي.

- فأين الشعور بهذه التغييرات الدولية، وما زال الناشطون يُستدعَون ويُعتقلون لأنّهم انتقدوا رئيس الجمهورية؟

- أين الاحساس بهذه التحوّلات الكبرى، ونحن نرفض السير باستقلالية القضاء، ونرفض توقيع مرسوم التشكيلات القضائية؟

- أين تفاعلنا مع هذه التغييرات الكبرى، ونحن نتلهّى بالقضايا الصغرى كحرّاس الأحراج أو نتائج انتخابات مجلس الخدمة المدنية؟

- أين رهبتنا تجاه الزلزال الذي يضرب المنطقة ونحن نرى العدالة محصورة بوجود غادة عون رغم كلّ الاعتراضات القضائية والسياسية والثورية حول سلوكها؟

قد يكون الرئيس ميشال عون محقّاً لا بل من المؤكد أنّه محق في الكثير مما تكلّم وأعلن عنه، لكن وكما يقول ذلك الإعلان القديم "هلّأ جايي تحكي بالليسترين؟". فما أعلن لا ينفع بعد أربع سنوات من حكم ومن عهد، كان برأسين، الأول معلن والثاني في أكثر علناً كما قال الرئيس نبيه بري عشية الانتخابات الرئاسية: "نحن سننتخب رئيسين، واحد معلن وآخر في الظلّ".

لقد كان الرئيس عون في خطابه أشبه بناشط في إحدى مجموعات الثورة، يحمل علماً أو يافطة كُتب عليها: "كلّن يعني كلّن، إلا أنا وصهري جبران لسنا منهم".