خاص- عون يتحضر لمعركة كسر عضم مع الحريري: عليّ وعلى أعدائي!- بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Thursday, October 22, 2020

خاص- الكلمة أونلاين
بولا أسطيح

قد يبدو لغير المدقق بالكلمة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للبنانيين عشية الاستشارات النيابية لتسمية رئيس حكومة أنها بالشكل وببعض المضمون تشبه الكثير غيرها من الكلمات من حيث القاء عون المسؤوليات عن كاهله ليقول للمواطنين مرة جديدة ان "دستور الطائف" لم يبق له من الصلاحيات ما يتيح له ان يكون فاعلا في ملفات اساسية تساهم في نهضة البلد، بمحاولة منه لاستيعاب الحملة الشرسة التي تشن على العهد والتي تهدف لتصويره مقصرا وفاشلا. الا أن القارىء والمستمع المتنبه لما ورد على لسان رئيس الجمهورية يدرك تماما ان الأخير رسم بوضوح ملامح المرحلة المقبلة وبخاصة مرحلة تشكيل الحكومة التي تلي عملية تكليف رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري التي ستتم يوم غد الخميس.

عون الذي أقر بعدم قدرته دستوريا على مواجهة تكليف الحريري، عبّر صراحة عن عدم رغبته بعودته الى السراي. فما يتيحه له الدستور، اي تأجيل الاستشارات، نفذه من دون تردد الأسبوع الماضي ليجد "تسونامي" داخلي – اقليمي ودولي بمواجهته، جعله يحسم امره هذا الاسبوع بالابقاء على الموعد الجديد المحدد. وبالرغم من ذلك لم يستسلم، فحاول استنفاذ كل الخيارات والسبل ولعب آخر الاوراق لمواجهة تكليف الحريري، فناشد النواب باسم المصلحة اللبنانية العليا تحكيم ضميرهم الوطني وحس المسؤولية لديهم تجاه شعبهم ووطنهم، وان كان يعلم مسبقا انها مناشدة ستذهب أدراج الريح بعدما باتت عملية التكليف محسومة بأكثر من 57 صوتا.

الا أن ما قبل التكليف شيء وما بعده شيء آخر تماما بالسنبة لـ"بعبدا". قالها عون بطريقة او بأخرى: "اذا كان التكليف خارج ارادتي فالتشكيل مفتاحه بين يدي ولن أتنازل عنه ايا تكن الظروف...وعليّ وعلى أعدائي". اذا، ورغم هول الانهيارات التي تشهدها البلاد والتي تهدد بانحدار 70 بالمئة من اللبنانيين الى ما دون خط الفقر بعد انحدار نصفهم العام الفائت، رغم موت المرضى على ابواب المستشفيات والصيدليات في ظل قطاع طبي يتداعى، رغم دمار نصف العاصمة بانفجار المرفأ وبلوغ نسب البطالة مستويات خيالية، ورغم الف كارثة يرزح تحتها اللبنانيون، رغم كل ذلك يبدو اننا مقبلون على معارك كسر عضم في عملية تشكيل الحكومة من المرجح ان تتخذ اشكالا شتى. فهي وان انطلقت على شكل مواجهة عونية – حريرية، فلا شك ستمر بمواجهة سنية – شيعية يتخللهما مواجهات طائفية ومذهبية وحزبية شتى.

وفي هذا المجال، تقول مصادر مطلعة على الحراك الحاصل لتشكيل الحكومة ان "المعطيات الراهنة سلبية ولا تبشر بالخير. فالرئيس عون بدا حاسما لجهة انه لن يتنازل عن صلاحية التوقيع على تشكيلة حكومية يشارك بوضعها. والارجح انه حاول ضمان عدم تضييع المزيد من الوقت، من خلال حثّ الحريري على عدم تكرار تجربة مصطفى أديب الذي كان واضحا انه كان يستعد لاعداد تشكيلة حكومية، تكون أشبه بتشكيلة أمر واقع تُفرض على الرئيس، فاما يوافق عليها رغم عدم اقتناعه بها او يرفضها ويتحمل التبعات على المستوى الشعبي او الاقليمي والدولي". وتضيف المصادر لـ"الكلمة اونلاين":"لم يعد خافيا على احد ان الرئيس عون لم يعد لديه ما يخسره، فهو خسر عهده، وهل هناك بعد ما هو أثمن بالنسبة اليه ليخسره؟! من هنا فهو لن يقبل بتمرير حكومة لا تكون له فيها كلمة اساسية من منطلق انها يفترض أن تواكب ما تبقى من العهد والاهم ان تشرف على انتخابات نيابية تؤدي لقيام مجلس نيابي سيكون عليه ان ينتخب رئيسا جديدا للبلاد.."

ولم تأت استفاضة عون بتعداد الملفات والقضايا العالقة والتي أوحى ان "لا حول ولا قوة" له بتحريكها، من عدم. فاصراره على تظهير دور رئاسة الجمهورية "المحجّم" يفتح الباب واسعا لوضع قضية تغيير النظام والتعديلات الدستورية على طاولة البحث خاصة بعدما كان رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل تحدث عن "دستور نتن وعفن لا امكانية للعيش معه". وعن هذا، تقول المصادر:"الوضع برمته غير مطمئن، وقد تحدث عون صراحة عن الموقع والدور الذي يجب ان يقوم به لبنان إزاء التغيّرات والتفاهمات المحوريّة الكبرى، كي لا يكون متلقّياً وغير فاعل فيما نشهده، فيغدو فتات مائدة المصالح والتفاهمات الكبرى..وهذه أسئلة محورية توزاي بأهميتها الاسئلة عن كيفية تأمين الاحتياجات الاساسية للبلد مع تراجع احتياطي مصرف لبنان بالدولار لحدوده الدنيا، ما يعني اننا مقبلون في الاشهر القليلة المقبلة على مفترق طرق سيحدد مسار البلد لسنوات وعقود قادمة خاصة مع انطلاق قطار التطبيع مع اسرائيل".

فأي لبنان يلوح بالافق؟ وهل يتم هذا الانتقال على البارد ام نكون على موعد مع شتاء "ساخن" وحلقات من المواجهات الأمنية التي لم يتحدد شكلها بعد؟