المحامي فؤاد الاسمر- مئة عام على مزرعة التسويات

  • شارك هذا الخبر
Monday, October 19, 2020


المحامي فؤاد الاسمر:

من المتفق عليه علماً ودستوراً ان الدولة تقوم على اركان ثلاثة : ١) الارض اي المساحة الجغرافية التي تنبسط عليها الدولة. ومن اساسيات الارض تحقق عنصر الحدود، بحيث تعتبر الحدود بمثابة الجلد للجسم البشري.
٢) عنصر الشعب وهو لا يتحقق بمجرد وجود اناس يعيشون على بقعة جغرافية معينة بل لا بد وان يؤلف هذا الشعب أمة ترغب بالعيش سوياً وكما يقول ارنست رينان الامة هي الروح التي ترتكز على عنصرين الاول الارث المشترك التاريخي بين افراد هذه الامة، والعنصر الثاني هو الرغبة بالعيش المشترك وتفعيل هذا الارث حاضراً ومستقبلاً بين أفرادها.
٣)وجود مؤسسات حاكمة منظمة قانوناً بحيث لا يكفي وجود أناس ضمن بقعة جغرافية معينة بل لا بد من تنظيم قانوني مؤسساتي يحدد السلطات والمؤسسات الدستورية وكيفية عملها ويفرض هيبتها واحترامها وحصرية، حصرية، سيادتها على الشعب والارض.
فهل الجمهورية اللبنانية تستوفي مواصفات وشروط الدولة؟ بالطبع لا !
فلجهة الارض، ما نزال، رغم انقضاء مئة عام على اعلان دولة لبنان، لا نعرف حدوداً واضحة لها، وبعد مئة عام ما نزال عاجزين عن السيطرة على هذه الحدود او على الأقل ضبطها.
ولجهة الشعب لم يتفق اللبنانيون لغاية تاريخه ما اذا كانوا أمة واحدة ام أمماً متفرقة؟! يتكاذبون الوحدة ويكرسون التفرقة. يتكاذبون لبنانيتهم وهم متشرذمون طائفياً ومذهبياً وعصبياً وتبعياً. يحملون الهوية شكلاً وفي الجوهر الولاء للزعيم والتبعية للخارج.
أما المؤسسات فحدث ولا حرج عن اشكال كرتونية تقبض على سارق بيضة وتنحني لسارق الخزينة. تقتص من مواطن مسالم وتتفرج على عصابات تجتاح المدن والشوارع بسلاحها المتفلت دون حسيب ولا رقيب. مؤسسات يتولاها عديمو مسؤولية مجردين من الصلاحيات الا لناحية الفساد والنهب وسن قوانين على قياسهم واتخام الادارة بزبائنيتهم الجاهلة العمياء عديمة الكفاءة.
خلال المئة عام الاولى على اعلان دولة لبنان الكبير عجزنا عن اقامة دولة تتوافر فيها الحد الادنى من مقومات الدولة. لغاية اليوم لم نعرف الا مزرعة جانبية للشرق الاوسط بتناقضاته وتجاذباته وصراعاته!!!
قرن كامل من الزمن لم نعرف خلاله الا المشاريع المشبوهة وعلى رأسها افقار لبنان واللبنانيين خدمة للتوطين وحفظاً لأمن اسرائيل.
قرن كامل من الزمن سعى العالم بأسره ، وبمساعدة جزء من اللبنانيين، الى ابقاء لبنان مجرد هامش للتسويات على خط الزلازل الامنية والعسكرية للمنطقة.
بعد مئة عام على نكبة ما يسمى "دولة" علينا ان نسأل أنفسنا من جديد عن اي لبنان نريد. وعن الغاية المرجوة من وطن؟ هل اننا فعلاً نريد هذا ال "لبنان" او لبنان آخر مختلف كلياً. هل من شجعان يقررون مصير وطن او سنبقى في مزرعة تحكمها مجموعة خانعين مصلحيين وستبقى تلك المزرعة مجرد هامش لتسويات الخارج ومصالحه على حساب لبنان واللبنانيين؟