د. إيلي جرجي الياس - مُلاحظات ديموغرافية واقتصادية وتاريخية، حول لبنان والشرق الأوسط!!

  • شارك هذا الخبر
Monday, October 19, 2020

أسعدني يوم الأحد ١٨ تشرين الأوّل ٢٠٢٠، أنّي ألقيت مُحاضرة بحثية، أمام مجموعة شبابية جبيلية مثقّفة، في بلدتي الغالية ميفوق، بعنوان: رؤية ديموغرافية واقتصادية في المجالين التاريخيين اللبنانيّ والشرق الأوسطيّ!! مع الأخذ بعين الاعتبار، الوقاية الضرورية، والتباعد الاجتماعيّ، بسبب زمن الكورونا الدقيق، عساه يتبدّد قريباً!!

وإذ أشرت إلى أنّ بلدة ميفوق تُشكّل حقلاً نوعياً لدراسة ديموغرافية مُركّزة عبر التاريخ اللبنانيّ، لما شهدت من أحداث اجتماعية وتغييرات سكانية وتبدّلات ومُراجعات عقارية وعمرانية.... ولأنّ هذه المُحاضرة شاملة، فكان لا بدّ من إيراد مُلاحظات ديموغرافية واقتصادية وتاريخية، هادفة وهامّة، حول لبنان والشرق الأوسط، أبرزها:

- بعد عرض تاريخيّ للتطوّر الديموغرافيّ بالنسبة للمناطق اللبنانية منذ سنة ١٨٠٠ حتّى سنة ٢٠٢٠، كان لا بدّ من الإشارة إلى أولوية إجراء تعداد سكانيّ رسميّ لبنانيّ، تجريه الدولة اللبنانية بالتعاون مع الأمم المتّحدة، لأنّه لا يجوز بعد اليوم، أن يكون آخر تعداد رسميّ لبنانيّ قد حدث سنة ١٩٣٢!!

- كان للحرب العالمية الأولى تداعيات ديموغرافية خطيرة للغاية على لبنان والمنطقة العربية المُجاورة، بسبب الحرب والمجاعة والاضطهاد والحصار وانتشار الأمراض.... ومشروع جمال باشا العنيف للسيطرة المُطلقة على لبنان!!

- غيّرت الحربان العالميتان الأولى والثانية، الخريطة الديموغرافية للعالم.... بينما تبقى تأثيرات فيروس الإنفلونزا الإسبانية ١٩١٨-١٩٢٠ الديموغرافية، أكثر من تأثيرات فيروس الكورونا ٢٠٢٠، على مستوى العالم والمنطقة.... في حين يلعب انتشار الكورونا ادواراً سياسية واجتماعية واقتصادية أكثر تعقيداً.... لعلّ الكورونا ساهمت في منع اندلاع الحرب العالمية الثالثة!!

- يجب التوسّع في دراسة التطورات الاقتصادية والاجتماعية في لبنان بين الاستقلال يوم ٢٢ تشرين الثاني ١٩٤٣ وعام ١٩٧٥، وبعد ذلك حكماً، خصوصاً سلسلة أزمات بنك إنترا التي مهّدت للضائقة الاقتصادية الحالية.

- ثمّة أبعاد سياسية دولية مُتداخلة ومُؤثرة في الأزمة الاقتصادية اللبنانية الحالية، بما يسمح بالإشارة أنّ سبل الخروج من هذه الأزمة لا يزال مُتاحاً، مع ضرورة توفير إدارة مالية لبنانية كفوءة ومُكافحة الفساد، والتعاون الوثيق بين لبنان والمجتمع الدوليّ.

- الأزمة السورية المُمتدّة ٢٠١٠-٢٠٢٠ لها تأثيراتها الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية على سوريا ولبنان، وأوروبا حتّى.... وعلى لبنان الصمود أمام هذه التأثيرات وعدم السماح بأي شكل من اشكال التوطين، لأنّ العاصفة وإن كانت في طور التمدّد، فلا بدّ أن تتبدّد في المدى المنظور!!

- بالإضافة إلى أهمية التغيير، والحاجة إلى الإصلاح، وضرورة الثورة الإيجابية، فلا بدّ من التدقيق ورصد التدخلات الاستخبارية للدول الكُبرى في لبنان منذ الاستقلال، المُتناسقة والمُتناقضة في أهدافها.... بحيث أنّ الأولوية تبقى لمصلحة لبنان، الوطن والرسالة!!

- التحدّي الأكبر الذي واجهه لبنان في تاريخه الحديث والمُعاصر، على كلّ المُستويات، هو احتلال الكيان الإسرائيليّ الغاصب لقسم من أراضيه، وتبع ذلك مشروع إقامة الوطن الفلسطينيّ البديل في لبنان، والذي أدّى إلى مرحلة صعبة تخطّاها لبنان.... وهو قادر على تخطْي كلّ الصعاب، فكما نجح في تحرير أراضيه، هو قادر على التحرّر من كافة الأزمات والمصاعب!!

- منطقة الشرق الأوسط اليوم، على كافة المُستويات، في خضمّ تغييرات هامّة ولكن لن تكون جذرية.... ومن المُرجّح أن يكون مُستقبل المنطقة إيجابيّاً، على ضوء الاكتشافات النوعية في مجالي الغاز والبترول... وستتكثّف المُفاوضات المُباشرة وغير المُباشرة، لكنّ العين تبقى على فلسطين!!

- عود على بدء: إلى مشروع الدولتين على أرض فلسطين التاريخية.... فللشعب الفلسطينيّ الصامد الحقّ بدولته السيّدة الحُرّة المستقلّة.... وهنا يكمن التحدّي الأكبر بعد زمن الكورونا، أمام المجتمع الدوليّ والدول الكُبرى والأمم المتّحدة والدول العربية ودول المنطقة ومنظّمات السلام كافة: أن تتحوّل منطقة الشرق الأوسط من منطقة الصراعات السياسية والعسكرية والاستخبارية المفتوحة، إلى منطقة للسلام والتعاون والإنجازات الاقتصادية والاجتماعية!!