خاص ــ هكذا تجنّد الخلايا الإرهابية وتجدد نشاطها في لبنان ... هلا الترك

  • شارك هذا الخبر
Monday, September 21, 2020


خاص ــ الكلمة أونلاين


 


هلا الترك


 


لا بد أن جريمة كفتون ذكّرت اللبنانيين بخطر الإرهاب بعد أن كانت الظروف الاقتصادية والاجتماعية قد أخذت المساحة الكبرى من مخاوفهم. إستفاق اللبنانيون على خبر مفاده أن "لبنان لا يتمتع بمناعة من مرض الإرهاب". القوى الأمنية تقوم بمهامها، وتسعى جاهداً لإلقاء القبض على عناصر هذه الخلايا ولكن تبقى جهود المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية يتيمة بدون يدّ لمساعدتها لإستكمال هذا المسار. الإرهاب لا ينتهي بحُجرة إحتجاز بل على العكس قد تتحول هذه الحجرة إلى غرفة عمليات مصغّرة لتأسيس خلايا إرهابية جديدة. 


 


من لعنة النقمة .. إلى الإرهاب.. 


 


تشير كل المعطيات التي درست ملفات المتطرفين – "الإرهابين" إلى قواسم مشتركة، جعلت منهم صيداً ثميناً من قبل "الرؤوس الكبيرة"، سواء كانوا لبنانيين أو لاجئين، اذ على صعيد اللاجئين الفلسطنيين في المخيمات، فلطالما إستفادت العقول المدبرة للأعمال التخريبية من شغف اللاجئ في تحرير أرضه فيبدأ بمسيرته النضالية التي يعتقد أنها ستوصله إلى أرض الأقصى، ليُحبط فيما بعد ويكتشف أنها "لعبة كبيرة" ولكن بعد فوات الأوان وبعد تورطه بملف لا يمكن "تنظيفه" ابداً.


 


أما على صعيد المواطن اللبناني وهو محور هذا المقال، فعلينا أن نرى العوامل الإجتماعية، الإقتصادية والثقافية التي تحوّل مواطن إلى قاتل، ونبدأ بعملية "الردع" من هناك. 


بالطبع ليست صدفة أن تكون الفئة المستهدفة للتجنيد من مناطق محرومة، فالعقول المدبّرة ليست بغافلة عن نقمة الشعب في هذه المناطق وشعورها بالنبذ. وبالحديث عن مناطق محرومة، لا يعني فقط أنها تشهد إنقاطاعاً للتيار الكهربائي وهو وضع كل المناطق اللبنانية إنما هذه المناطق تشهد "الحرمان" بكل ما للكلمة من معنى، وكأن تطور التنظيم المدني غفل عن المرور في الحارات الضيقة.. فزد إلى عنصر إنقطاع التيار الكهربائي، المياه المقطوعة والتي إن وصلت عادة ما تكون ملوثة أو مختلطة بالصرف الصحي، وغيرها من المشاكل الإجتماعية التي لا يمكن تخطّيها ولا يمكن أن تمنع المواطن من شعور النقمة تجاه "دولة المؤسسات" التي لم تحميه من قساوة الحياة.


 


لا مبرر للقتل والإرهاب، وعمل القوات الامنية والعسكرية يجب أن يترافق مع عوامل أساسية تضمن حياة كريمة للمواطنين لكي لا يشعروا أنهم مواطنون درجة "ثانية" أو حتى "ثالثة". حتى بعد إصطياد الشباب من قبل الخلايا الإرهابية يبقى المواطن المذنب في الزنزانة بحاجة للتأهيل من قبل المراجع الدينية لإعادتها إلى النسيج الإجتماعي، فهذه الفئات مصيرها أن تعود إلى عائلاتها وحقها بالحياة. فمبدأ "الثواب والعقاب" الذي بُني عليه مبدأ العقاب بالسجن له أصول وأبرزها تأهيل المواطن لكي لا يشكل خطراً مستداماً في وطنه، ومن هنا إنطلقت مبادرة الصليب الأحمر الدولي حين تأسيسه لتفقد حال السجون وأحوال المساجين كي لا يتعرضوا للتعذيب فيتحولوا إلى فئات أكثر عنفاً ونقمة من ذي قبل، وبالتالي هذا يتطلب وجود معالجين نفسيين لمساعدتهم على سلك مسار أفضل. 


 


لتهمة الإرهاب خصوصية، خاصة أنه يتم إستغلالها من باب إيديولوحي، وبالتالي من باب حقوق الإنسان لا يمكن وضعهم في سجون إنفرادية، وبالطبع وجودهم في زنزانات مشتركة قد يعطي لهذه الخلايا مكاناً لإعادة تجنيد أنفسها مع أشخاص جديدة تشاركهم نفس المعاناة ولو بتهم مختلفة، وهذا مع فقدان اي متابعة فعلية من الجمعيات الأهلية وذوي الخبرة.


 


الإرهاب لا يُكافح بالقضبان... مُهمّة ما بعد الإعتقال..


 


فإذاً بالحديث عن حقوق السجناء التي صادق عليها لبنان ويجب تطبيقه، هناك مسؤولية فعلية على الجهات الرسمية والسياسية اذ بعد خروج المتهمين في قضايا إرهاب. فحتى لو "تاب" هذا المواطن، مجرد خروجه من الزنانة وإدراكه بأن الوضع المعيشي والإجتماعي لا يزال على حاله، هنا لا يمكن للقوى الأمنية السيطرة على مصيره، فإن لم يحرم من حقوقه المدنية، فهو بات بحوزته سجل عدلي لا يسمح له بالحصول على وظيفة تضمن له حياة كريمة دون الحاجة إلى الإنخراط في مجموعات جديدة تغريه بالمبالغ المالية، فهو محكوم في السجن أو خارجه.. فلسان حاله يقول :" ما الفرق اليوم، لم أتمكن بالسجن من إكتساب أي مهارة فنية ولا يمكنني اليوم أن احصل على حياة طبيعية بعد وصمة العار هذه." منذ بضعة أعوام كان الجيش يقوم بفتح باب التطوع لأبناء المناطق المحرومة، كان من شأن هذه الخطوة أن تعطي هذا المواطن شعور بالإنتماء إلى مؤسسة وطنية تحتضنه وعائلته ، وبمعنى آخر فهو الآن ينتمي للوطن الذي من خلاله يؤمن قوته وضماناته الصحية


 


من أساليب مكافحة الإرهاب: حماية استباقية للأجيال الصاعدة من التجنيد: 


 


متطلبات الحياة في لبنان كثيرة، وفي هذه المناطق تضطر فئة كبيرة من الشبان والاطفال بشكل خاص للتخلي عن مسار العلم، المكلّف من جهة في المدارس الخاصة، والذي يعتبر مصروف إضافي ولو بسيط ولكن متراكم على سنوات في حال المدارس الرسمية التي تتطلب مستلزمات التعليم كالكتب والقرطاسية سنوياً، قد يتم تخصيص هذه المبالغ لشراء متطلبات الطعام والدواء الأساسية، من وجهة النظر الفئات التي تعيش تحت خط الفقر.بالإضافة إلى ذلك يجب الإشارة إلى النتائج الإجتماعية التي قد تنتج عن حرمان الاطفال من حق التعلّم، وليكونوا اكثر عرضة لإستدراجهم إيديولوجياً خاصة أنهم لم يحصلوا على فرصة الإختلاط الفعلي بالمجتمع خارج نطاق المنطقة، مما لا يتيح لهم الفرصة للتعرف على أشخاص من مناطق وأديان مختلفة ليكتشفوا أن الآخر ليس ذلك "البعبع" المخيف. 


 


وهنا دعونا نبدأ بتوكيل المسؤوليات للوزارات المعنية، وزارة التربية والتعليم العالي التي يجب أن تُلّزم الأطفال بالإلتحاق بالمدارس الرسمية لكي لا يتم إستغلالهم وإن كان في سبيل إعالة الأسرة ، وهنا تكمن مهمة الوزارة في تطبيق "إلزامية التعليم"  بموجب المادة 49 من المرسوم الاشتراعي الرقم 134 تاريخ 12 حزيران 1959 التي أقرت التعليم الإلزامي. وهذا بالطبع توازياً مع مهمة وزارة العمل في تطبيق االقانون رقم 400 الصادر بتاريخ 5/6/2002 الذي أجاز للحكومة الإنضمام إلى إتفاقية العمل الدولية رقم 138 بشأن الحد الأدنى للسن، (1973)، وتنص الفقرة الثالثة للمادة الثانية منها على عدم جواز أن يكون الحد الأدنى لسن الاستخدام أو العمل أدنى من سن إنهاء الدراسة الإلزامية، ولا يجوز في أي حال أن يقلل هذا السن عن 15 سنة.


 


هذه الجهود لا يمكن أن تثمر من دون دور أهمّ وزارة معنية في هذا الملف، وهي وزارة الشؤون الإجتماعية التي يجب ان يكون لها دوراً أكثر فعالية في المناطق المحرومة. وفي الحديث عن دورها يجب لفت النظر إلى أن المناطق المحرومة بحاجة إلى عناية خاصة وأساليب معينة للتواصل مع أهاليها فبحسب ما نشر موقع وزارة الشؤون الإجتماعية عن إنجازات الوزارة في الأشهر الـ 6 الماضية بأنها عملت على "إطلاق منصة بالشراكة مع مؤسسة التفتيش المركزي ووزارة الداخلية والبلديات، التي تتيح للمواطنين ملء استمارات الكترونية لتحديد مدى حاجتهم للمساعدة، وفق معايير علمية (ايمباكت)." لا بد من الإشارة إلى أن في هذه المناطق التيار الكهربائي يمرّ مرور الزائر المدلل. وفي الإنجازات لا نرى أي تخصيص جديّ للمناطق المحرومة تشمل مشاريع خاصة لإعانتها كي لا ينجر المواطن نحو أي خلية تغريه بحياة أفضل له ولأسرته .. و"آخرته في الجنة" بحسب زعمها.


 


 

Hala Turk
Alkalima Online