العميد المتقاعد طوني مخايل- الموقف الفرنسي

  • شارك هذا الخبر
Saturday, September 19, 2020

إنطلقت المبادرة الفرنسية لإخراج لبنان من أزماته السياسية والاقتصادية منذ حوالي الشهر وأعطت جميع الأطراف اللبنانية موافقتها عليها ووعدت بتسهيل تنفيذها، عملياً بدأت بنود هذه المبادرة بالتساقط الواحد تلوى الآخر، فحكومة الاختصاصيين غير السياسيين إعترضتها تصلب الثنائي الشيعي بالاحتفاظ بوزارة المال وهذا ما سيفتح شهية بقية الأطراف على وزراتهم السابقة اذا ما حصل الامر، وبند الانتخابات المبكرة وُضعت أمامه حواجز كثيرة منها الاختلاف على القانون الانتخابي الحالي وعدم جهوزية الحراك المدني سياسياً وتنظيمياً وانتشار الكورونا...أما المهل المُعطاة للتنفيذ فلم تُحترم بذريعة المزيد من التشاور لتحقيق التوافق الوطني، والحبل على الجرار فيما خص بقية البنود والمكتوب يُقرأ من عنوانه.
ما تأثير سقوط المبادرة الفرنسية على لبنان ؟
١- بالنسبة الى لبنان إلغاء مقررات مؤتمر"سيدر" وعدم انعقاد المؤتمر الاقتصادي الانقاذي في تشرين الاول والذي وعد به الرئيس ماكرون السلطة اللبنانية وهذا يعني منع دخول العملة الصعبة الى لبنان مما يؤدي الى مزيد من الازمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية.
٢- اطلاق يد الولايات المتحدة بتكثيف عقوباتها على الشركات والمسؤولين اللبنانيين والتي ستطال شظاياها حُكماً شريحة من الشعب اللبناني.
٣- تأجيل التنقيب عن النفط والغاز في كامل المياه الإقليمية لعدم رغبة أي شركة وحتى الروسية بالإستثمار في بلد يتعرض لعقوبات ولا يملك عملة صعبة.
٤- إمكانية استغلال العدو الإسرائيلي للبنان المكشوف دون غطاء دولي ليُمارس عدوانياته في الداخل اللبناني إسوةً بما يفعله في سوريا.
٥- إشتداد الأزمة الاقتصادية والمالية سيُزيد من الاحتقان الداخلي والمرجح للتطور الى أحداث أمنية حصلت في السابق وتحصل في الوقت الحاضر ولا يعرف احد كيف ستنتهي.

ما تأثير سقوط المبادرة الفرنسية على حزب الله؟
١- اذا ما حمَّلت فرنسا فشل مبادرتها الى حزب الله فهذا يعني قطع قنوات الاتصال فيما بينهم لتصل الى قيام الدولة الفرنسية بتصنيف الحزب وجميع مؤسساته كمنظمة إرهابية واذا ما تصاعدت وتيرة الضغوط يُمكن طرح موضوع تصنيف الحزب على الاتحاد الاوروبي والنتيجة مضمونة كون بريطانيا وألمانيا وبعض الدول الاوروبية سبق وصنفت الحزب وفروعه وجمعياته كحزب إرهابي.
٢- التأثير السلبي الحتمي على المؤسسات والشركات المملوكة من اشخاص ينتمون الى فكر الحزب وسياساته لناحية علاقاتهم التجارية مع الاتحاد الاوروبي وإمكانية النفاذ الى النظام المالي العالمي.
٣- إرتفاع التوتر في الداخل اللبناني نتيجة الازمات المعيشية يرافقها حملة إعلامية محلية وعالمية تُحَّمل الحزب مسؤوليتها سيؤدي الى نزع الغطاء الوطني عنه وحصره ضمن بيئته.
٤- إشتداد الازمة الاجتماعية على اللبنانيين يُصيب حُكماً جمهور الحزب ومؤيديه وبالتالي ازدياد منسوب الضغط عليه.
نقلت وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير لها منذ عدة أيام عن الوضع في مرفأ بيروت قبل إنفجار ٤ آب وعن إنه صورة مصغرة عن فساد المؤسسات الرسمية والشركات الخاصة المرتبطة بمصالح ومشاريع مع الدولة، وأشار التقرير الى تورط جميع القوى السياسية في فساد هذا المرفق العام ولكن اللافت إشارته الى تورط حزب الله في ذلك إضافة الى إمتلاكه لخط سريع يُمَّكنه من تمرير ما يريد الى الداخل اللبناني دون حسيب او رقيب.
إستدعى القضاء الفرنسي منذ عدة أيام أربعة مسؤولين في مركز الزهراء في فرنسا للتحقيق معهم فيما خص استمرارهم بممارسة نشاط هذه المنظمة رغم حلَّها في العام ٢٠١٩ مع الإشارة الى ان هذه المنظمة تتبنى خطاب ايران وحزب الله.
هل هذه مؤشرات لسقوط المبادرة الفرنسية وبداية الضغوط غير المباشرة على الحزب من قبل فرنسا او إنها في سياق عمل طبيعي للمؤسسات الإعلامية والقضائية الفرنسية؟
هل كان هنالك تنافس حقيقي ما بين السياسة الفرنسية الحوارية وما بين السياسة الاميركية التصادمية مع اهل السلطة والحزب والدفة تميل الآن الى تبني النهج الاميركي؟
هل وضع شروط تعجيزية ومهل لتنفيذها ضمن المبادرة الفرنسية (مع الذكر إن فرنسا على إطلاع وثيق بالوضع السياسي الداخلي للبنان وعجزه عن إيجاد حلول لهذه الشروط) هو تبرير لإنتهاج الدولة الفرنسية درب اليمين المتطرف السائد الآن في أوروبا مما يُزيد من حظوظ ماكرون في ولاية رئاسية ثانية خاصة بعد تراجع شعبيته في الانتخابات البرلمانية الاوروبية داخل فرنسا عام ٢٠١٩ والانتخابات البلدية في العام ٢٠٢٠؟