العميد المتقاعد طوني مخايل- Polyarmy

  • شارك هذا الخبر
Monday, August 3, 2020


المهمات الأساسية لكل جيوش العالم هي التمركز على حدود الدولة البرية وفي مياهها الإقليمية لحمايتها من أي إعتداء خارجي، أما مهماتها الثانوية فهي تقديم المساندة والدعم للقوى الأمنية في الداخل عند عجزها أو تقصيرها في تنفيذ مهامها وذلك لفترة زمنية محددة وأخيراً التدخل للمساعدة والإنقاذ في حالات الكوارث الطبيعية.
هنالك جيش وحيد في العالم يُمكن اطلاق تسمية polyarmy عليه أي بما معناه جيش متعدد الأدوار وهو الجيش اللبناني والدليل على ذلك كثرتها وتنوعها بدأً من مواجهة العدو الإسرائيلي في الجنوب لتنتهي بفض خلاف عائلي في آخر قرية من قرى لبنان وما بينهما من مهمات، منها ما ينفرد بالقيام بها وأخرى تُشاركه فيها القوى الأمنية المعنية، ومن الضروري تعدادها لإنعاش ذاكرة ومسؤولية أهل السلطة والمواطنين على حد سواء وهي:
-التمركز على الحدود الجنوبية في وجه العدو الإسرائيلي(مهمة الجيش).
-الانتشار على الحدود الشرقية والشمالية لمنع دخول الإرهابيين(مهمة الجيش).
-حماية الشاطئ اللبناني والمياه الإقليمية(مهمة الجيش).
-مكافحة عمليات التهريب عبر الحدود(المديرية العامة للجمارك).
-حفظ الامن في الداخل بتكليف من السلطات اللبنانية منذ حوالي الثلاث عقود وما يتطلبه ذلك من انتشار لوحداته على كافة الأراضي اللبنانية(مهمات منوطة بالقوى الأمنية اساساً ويقتصر تدخل الجيش لفترة زمنية محددة كما سبق وذكر)
-مسح الأضرار وتخمين كلفتها الناتجة عن الكوارث الطبيعية(مهمة الهيئة العليا للإغاثة).
-أعمال إنمائية في القرى والبلدات كتشجير الأراضي، رش المبيدات، إنشاء برك للزراعة و...(الوزارات المختصة والبلديات).
-تقديم المساعدات المالية للعائلات الفقيرة أثناء أزمة فيروس كورونا(عمل وزارة الشؤون الاجتماعية).
تعداد هذه المهمات لا للقول بأن الجيش هو درع الوطن والعامود الفقري للبلاد وحامي الدستور والمؤسسات وهذا ما نعرفه ونلمسه ونراه ونعيشه يومياً منذ عشرات السنين ولكن السؤال الأساسي هو على ماذا تعتمد قيادة الجيش لتنفيذ هذه المهمات؟
تعتمد القيادة للقيام بهذه المهمات المتنوعة على:
-حوالي ٨٠الف عسكري(مقاتل،اداري،لوجستي،طبي،تقني...) ومن مختلف الرتب.
-ما يقارب ١٦الف آلية عسكرية(مقاتلة،لوجستية،طبية،نقل...).
-ميزانية بحدود ٢٢٠٠،٠٠٠،٠٠٠،٠٠٠ ل.ل. للعام ٢٠٢٠ أي ما قيمته وفقاً لسعر الصرف الرسمي الحالي بحدود ٥٥٠،٠٠٠،٠٠٠ دولار أميركي.
وفقاً لرأي غير اقتصادي وغير مُلِم بالشؤون المالية، فإن أرقام هذه الميزانية اذا ما قُسمت على طريقة الحسابات البدائية(حسابات الدكنجي) أي بمعدل أربع أخماس قيمتها لعديد الجيش والخمس الباقي لصيانة الآليات العسكرية فتكون الحصة السنوية لكل عسكري حوالي٥٥٠٠دولار وما يقارب ٦٨٠٠دولار لكل آلية وبهذه المعادلة الرقمية نكون قد استبعدنا كلياً صيانة المنشآت والثكنات العسكرية وشراء أسلحة وذخيرة وعتاد جديد للجيش الذي يعتمد بجزء كبير منه على الهبات.
استكمالاً لهذه الأرقام فإن ٥٥٠٠دولار سنوياً(~٤٦٠$ شهرياً) المخصصة لكل عسكري ستتوزع على الشكل التالي : راتبه، تغذيته، طبابته(يجدر الذكر بأن الطبابة العسكرية تأخذ على عاتقها معالجة حوالي النصف مليون لبناني ما بين عسكريين ومتقاعدين وعائلاتهم)، تجهيزاته العسكرية(لباس، امتعة...)،أما٦٨٠٠سنوياً(~٥٧٠$ شهرياً)لكل آلية فستتوزع ما بين محروقات،زيوت، وقطع غيار(ثمن مكابح لجيب عسكري خفيف لا يقل عن ٢٥$).
هذه الحسابات البسيطة هي برسم المسؤولين السياسيين وخاصة القابضين على القرار المالي، الذين ما زالوا حتى الآن وفي كل أزمة اقتصادية-مالية تمر بها البلاد يتناولون الميزانية العسكرية بالتخفيض والإقتطاع وهي ايضاً للإطلاع عليها من قبل المواطنين ليكونوا على معرفة حقيقية بكل ما يتعلق بالتكاليف والنفقات العسكرية.
بهذا الجهاز التنفسي الاصطناعي(الميزانية) يقوم الجيش اللبناني بتفيذ كامل مهماته ويساعد في مهمات مؤسسات أخرى، ولن تؤثر الاوضاع المعيشية والأزمة الاقتصادية على مسيرته لحماية لبنان وشعبه كما صرَّح مؤخراً العماد قائد الجيش اثناء زيارته للكلية الحربية وهو بذلك يبعث برسالة أمل وإطمئنان للبنانيين على مستقبلهم الأمني آملاً من أهل السلطة السياسية ملاقاته في تقديم التضحيات والتنازلات للخروج من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية.
ملاحظات:
- ميزانية جيش العدو الإسرائيلي ما يقارب ٢٠مليار دولار.
- ترتيب لبنان من حيث مقدار ميزانية الدفاع بين الدول العربية هي ١٥ يليه عمان، تونس، جيبوتي، الصومال، جزر القمر، موريتانيا.
- في ٢٥ تشرين الثاني ٢٠١٩، أصدرت منظمة الشفافية الدولية تقرير مؤشر النزاهة في حوكمة قطاع الدفاع، هذا المؤشر كما هو معروف يقيس مخاطر الفساد في قطاع الدفاع وقد حل لبنان في المرتبة الثانية بعد تونس لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.