ميشال جبور - شتان ما بين الإسلام... وإردوغان

  • شارك هذا الخبر
Saturday, July 11, 2020


ما زال رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان ماضياً في جموحه المتهور لا يحسب حساباً لأحد، وكل غايته أن يعيد خاتم الخلافة العثمانية إلى إصبعه، فبعد أن تجلى الإسلام بأبهى حلله مع المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت وجمهورية مصر العربية التي أظهرت للعالم أجمع أن التاريخ هو ركيزة بناء الحضارة المتقدمة والعيش المسيحي-الإسلامي المشترك، بل المتبادل على أعلى المستويات، عبر السماح ببناء الكنائس وإحاطتها بمقدار كبير من الدعم وحماية حرية المعتقد والممارسة الدينية، ها هو إردوغان يضرب بعرض الحائط كل تاريخ وكل حضارات الأمم العربية والإسلامية وكل الزخر الثقافي الديني الذي يكلل الإسلام والمسيحية، مسقطاً آخر قناع عن تطرفه وتبنيه للفكر الإخواني.
فجّر إردوغان حقده الدفين وأطلق العنان لأحلامه السياسية ونقمته على كل المنطقة عبر تحويل كاتدرائية "آيا صوفيا" التي كانت إلى يومنا هذا تقف كمتحف شاهد على الحضارة البيزنطية المسيحية إلى مسجد، هذا القرار الجائر والمدان بخلفيته الإخوانية المتطرفة يعكس رغبة إردوغان بتأجيج وتأليب الصراعات الطائفية وتهديد السلم في المنطقة العربية برمتها، إذ في الوقت ذاته، وكما أوردنا في مقال سابق، يدعم جماعات متطرفة كالجماعة الإسلامية وحراس المدينة على الأراضي اللبنانية ويساهم في تأجيج الصراع الطائفي في سوريا وهو يستخف بعقول الناس مدعياً أن لا أحد يحق له أن يبدي رأيه أو إعتراضه بقرار تركي داخلي، ولهذا فإن قراره مدان، ليس فقط من الناس، بل مدان من التاريخ والحاضر والمستقبل، فمهما كان القرار ومهما كانت الظروف،معالم "آيا صوفيا" المسيحية لن تتغير في القلوب والأفكار حتى ولو سعى إردوغان لتهميش معالمها والتعدي عليها.
إن أكثر ما يُحزن هو أن هنالك بعض الجماعات في شمال لبنان تعمل كبوق تبجيل للأتراك وترتضي هذا الفكر الإخواني الموّلد للصراع والخلاف الديني، فهل يطمحون بدورهم لتحويل الكنائس إلى مساجد في طرابلس والشمال وهل هكذا نحافظ على حضارتنا العربية المنفتحة وعيشنا المشترك.
إن ما قام به إردوغان هو عمل غريب عن الحضارة والثقافة وبعمقه هو بعيد كل البعد عن الإسلام الحنيف وثقافته، وقد أقدم إردوغان على فعلته المبتورة مستفيداً من تقاعس العرب إزاء ما يخططه للمنطقة ظناً منه أنه باستطاعته تكريس نفسه كخليفة جديد، ونحن سنقول له، خسئت، وما فعلته رخيص ولا يمت للإسلام بصلة، إن ما فعلته هو تشويه أعمى لإنفتاح الحضارات الدينية على بعضها وما تخبئه من حقد إخواني بات عارياً ولن تنجح في مسعاك والتاريخ سيضعك في مصاف الطغاة الذين لم يحققوا شيئاً بحقدهم وصورتك ذاهبة إلى الزوال.