خاص- ح زب ا ل ل ه يستنفر: ذروة الصراع مع واشنطن منتصف أيلول .. بقلم بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, July 1, 2020

خاص - بولا أسطيح
الكلمة أونلاين

لطالما كان كبار السياسيين، سواء المؤيدين أو المعارضين لحزب الله، يعبّرون عن مخاوفهم في مجالسهم الخاصة خلال السنوات الماضية من الوصول الى ساعة الصفر، ساعة الكباش المباشر بين واشنطن وحزب الله. اذ ان كل المؤشرات كانت توحي بأن الحرب الباردة بين الطرفين لا يمكن ان تستمر على ما هي عليه الى الابد، وبأنها ستتحول عاجلا او آجلا الى مواجهة "ساخنة" لن تنتهي بليّ أذرع انما بنار تحرق ما حولها.

ولم يعد خافيا على أحد أن التدهور السريع الذي يعيشه لبنان منذ الصيف الماضي ليس الا فصلا أساسيا من فصول هذه المواجهة، اذ وبعدما فشلت خطة كسر الحزب عسكريا سواء في حرب تموز او في الحرب السورية، كما خطة حصاره وبيئته الحاضنة اقتصاديا وخنقه وبخاصة من خلال العقوبات ومنعه من الولوج الى النظام المصرفي، تعتبر مصادر مطلعة على أجواء الحزب اننا انتقلنا الى الخطة التي لا شك ان الادارة الاميركية وحلفاءها كانوا يتركونها كخيار أخير يمكن اللجوء اليه على اساس معادلة "آخر الدواء الكي"، الا وهو حصار كل اللبنانيين اقتصاديا للفظ الحزب وتعريته ما يسهل، وفق المخطط الاميركي، استهدافه والقضاء عليه تماما.

ويبدو واضحا اننا لا نزال في الفصول الاولى من هذه الخطة التي تزداد حدة مع مرور الايام والاسابيع بهدف تحقيق هدفها سريعا. وان كانت المصادر ترجح استمرار الوتيرة التصاعدية حتى منتصف شهر ايلول المقبل بحيث تبلغ الضغوط ذروتها، فاما يستكمل بعدها المسار التصعيدي او تسير الامور بخط أفقي حتى تشرين الثاني، موعد الانتخابات الأميركية المقبلة، على ان تحسم نتيجتها ما اذا كما سنكون مقبلين على انفجار شامل او على عملية احتواء لكل ما حصل.

ويستنفر حزب الله للتعامل مع المرحلة، وهو وضع كل السيناريوهات على الطاولة لبحث سبل التعامل مع كل منها. وبعدما كان يستبعد تماما خيار العدوان الاسرائيلي طوال السنوات الماضية، ها هو اليوم يضعه ضمن الحسابات المحتملة وان كان احتمال اي ضربة اسرائيلية، بحسب المصادر منخفضا جدا والارجح لا يتخطى الـ15%. وتضيف المصادر:"العدوان الاسرائيلي الذي يتخوف البعض منه في الاسابيع او الشهرين المقبلين، انما هو مرتبط كليا بالوضع الداخلي اللبناني، فاذا نجحت أجهزة المخابرات العربية والأجنبية التي تعمل تحت جناحي الادارة الاميركية باشعال فتنة في البلد، عندها يرتفع احتمال تدخل اسرائيل عسكريا. أما عدا ذلك، فلا نزال نستبعد تماما تهور تل أبيب خاصة وانها تعي تماما ان اي مواجهة جديدة مع الحزب الارجح انها ستتوسع لتشمل كل محور المقاومة، ما قد يعني نهاية الكيان الاسرائيلي ككل".

ولم يتمكن حزب الله حتى الساعة من تحديد ملامح وتفاصيل الخطة الاميركية، وان كانت المصادر تتحدث عن قرار أميركي واضح باخراج الحزب من الحكومة الحالية، لافتة الى ان "الادارة الاميركية أبلغت رئيس الحكومة حسان دياب وبوضوح رسالة مفادها انهم لن يسمحوا له بالعمل وبأن انتاجية حكومته ستبقى صفرا طالما الحزب ممثل فيها".
ولعل أكثر ما يقلق الحزب في المشهد الحالي هو امكانية رضوخ حلفائه للضغوط الاميركية وبخاصة لضغوط الشارع الذي يكاد ينفجر في اية لحظة، اذ لا تزال اوساط الحزب مصدومة من اتصال الوزير السابق سليم جريصاتي شخصيا بالسفيرة الاميركية للتبرؤ من قرار القاضي محمد مازح، فما توقعت ان يقوم به احد الوزراء لتحسين موقعه لدى الادارة الاميركية، جاءها من المستشار الرئاسي الذي يعتبره الحزب الاقرب له. ما يطرح اكثر من علامة استفهام حول الاستراتيجية التي سيعتمدها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل للتعاطي مع المرحلة خاصة بعدما كان عدد من نواب التيار لوحوا بورقة التفاهم اعتراضا على ما اعتبروه "تردد من قبل الحزب في محاربة الفساد والفاسدين".

بالمحصلة، بات محسوما ان لبنان دخل مرحلة تهدد كيانه واستمراريته. فلم يعد نظامه الحالي حصرا المعرض للانهيار انما بنيته ككل. فهل يخرج وبأحسن الاحوال مهشما من هذا الصراع الذي يبدو من دون أفق ام تُكتب نهاية لبنان الذي عرفناه من الاستقلال ليقوم لبنان جديد لا تزال أسسه وملامحه مجهولة تماما!