محي الدين شحيمي- جنوب آسيا بين التحديات الأمنية وعوائق حفظ السلام

  • شارك هذا الخبر
Sunday, May 31, 2020

تحتفظ منطقة جنوب آسيا بأهمية كبيرة عندما يتعلق الأمر بشئونها الاستراتيجية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويُولي العديد من الباحثين المعروفين أهمية كبيرة لهذه المنطقة فيما يخص التغييرات والتطورات المستقبلية, ومثلما ذكر ديفيد والدورف في تقرير للبنك الدولي: “سوف تلعب منطقة جنوب آسيا دورًا مهمًا في قصة التطور العالمي , بدليل ما يحدث في القرن الآسيوي”. تضم هذه المنطقة أكبر عدد سكان في سن العمل في العالم , إضافة إلى ان هناك تواجد ومشاركة للكثير من الجهات الفاعلة من الدول ومن غير الدول والتي ساهمت الى حد بعيد بزيادة الأهمية الاستراتيجية, حيث إن أمن هذه المنطقة مرتبط بشكل مباشر بأمن مناطق العالم الأخرى. ووفقًا للقارة الاوروبية واتحادها العجوز وحلفائها ، تنشأ مشاكل أمنية عديدة من وراء هذه المنطقة مثل الإرهاب والتمرد وخلافه , بحيث تنتشر منها لكل زاوية وركن في العالم وهو ما يضر بجميع جوانب الحياة. إن مشاركة القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين إلى جانب الشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات الإقليمية والعالمية الأخرى حوّل انتباه العالم إلى هذه المنطقة اذ انها تمتلك سمات مميزة في ظل التفاعل بين العوامل الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية التي ترسم الصورة المعقدة للمنطقة بأكملها , هذه هي الأسباب الرئيسية التي ساعدت في تكوين الطبيعة المعقدة للمطالب الإقليمية والأنشطة الدينية المتطرفة بين عدة دول في جنوب آسيا. إقرأ أيضاً: أنا آسف للغاية 500 مرة.. هكذا عاقبت الهند سيّاح كسروا حظر التجول! ان هذا السيناريو هو الذي يجعل من تركيبة وبيئة المنطقة معقدة , فليس من السهل على أية دولة أن تتخذ قرارات من دون عوائق وبثقة كاملة , حيث إن أمورًا غير متوقعة قد تحدث أيضًا في ظل تدخل كيانات أجنبية ودول قوية أخرى مثل أمريكا والصين وروسيا والهند أيضًا . تحتفظ منطقة جنوب آسيا بأهمية كبرى بسبب الدول الثلاث النووية ( الصين وباكستان والهند) , فالهند وباكستان عدوان لدودان لبعضهما البعض ولديهما مشاكل تتعلق بقضايا متعددة منذ قيامهما,وبالنسبة للصين والهند فقد خاضتا حربًا أيضًا بسبب نزاع على الأراضي في 1962 بالرغم من العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية والتي تجمع البلدين , هذه القضايا بين دول جنوب آسيا تُفاقم القضايا الحالية وتجعلها مستمرة لوقت طويل وهو ما قد يؤدي إلى تدهور الأمن والاستقرار في المنطقة أيضًا،حيث يمر المفهوم التقليدي للأمن بتغييرات كبرى عن طريق التحول إلى التهديدات الأمنية غير التقليدية,حيث ظهرت في هذا الصدد قضايا متعددة من المفهوم القديم للأمن مثل (البيئة والأمن البشري والمشاكل الأيديولوجية والمجتمعية). التهديدات الأمنية يتبن لنا ان هناك بُعدان للأمن في جنوب آسيا حيث الأول وهو التهديدات الأمنية التقليدية والتي نشمل بها القضايا العسكرية الكلاسيكية بين دول المنطقة المتعددة ، والثاني وهو وبشكل ملحوظ التهديدات الأمنية غير التقليدية والتي باتت تحظى بكثير من الأهمية والانتباه من العالم بسبب طبيعتها المدمرة , فهي أزمات الموارد والمياة والقضايا الصحية اضافة الى الأمن الغذائي والأمن البشري والتدهور البيئي وعدة فيروسات مثل كوفيد-19.. وكلا النوعين من التهديدات الأمنية له إحصائياته وطبيعته عندما يتعلق الأمر بآثاره على شئون المجتمع المختلفة. ان هذه التهديدات الأمنية الطويلة الأمد تمثل عائقًا كبيرًا أمام حفظ السلام والتناغم والتنمية والتقدم والتفاهم المتبادل بين دول المنطقة , وعلاوة على ذلك فقد كانت معظم دول جنوب آسيا تعاني من أنواع متعددة من المشاكل والتي تبدو لبعض الدول أصعب من أن تحلها بمفردها من دون مساعدة الدول الإقليمية الأخرى وتعاونها. فقد ظلت أمريكا بصفتها قوة عالمية مهيمنة مشاركة بطريقة أو بأخرى في الشئون الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية للمنطقة في هذا الصدد ،ناهيك أيضًا عن التواجد الفعلي للقوات الأمريكية وقوات الناتو في دول المنطقة مثل أفغانستان والتي استخدمت أيضًا القواعد الجوية في باكستان لمحاربة تهديد الإرهاب. اضافة إلى ما أثارته الروابط الاستراتيجية والتدريبات البحرية المشتركة بين الولايات المتحدة والهند من مخاوف حقيقية لدى الدول الإقليمية الأخرى لا سيما باكستان والصين , حيث تدور وبشكل اولي أولوية الولايات المتحدة في المنطقة حول التصدي للصين و بالدرجة الثانية حول قضية أفغانستان والتي كلّفتها تريليونات الدولارات حيث تركت آثارًا وخيمة على اقتصاد البلاد . تُظهر لنا تهديدات أمنية جديدة بسبب تدخل قوى غير إقليمية مثل أمريكا وروسيا وإسرائيل واليابان , وبالتالي إنها مسئولية دول جنوب آسيا أن تتخذ قرارًا عقلانيًّا والذي قد يكون نافعًا لها في تنمية اقتصادها , وكذلك أيضًا في القضاء على المشكلات الأمنية وهو ما يجعل المنطقة مستقرة ومتقدمة وسلمية بدلًا من أن تصبح لعبة في يد القوى الخارجية والأممية .