خاص- "ثورة الجياع قريبة... اللبناني قرف وما عاد في يتحمّل"

  • شارك هذا الخبر
Monday, June 1, 2020

خاص- الكلمة أون لاين

عبير بركات

بعدما استقرّ الدولار منذ التسعينيات على 1515 ليرة، إعتاد اللبنانيون لمدة ثلاثين عاماً تقريباً على العيش وفق نمط حياة مقبول إلى حدّ ما، ليس نمطاً فاحشاً، بل متوّسطاً، وفي المقابل كانت الطبقة السياسية التي حكمت كل هذه السنوات تعقد الصفقات وتمرر السرقات وتجمع أموالاً لا تطالها الريح، وعندما تمرّد الشعب عليها ونزل إلى الساحات في 17 تشرين لإسقاطها، حجزت على أمواله التي جمعها في المصارف خوفاً على مستقبله ومستقبل أولاده في بلدٍ لا يحمي أبناءه في عِلمهم وشيخوختهم وطبابتهم وحقوقهم المدنية..

بعد تردّي وضع اللبنانيين بسبب المطالبة بحقّهم وإغلاق البلد والطرقات لمدة 4 أشهر، بدأ الدولار بالإرتفاع إلى أن لامَس في فترة الكورونا 4000 ليرة، فأضحى اللبناني مضطرّاً لتسديد ثمن كل مشترياته على هذا السعر في الوقت الذي انخفض فيه مدخوله إلى النصف أو الثلث، هذا إذا بقي هناك من مدخول، مما سيؤدي الى كارثة وانفجار إجتماعي غير مسبوق إذا لم يُعالج الوضع قريباً!


وبما أن لبنان لا يُعدّ بلداً منتجاً لما يستهلكه من الحاجيات والأغذية، إلا ما قلّ وندر، فقد إنعكس هذا الأمر خللاً كبيراً في ميزانه التجاري، وأنتج عجزاً هائلاً في ميزان المدفوعات كما أدّت القيود على سحوبات الدولار إلى إنعاش "السوق السوداء" للصرافين المرخصين وغير المرخصين، ونُفّذت حملات دهم وتم تسطير محاضر ضبط بحق المخالفين منهم، وصولاً إلى إغلاق بعض محالهم، ولكن لم نسمع عن دخول أي فاسد إلى السجن حتى اليوم، لا من الصرافين ولا من السياسيين أو المدراء العامين أو.. فلماذا كل هذا التعتيم على التحقيقات؟

يتفاعل الحديث عن سيناريوهات لتثبيت سعر صرف الدولار على 3 آلاف ليرة، والبعض يتوقع بلوغه 5 آلاف ليرة في وقت قريب، مما سيُبقي الوضع الإقتصادي سيّئاً كما هو الآن أو أسوء بقليل، فأسعار السلع في المتاجر والسوبرماركات ترتفع يومياً، بحجّة أن التكلفة على المستوردين زادت أكثر من 100% وهم يشترون البضاعة على سعر الدولار، مع العلم أن الكثير من البضائع المكدّسة في المستودعات لم يتمّ شراؤها على سعر الدولار الجديد وما يؤكّد ذلك اقتراب انتهاء صلاحيتها مما يعني أنها مستوردة قبل الأزمة بأشهر، فالتجار يستغلون ضعف الرقابة الحكومية في الأسواق ويسعّرون كما يحلو لهم علّهم يغتنون على حساب فقر المواطن!

الطبقة الوسطى التي كانت تشكّل 65 % من نسبة سكان لبنان ما زال بإمكانها حتى الآن تأمين ما يكفي لشراء حاجاتها الأساسية، ولكن إنخفاض متوسّط دخلها سيمنعها من شراء الكماليات وتأمين التعليم اللائق لأولادها، وستختفي قريباً، على عكس الفئات ذات الدخل الأقل التي سحقها الفقر وأصبحت تعتمد على المساعدات التي يقدّمها المجتمع المدني لها.

إن الوضع المعيشي الكارثي الذي وصلنا إليه بسبب تفاقم إنتشار البطالة والفقر والجوع يُنذر بإندلاع ثورة قريبة، وهذه المرة ستكون بإسم "ثورة الجياع" وليس بهدف "إسقاط الطبقة الحاكمة الفاسدة" وعلى الأرجح أنها لن تكون سلمية لأن الناس لم يعد لديها ما تخسره، فالسياسيون جميعاً لم يشعروا يوماً بالجوع ولا تعنيهم عبارة "الجوع كافر" لأنهم لا يدركون ما يشعر به الإنسان الذي يمرّ بهذه الحالة، فالجائع لا يأبه خطورة الموت!

Abir Obeid Barakat