يريدون التخلص من الاقتصاد الريعي والذهاب الى اقتصاد منتج ، لكن كيف السبيل الى ذلك ؟
اتحفنا جهابذة السياسة والاقتصاد كل بدوره بنظرية ان اقتصادنا يجب ان يكون منتجاً وكأن الناس بلبنان لا يعملون وهم فقط يستهلكون من فائض المال الذي لديهم فنحن اذاً شعب خمول لا ينتج .
دعونا نتفق على مفهوم كلمة منتج .
أهي صفة لشعب يستيقظ في السادسة صباحاً ويبدأ بالعمل ؟ فهذا ما يحدث في بلدنا .
ام اننا وعلى حين غرة نستيقظ ونبدأ بتشييد المصانع في الساحات العامة وفي اراضينا وبعدها تدور المعدات الثقيلة وننتج عندها السيارات والطائرات والأكل والملابس ....
مهلاً مهلاً اين الكهرباء اين التحفيزات اين القوانين المسهلة للاستثمار ...... عفواً كان لا بد من ان احلم !!!!!!
الاقتصاد المنتج أيها السادة ليس محصوراً بمعمل:
هل تدرون ان الفن صناعة . هل تدرون ان السينما والتلفزيون صناعة. هل تدرون ان المصارف صناعة . هل تدرون ان السياحة والمطاعم صناعة . هل تدرون ان التكنولوجيا صناعة .
فهذا كله صناعة اضافة الى الصناعات التقليدية .
نعم نحن بحاجة الى الصناعات التقليدية وهي حمداً لله موجودة رغم كل الصعاب والفضل للقطاع الصناعي المغامر ولا فضل أبداً أبداً للدولة .
لكننا لا نملك المواد الأولية ولا نستخرجها من ارضنا بل اننا نعيد تصنيع هذه المواد المستوردة ، ورغماً عن ذلك فصناعتنا ممتازة .
الملفت ان الخطة الاقتصادية المقدمة من قبل الحكومة المدعمة بشركة اجنبية لم تأتي على ذكر ما يبدع به اللبناني من صناعات مالية وسياحية وأخرى فنية .
فكيف لنا ان نقول ان هذه الخطة سوف تنقل البلد من اقتصاد ريعي الى اقتصاد منتج ، فهذا تفكير مراهق لا ناضج .
فكيف يحق لخطة اقتصادية ان تطلب تقليص عدد المصارف ؟ الا تعي أهمية هذا القطاع في تمويل ومواكبة الصناعات بمجملها .
فنحن لا نريد ان نقتدي بالدول الفاشلة والاقتصادات الميتة كتلك الموجودة في سوريا وإيران وفنزويلا .
الى اين تؤدي بنا الحرب على المصارف عدى عن تحميلها مسؤولية الفساد برمته ؟؟؟؟
هل تدرون ان القطاع المصرفي يوظف ٣٠ الف شخص .
هل تساءلتم عن مصير هذه العائلات ؟؟
القطاع المصرفي مبني على الثقة وفقط على الثقة فعندما نبدأ بحملة ممنهجة تستهدفه وندعو الناس الى عدم الثقة به ذلك سوف ينعكس على ثقة المجتمع الدولي في هذا القطاع. علماً انه في السابق كانت ثقة المجتمع الدولي به شبه عمياء. حينها نصبح كالدول المارقة لا نستطيع ان ندفع او ان نفتح اعتمادات حتى للحاجيات الضرورية للبلد .
أما ان نطالب بتصغير وتقليص عدد المصارف الى ما تحت النصف لماذا ؟ الا تدرون ان هناك دولاً يقوم اقتصادها على المصارف ونسبياً عدد مصارفها اكبر من عدد الشعب . مثلاً :
اللوكسمبورغ تملك ١٢٧ مصرفاً وعدد سكانها لا يتجاوز ٦١٤ الف يعني انه هناك مصرفاً لكل ٤٨٣٥ شخصاً .
الدانمارك لديها ١٠٠ مصرف وعدد سكانها ٥،٨٠٠،٠٠٠ لكل ٥٨٠٠٠ شخص مصرف .
النمسا لديها ٥٢٢ مصرفاً وعدد سكانها ٩،٠٠٠،٠٠٠ فلكل ١٧٢٤١ شخصاً مصرف .
فنلندا لديها ٢٤١ مصرف وعدد سكانها ٥،٥ مليون مما يعني مصرفاً لكل ٢٢،٨٢٢ شخص .
أما لبنان فلديه ٦٥ مصرفاً وعدد سكانه ٦ مليون مما يعني ان هناك مصرفاً لكل ٣٤ الف شخصاً .
فهل كثرة المصارف تشكل عبئاً على هذه الدول وعلى اقتصادها.
ناهيك عن انك تتسأل كيف يحق لدولة مديونة من القطاع المصرفي ان تفكر بتحميل هذا القطاع جميع اغلاطها وخطاياها المالية الفاسدة . ومتى يسمح للمديون بإلغاء دينه ، فهذا يحدث فقط عند العصابات التي تستقوي بالسلاح .
نعم نستطيع ان نكون الأقوى مالياً واقتصادياً واجتماعياً في منطقتنا شرط ان تتركوا الناس بحالها .