زياد شبيب محافظ على المبادئ- بيار عطالله

  • شارك هذا الخبر
Saturday, May 23, 2020

خرج المحافظ القاضي زياد شبيب من مكتبه في محافظة بيروت، ودخل قلوبنا منذ زمن بعيد... كنت مستشاراً له ولصيقاً به، وهو الذي لم يتعامل معنا يوما بمنطق الرئيس والمرؤوس بل كان يتقاسم الخبز والملح... دخل قلوب الاوادم والمخلصين لهذا الوطن بتواضعه وبساطته ورحابة صدره وتعامله بشجاعة مع قضايا كانت من المحرمات في دائرة حساسة جداً ومحسوبة على طرف سياسي - طائفي قوي جداً ومؤثر، لذا فإن محاولاته التصدي للفساد والفاسدين في الادارة العامة بدءاً من بلدية بيروت لم تكن امراً سهلاً ابداً ابداً...

فتح شبيب مكتب المحافظ لكل اهل بيروت ولكل مظلوم، وكنت شاهداً على كثير من المواقف الانسانية المؤلمة لأهل بيروت الفقراء والمستضعفين المتروكين لقدرهم وحتى من مرجعياتهم الطائفية - السياسية وتحديدا تيار المستقبل وكان يعمل على معالجتها بصمت وهدوء ومن دون ابتذال... وتوج علاقته المباشرة مع اهل بيروت وكل المواطنين باليوم المفتوح كل نهار جمعة في عقر دار المحافظ ومكتبه الذي كان مغلقاً في وجه المواطنين...

لم يميز شبيب بين بيروت ولبنان وكان يعمل وكأنه محافظ على كل لبنان، وكثيراً ما كان يتلقى مراجعات من البقاع والجنوب والشمال ولنا في منطقة حاصبيا - مرجعيون اكثر من قضية كان يهتم بمعالجتها ومتابعتها، وكيف لا وهو الآتي من اخر بلدة لبنانية عند الحدود السورية - اللبنانية في عكار ويعرف معنى الوطن واهمية الانتماء والارض والدولة...

اعاد شبيب الميثاقية الى مركز المحافظة وصان هذا الموقع المسيحي الارثوذكسي الاول في الادارة اللبنانية العامة بكل وطنية وعلمانية ومسؤولية عالية، وكان له الفضل لا غيره في اعادة التوازن الوطني وحفظ الميثاقية في افواج الاطفاء وحرس بيروت والكثير من الوظائف بعدما اخذ التوازن يختل لمصلحة المشاريع المذهبية والطائفية وحيتان السلطة وزعرانها... وسيذكر التاريخ ان شبيب اعاد مركز المحافظة ليكون جامعاً لكل ابناء بيروت وبكل طوائفهم دون استثناء، وهو كان يقوم بإضاءة زينة رمضان والاعياد الاسلامية قبل اضاءة شجرة الميلاد التي رفعها في وسط بيروت عنوان محبة وسلام تعانق قبب مسجد محمد الامين وقباب كنيسة مار جرجس المارونية...

اراد شبيب ان تكون بيروت مدينة خضراء ولكن عبثاً، وقضية حرج صنوبر بيروت كانت جزءاً من صراعه مع القوى التي تعتبر بيروت مزرعة لها، ومن الظلم تحميل شبيب اموراً لا طاقة له عليها. لن انسى تلك "الكبسات" التي كنت ارافق فيها القاضي شبيب على المكاتب الادارية في بلدية بيروت لمتابعة الاعمال والسؤال عن هذه القضية او تلك، ولا انسى التحذيرات التي كان يوجهها للفاسدين... ويجب ان يعرف كل الناس انه تحمل بشجاعة مسؤولية التصدي لقضايا شوهت سمعة بيروت واضرت اهلها من معامل النفايات وحكاية ابريق الزيت، الى مسلخ بيروت، واسواق الخضر، وقضية فندق "ايدين باي" وومجرور الاوزاعي وغيرها.... علماً ان كل المشاكل السالفة في بيروت ولبنان عنوانها واحد وحلها لدى الطبقة السياسية الفاسدة وليس لدى المحافظ ولو كان درجة اولى او سوبر اولى ولا ازال اذكر ما تعرض له من اضطهاد وتلميحات وحصار بسبب مواقفه...

كنت شاهداً على ملف "بيت بيروت" وغيره والمحاولات التي كانت تجري لتنفيع هذا الطرف او ذاك، واكرر من الظلم تحميل شبيب ما لا طاقة له عليه...

اكرر تركت محافظة بيروت لكنك دخلت التاريخ بمسيرتك في الادارة العامة والحوكمة الرشيدة والمواطنية الحقة، وانا افخر ان يكون القاضي زياد شبيب نموذج الموظف الذي يمثل الارثوذكس في الادارة العامة اللبنانية.