وباء ام حرب - انطوان نصرالله

  • شارك هذا الخبر
Thursday, March 26, 2020

هل ما نتعرض له اليوم مع انتشار الكورونا في ارجاء المعمورة هو حرب تخاض علينا من قبل مرض غامض معدي يضرب البشرية؟؟؟ ام انه وباء لم ننتبه اليه ولم نعالجه عند بدء تفشيه ... فاستعمال كلمة الحرب من قبل السادة حكام العالم تستعمل بموازاة الوباء بل تنافسه على صدارة المشهد . الرئيس الاميركي يصرح "سنفوز في هذه الحرب ضد كورونا أسرع مما يتوقع البعض"، والرئيس الفرنسي يسبقه الى اعلان عسكري: "نحن في حرب صحية ضد فيروس كورونا" ...
اذا برايهم هي حرب عالمية او هكذا يراد لنا ان نتخيل كي نخاف فنلتزم منازلنا او كي نسكت عن محاسبة المسؤولين عن تأخرهم بصد هجمات هذا العدو الغاشم... هي حرب لا جيش فيها ويختصر دوره على الدعم اللوجستي من تطبيق منع تجول ونقل بعض المصابين والمعدات وتقديم المساعدات اليومية وتعقيم الطرقات والساحات... فلا مكان للمشاة ولسلاح المدفعية وللرصد والتجسس او لسلاح البحرية او حتى للطائرات التي انفق عليها الملايين لتؤمن تفوقا جويا يصد العدو المحتمل... العدو صغير لا يرى بالعين المجردة والمطلوب لمحاربته تباعد جسدي لا جيوش جرارة او قصف مركز او تشويش على اجهزة العدو... معه تحولت الجيوش الحديثة والمدربة الى الوية لوجستية لا غير...
هي حرب تصيب الناس من دون تمييزوتكاد تقضي على تطور اقتصادي وتكنولوجي لطالما افتخرنا به وظننا انه يحمينا من حروب غير معلومة المصدر، لتسقط هذه النظرية التي قامت عليها حضارة القرن الواحد والعشرين او تكاد بضربة قاضية لم تكن تنتظرها الانظمة المتقاتلة فيما بينها على خيرات هذه الارض وثرواتها... هي حرب تؤكد مرة جديدة ان حكام هذا العالم يرتعبون امام اي حدث غير متوقع او حينما يواجهون معطى غيرمرتقب فيتحول العالم الى حقل تجارب مخيف ومرعب يجريها زعماء لا هم عندهم الا البقاء حيث هم.
وكما تقودنا الحروب التقليدية حكما الى تطور اقتصادي وصناعي هكذا الزمنا هذا الفيروس الخارق الى الاسراع باجراء تجارب طبية وصناعية وتكنولوجية في محاولة للقضاء عليه ... وبالتاكيد سيخلق هذا الحدث تطورا في مقاربة الامور العلمية والطبية. وكالعادة فان التسابق بدل التعاون بين الدول لايجاد دواء للوباء يبقى سيد الموقف، والامر الثاني ظهورمستغلين يبشرون الناس باختراع ادوية او اجهزة صناعية للتنفس تحتاج الى الكثير من التجارب لتصبح صالحة للاستعمال والمضحك المبكي ان الجمهور يصفق لهؤلاء مثنيا على ما يقومون به.
ولم يكن ينقص العالم في هذا الجو المحموم الا ظهور انبياء كذبة من رجال دين وغيرهم يبشروننا بان هذا المصاب سمح به الله كوننا شعب فاسق وخاطىء ابتعدنا عنه،وهنالك من العامة يؤيد اقوالهم بدل ان يفتشوا عن حقيقة تهرب هؤلاء من تحمل مسؤولياتهم المعنوية امام المصابين والمادية في مساعدة الفقراء وهم كثر، ويزداد عددهم يوما بعد يوم.
دعونا نعود الى السؤال الاساسي هل ان ما نتعرض له اليوم مع انتشار الكورونا في ارجاء المعمورة هو حرب؟؟؟ ام اننا امام فيروس مجهول يؤكد لنا مرة جديدة ضعف العالم وعجزه امام اسرار الطبيعة؟؟ الجواب على هذا السؤال ضروري للبدء بايجاد الحلول الممكنة... فالحرب تنتهي اما بانتصار فريق على اخر او باتفاق الاطراف المتصارعة... اما القضاء على هذا الوباء فلا يتم باعلان عن حروب وهمية وانما بايجاد علاج سريع له للتخلص منه والاستعداد لعصر جديد ستعرفه المعمورة...على امل ان تدرك الشعوب ومع دخولها الى هذه المرحلة التي ستكون صعبة اقتصاديا واجتماعيا وستخلق جيلا جديدا يتعاطى مع الامور بطرق مختلفة انه ومن اجل خلاصها تحتاج في السلطة الى علماء لا الى جهال... الى ايمان حقيقي بعيدا عن التعبد السخيف... والى قادة لا الى مهرجين يملؤون يومياتنا بافكارهم واختراعاتهم الغير موجودة... حينما يدركون ذلك ينتصرون ليس فقط على هذا الوباء وانما ايضا على عقول مريضة التي سمحنا لها ان تتحكم بمصيرنا يوما.