سعيد مالك- التعبئة.... والتأخّر في إعلانها

  • شارك هذا الخبر
Thursday, March 19, 2020

حَسَمَ مجلس الوزراء أمره، وقرّر في جلسة الأحد المُنصرم، إعلان حال التعبئة العامة، بعد أن تفشّى «فيروس الكورونا»، وحَصَدَ أكثر من مئة مُصاب ونيّف.



إستَنَدَ قرار مجلس الوزراء المذكور، على نَصّ المادة الثانية من قانون الدفاع الوطني الصادر بالمرسوم الإشتراعي رقم 102 /1983 تاريخ 16/9/1983، والتي تنصّ على ما حرفيّته:



«1. إذا تعرّض الوطن..... للخطر يُمكِن إعلان:

أ‌. ......

ب‌. حالة التعبئة العامة.... لتنفيذ جميع أو بعض الخطط المُقرّرة».



وقد إتُّخذ القرار في مجلس الوزراء، بمرسوم إحتاج إلى موافقة ثُلثّي عدد أعضاء الحكومة المُحدّد في مرسوم تشكيلها، عملاً بأحكام الفقرة الخامسة من أحكام المادة /65/ من الدستور، سيما وأنّ قرار إعلان التعبئة العامة، يُعْتَبَر من المواضيع الأساسية، والتي هي بحاجة إلى هذا النِصاب.



إستبعدت الحكومة خيار إعلان حالة الطوارئ العامة، رُغْم ورود هذه الأمكانية في قانون الدفاع الوطني من جهة، وفي أحكام الدستور من جهة أُخرى، لِما تستدعي هذه الحالة من إجراءات أمنيّة، كَمَنْعٍ للتجوُّل، وإستلام الجيش مفاصل الدولة، وتشديد الرقابة.



عِلمًا، أنّ الحكومة ولدى سؤالها عن سبب عدم إعلان حالة الطوارئ، أجابت أنّ شروط هذا الإعلان غير متوافرة، ولا تجوز لمواجهة «طارئ صُحّي».... كذا..... .



مع الإشارة، أنّه سَبَقَ وأن أُعْلِنَت حالة الطوارئ في البلاد في العام /1926/ والعام/1944/ لمواجهة «وباء الطاعون» مثلاً.



مما يُفيد، أنّ الأمر لا يتعلّق ما إذا كانت الشروط متوافرة لإعلان حالة الطوارئ أم لا، بِقَدْر ما هي مُتعلّقة ما إذا كان مُجازًا اليوم للجيش اللبناني وقائده، تَسَلُّم زِمام البلاد ومصيرها !!!. كَوْن إعلان حالة الطوارئ يَعْني تسلُّم الجيش كافة المهام وأوسعها، ويُصْبِح الآمر الناهي.



بتاريخ العشرين من الشهر المُنْصَرِم، تمّ تشخيص أوّل إصابة دَخَلَتْ لبنان، عبر مطار الشهيد رفيق الحريري. وما هي إلاّ أيّام قليلة حتى كرّت سُبحة الإصابات ولمّا تزل.



بُحَّتْ أصوات العديد من المسؤولين ورؤساء الأحزاب، بوجوب إتّخاذ الحكومة ما يَلْزَم من تدابير لمواجهة إنتشار هذا «الفيروس». وأَجْمَعَ الكافة أنّ التدابير التي إتّخذتها الحكومة، لم تكن كافية وقادرة على لَجْم هذا الإنتشار.



لكن الحكومة صَمّت آذانها، مُعْتَقدةً أنّ إجراءاتها، إن كان في مطار الشهيد رفيق الحريري، وإن كان على «بوّابة المصنع»، ستكون قادرة على رَفْع المسؤولية عن كاهلها وعاتقها.



فكانت المُطالبة بِحينها، بوجوب إعلان حالة الطوارئ الصحّية، أو التعبئة العامة، أو...كذا.... . وإقفال المطار وجميع المرافئ الجوّية والبحرية والبرّية فورًا. ولكن لا حياة لِمَنْ تُنادي، وبَقيَت المعابر والمرافئ مُشرّعة، حتى دَخَلْنا النفق المُظلِم، على أمل أن لا يكون قد فات الأوان.



قرار الحكومة اليوم وإن جاء متأخّرًا، فهو أفضل مِن أن لا يأتي أبداً.



لكن وإن إعتقد المسؤولون أنّ بقرارهم الأخير، رفعوا المسؤولية (إن وُجِدت) عن عاتقهم، فهم مُخطئون.

فالتأخُّر في إتّخاذ التدابير يتحمّلون مسؤوليته.

وأعناق الناس وأرواحهم هي أمانة بأعناقهم.



عِلْماً، أنّ المادة /604/ من قانون العقوبات اللبناني قد نصّت صراحةً على ما حرفيّته:

«مَنْ تَسبّب عن قلّة إحتراز أو إهمال أو عدم مُراعاة للقوانين أو الأنظمة في إنتشار مَرَض وبائي مِن أمراض الأنسان عُوقِب بالحبس....».



وبالتالي، لا يعتقد أحد، أنّ التقصير وقِلّة الإحتراز والإهمال وعدم مُراعاة القوانين والأنظمة (إن حَصَلْ) لنْ يُحاسَب عليه.

فحياة المواطن اللبناني أغْلى من أيّة إعتبارات، وسلامته أسْمى من أيّة حِسابات.

اليوم، يوم مُحاربة الوباء ومواجهته.



أمّا غدًا، يوماً آخر، يوم المُحاسبة، يومٌ سيُكْشف النِقاب ما إذا كان هناك مسؤولين مُقصّرين، أم لا. وسيكون لِكُلّ حادث حديث.

وغدًا لِناظره قريب.