فورين بوليسي- انقسامات سياسية وسوء إدارة وراء تفشي كورونا في إيطاليا

  • شارك هذا الخبر
Thursday, March 12, 2020

كشفت الصحافية ماتيا فيرارسي في مقال بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية انقساماً بين المسؤولين الإيطاليين ساهم في انتشار فيروس كورونا على نطاق واسع في البلاد.

وتحولت إيطاليا البؤرة الثانية لهذا الفيروس، بعد الصين، من ناحية عدد الإصابات والوفيات، فيما شفي 724 شخصاً بعد تلقيهم العلاج. وأعلنت إصابة زعيم الحزب الديمقراطي المحسوب على تيار الوسط نيكولا زينغارتي وحاكم منطقة بيدمونت.
وأغلقت الحكومة السبت كامل منطقة لومبارديا و14 منطقة أخرى في شمال البلاد، قبل أن تعلن عزل البلاد بكاملها، أي 60 مليون شخص، حتى 3 أبريل (نيسان) المقبل.
ومنطقة لومبارديا هي المعقل الصناعي لإيطاليا- وإغلاقها يماثل إغلاق نيويورك أو لندن. وستقفل المدارس والجامعات حتى أوائل أبريل، وألغيت كل الحفلات والمباريات الرياضية، بينما ستفتح المقاهي والمتاجر فقط في عطلة نهاية الأسبوع حتى الساعة السادسة مساءً. وستبقى المدارس مقفلة في كل إيطاليا حتى 15 مارس، ويمكن تمديد الإغلاق.

إشارات غامضة
ولفتت الكاتبة إلى أن هذه الإجراءات تعتبر الأقسى في أي بلد خارج الصين في مواجهة الوباء. لكن كل ذلك تتخلله إشارات غامضة من الصعب تفسيرها. فعلى سبيل المثال، يُمنع على الأشخاص تجاوز حدود المنطقة الحمراء ولكن أيضاً السفر داخلها، باستثناء "أولئك الذين تثبت حاجتهم الملحة إلى ذلك، وفي حالات استثنائية وحالات صحية". ولكن في غياب تحديد واضح للحاجات الملحة وجوانب أخرى من القيود المفروضة، انطلق جدل واسع بين الدولة والحكام المحليين المسؤولين عن تطبيق الإجراءات.

ذعر
وأشارت الكاتبة إلى أن الحكومة لم تتقن التعامل مع استراتيجية التواصل. وسرّبت نسخة من الإجراءات إلى الصحافة بينما كانت الحكومة لا تزال تناقشها. وزادت التقارير غير المؤكدة عن الإغلاق الذعر المرتفع في الأصل. وسارع الكثيرون إلى مغادرة "المنطقة الحمراء"، سواء بواسطة القطارات أو السيارات، قبل أن تعلن الحكومة عن الإجراءات رسمياً.
وقالت الكاتبة إن هذا الخلط الغريب بين التشدد وعدم الاحتراف هو نموذج لتاريخ دولة مثقلة بالحكومات غير المستقرة، والائتلافات البرلمانية المتغيرة، والصراع غير المحدود على السلطة، والميل الذاتي للتضحية بالمصداقية دولياً على مذبح المشاجرات المحلية.
واعتبرت أن الحكومة الحالية -وهي السادسة والستين في تاريخ إيطاليا كجمهورية منذ 74 عاماً- تجسد تماماً هذه الخصائل، وهذه حقيقة لا تتماشى بشكل سليم مع الرد الذي يتعين على الحكومة أن تتبناه لمواجهة كورونا.

اختيار المرضى
ورأت الصحافية أن الاختبار الأساسي لسياسة إيطاليا الجديدة هو إظهار امتلاك البلاد نظاماً صحياً قادراً على التعامل مع تدفق المرضى المحتاجين إلى عناية مركزة. ولكن وحدات العناية في لومباردي، المنطقة التي تنتشر فيها معظم الإصابات، غير قادرة على الاستيعاب- وفي بعض الحالات، يضطر الأطباء إلى اختيار المرضى الذين يجب إعطاءهم الأولوية، تبعاً لتقديرات عن المدة التي يمكن المرء أن يعيشها. وهذا أمر قاسٍ ولا يمكن تجنبه في حالات الطوارئ.
وأضافت الصحافية أنه في الأسابيع الأخيرة، باتت إيطاليا حالة يمكن تدريسها في سوء الإدارة، حيث واجهت حكومة غير مستقرة أزمة طارئة بهذه الخطورة. وإذ لفتت إلى أن فيروس كورونا تهديد خطير، حذرت من أن الأجواء التي يخلقها تراشق السياسيين بين بعضهم من أجل تحقيق مكاسب سياسية يمكن أن يجعل الأمور أكثر سوءاً.

سوء التقدير الأول
وكانت الخطوة السيئة الأولى للحكومة هي سوء تقدير التهديد الذي يشكله الوباء، عندما دعا كثيرون في يناير(كانون الثاني) إلى اتخاذ إجراءات قاسية للحجر على كل مسافر آتٍ من الصين. فمع أن اتخاذ قرارات في لحظات عدم اليقين، صعب، يبدو أن السبب الذي جعل هذه المناشدات تذهب أدراج الرياح، كانت السياسة.
والعروف أن زعيم رابطة الشمال ماتيو سالفيني مع بعض حكام الشمال هم الأكثر معارضة للحكومة. وهو تعرض لانتقادات لاستخدامه حالة الطوارئ الصحية كورقة تين كي يعطي دفعة لسياسته المعادية للمهاجرين- لكن الصحافية تقول إنه كان صائباً للمرة الأولى على رغم أسبابه الخاطئة.
وعندما اعتبر عالم الفيروسات روبرتو بيروني أن اتخاذ الإجراءات القاسية ضرورية لاحتواء الوباء، وصف بأنه "فاشي" ومؤيد للرابطة. ولاحقاً، قال وولتر ريكاردي، عضو اللجنة الاستشارية الأوروبية لمنظمة الصحة العالمية، إنه كان "من الخطأ" عدم الحجر الصحي على الأشخاص القادمين من الصين في المقام الأول.


24.AE