كمال ذبيان- رئاسة الحكومة أوجدت «الحريريّة السياسيّة» والخروج منها يُضعفها؟!

  • شارك هذا الخبر
Friday, January 24, 2020

يقول الرئيس سعد الحريري، ان «كرسي رئاسة الحكومة اصبحت وراءه»، التي خرج منها و«عينه عليها»، وفق المثل الشعبي، وقد اعطي المهلة الكافية، ليعود اليها، وبدعم من حركة «امل» و«حزب الله»، وحرق ثلاثة اسماء رشحهم لها، لكنه لم يؤمن الغطاء السياسي والطائفي (السني) لهم، فاعتذروا، كما فعل هو بعد ان رفض شرطه تشكيل حكومة «تكنوقراط»، وظل «يكابش» عله يحصل على ما يريد، لكن المفاجأة اتته باسم حسان دياب رئيساً للحكومة، فحاول الضغط في الشارع ومن دار الفتوى، بان «الميثاقية» فقدت، وبان الرئيس المكلف لا يمثل الطائفة السنية، التي اعطت في الانتخابات النيابية اصواتها «لتيار المستقبل»، لكن الحريري لم يكن عنده دفاعات قوية، وحجج يرفعها، فسلم بالامر الواقع، وقبل بالحكومة التي شكلها الرئيس دياب.

اما بعد صدور مراسيم الحكومة، وتسلم وزرائها لحقائبهم، فان السؤال الذي بدأ يطرح، الى اين «الحريرية السياسية» التي انتجتها رئاسة الحكومة، التي ورثها سعد عن ابيه، وابتعد اشقاؤه عنها الى خارج لبنان، اضافة الى ابعاد عنه اولاد عمته نادر الحريري الذي كان مستشاره، واحمد الذي يتجه الى اخراجه من منصب الامين العام «لتيار المستقبل»، ويحمله مسؤولية الوضع الذي آل اليه هذا التيار الذي يعاني شح الاموال، واقفال مؤسساته الاعلامية والاجتماعية والخيرية وعدم دفع الرواتب للعاملين، الذين اصبحت غالبيتهم في بطالة، وفق مصادر مطلعة على وضع «الحريرية السياسية»، التي تفككت وغادرها العديد من رموزها، منهم كالوزير السابق الفضل شلق وايضاً الوزير السابق بهيج طبارة، بعد تولي سعد الحريري لرئاسة «تيار المستقبل»، الذي ظهر فيه فريق من «الصقور»، و«مجموعة العشرين»، يعارضون اداء الحريري، ويتهمونه بانه فرط بالثوابت التي قامت عليها قوى 14 اذار، وتنازل امام حزب الله وسلم بشروطه، فكانت «التسوية الرئاسية» بانتخاب العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.

فلم يعد الحريري، قادراً على ضبط اعضاء المكتب السياسي «لتيار المستقبل»، ولا نواب في «كتلة المستقبل»، فخرج عن قراره الوزير السابق اشرف ريفي، وذهب الى تكوين «حالة سياسية»، يعتبرها ريفي انها تعبر عن «الحريرية الحقيقية»، فرفع من حدة خطابه ضد حزب الله وحلفائه، واختلف مع الوزير السابق نهاد المشنوق، الذي وقع الطلاق بينه وبين الحريري الذي توعد بـ«تأديب» وزير الداخلية الاسبق، بعد ان «كبر رأسه»، وفق ما كان ينقل عن الحريري في مجالسه، وتقول المصادر ان «تيار المستقبل» لم يعد موحداً، بل فيه محاور واجنحة، وهذه حالة كل الاحزاب والتيارات، التي مرت في مثل هذا الوضع، فيتركز الصراع على السلطة والمال والنفوذ والاداء السياسي الخ...

وبعد خروج رئاسة الحكومة من «الحريرية السياسية»، ووصولها الى شخصية مستقلة اكاديمية تسلمت منصباً وزارياً كحسان دياب، هي اشارة سلبية تلقاها الحريري، الذي فقد الغطاء السعودي، عندما فرض عليه الاستقالة من الرياض قبل اكثر من عامين، ولم يعد خروجه من السلطة، يؤثر على علاقات لبنان مع دول اجنبية، فاعلنت فرنسا تأييدها للحكومة، وهي لا تنظر الى الاسماء، بل الى برنامجها الاصلاحي، وكذلك اشار وزير الخارجية الاميركية بومبيو، مما يؤشر الى ان الحريري تُرك وحيداً، فهو لم يزره سفير لدى استقالته، لا سيما السعودي وكذلك الفرنسي والاميركي، حيث قرأتها المصادر، بانه نأي بالنفس عربياً ودولياً عن الحريري، الذي اعلن الوزير علي حسن خليل، بان الحريري فقد الدعم السعودي والاميركي، وهو الذي كان على تماس سياسي معه، ويدير المفاوضات حول عودته الى رئاسة الحكومة.

فهل يغادر الحريري لبنان، كما فعل بعد تكليف الرئيس نجيب ميقاتي رئاسة الحكومة مطلع عام 2011، وبرر غيابه بانه مهدد امنياً، لتشتعل جبهة قتال بين باب التبانة وجبل محسن في طرابلس، ولم تتوقف الا بعد استقالة ميقاتي عام 2013، وعاد الحريري الى لبنان بعد «التسوية الرئاسية» في نهاية 2016؟

والسنوات الخمس التي قضاها الحريري خارج لبنان، اضعفت تياره السياسي، كما اعماله في السعودية اقفلت، ومنها افلاس شركة «اوجيه» وان خروجه من رئاسة الحكومة، لن يعطيه قوة في المعارضة، واستعادة شعبية على الارض، بحيث لا يفيده قطع الطرقات واعمال الشغب والتخريب، وهو الذي تنصل من هذه المجموعات التي تواجه القوى الامنية والعسكرية، وتبرأ منها في بيان، قد تكون اصبحت تعمل مع اطراف اخرى محلية او خارجية.