خاص- لم يفهموا أن الشعب لا يأبه إلى وزير بالناقص أو بالزائد!

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, January 21, 2020

خاص- الكلمة أون لاين

عبير بركات

ما زالت ذهنية تشكيل الحكومة تتخبط بالنهج ذاته وما زالت الأطراف المشاركة مختلفة على طريقة توزيع الحصص في ظل محاولة بعض الأحزاب لملمة الوضع وتدوير الزوايا لحرصها على ولادة الحكومة، إذ تعتبر هذه الفئة أن وصول الرئيس حسان دياب إلى السرايا أفضل بكثير من عودة الرئيس سعد الحريري، ومع ذلك يبقى هناك من يستفيد من تعطيل تشكيلها في وقت لن يبقى بلد يحكمه هؤلاء متى تقاسموا الحصص وتوافقوا على تأليف الحكومة، ولم يفهموا أن الشعب لا يأبه إلى وزير بالناقص أو بالزائد، بل جلّ ما يريدونه هو اسقاطهم جميعا.



بدأ اللبنانيون يعتادون على مشهد المواجهات بين المحتجين والقوى الأمنية في وسط بيروت، ولكن البعض يصرّ على ضرورة إبقاء الإحتجاجات سلمية لأن العنف هو الوسيلة للذين لا يملكون أي إقتراح للحلّ، وشرّه يستمرّ طويلاً، وهم يرفضون التعدّي على الأملاك الخاصة والعامة، والفوضوية المطلقة، بعيدا عن القانون وبعيداً عن يوميات من صدحت اصواتهم في الشوارع لأنهم يؤمنون أن التغيير آتٍ قريباً، ويطالبون المتظاهرين بألا يفوتوا فرصة التغيير الحقيقي لأن التاريخ سيذكر يوم 17 تشرين عندما نزلوا الى الشارع مطالبين ببناء دولة وقانون عادل ومكافحة الفساد واسترداد الاموال المنهوبة واستعادة لبنان من حفنة السياسيين التي دمرته.


أما البعض الآخر فيعتقد أن العنف مفيد لأن السلم لم يحقق شيئاً حتى الآن، مستشهدين بقول جون كينيدي:"الذين يجعلون الثورة السلمية مستحيلة سيجعلون الثورة العنيفة حتمية" ويصرّون أنه بعد 93 يوما على الانتفاضة ما زالت الطبقة السياسية تستنزف البلد ولا تكترث للأيام الضائعة.


وبين المطالب المحقة للثوار و"المندسين"، يقف قسم كبير من الشعب مذهولا من درجة الحقد التي تحصل في الشارع وهم قد عايشوا الحرب الأهلية بكل فصولها والسلام المزيف الذي حصل بعد الطائف واستبشروا خيراً وأملاً بانتفاضة ١٧ تشرين بولادة بلد جديد وسقوط منظومة حكمت ثلاثين سنة.. منظومة استباحت الدولة وحطمت مؤسساتها وبنيانها وتقاسمت حصصها واستولت على أملاكها البحرية وأنشأت جمعيات ولجانا وتلزيمات بملايين الدولارات للإستفادة الشخصية والسرقة والنهب.. منظومة تظن أن الشعب "لا يعرف".. ولكنها مخطئة، لأنه تجرّأ على مواجهتها وقال الحقيقة في 17 تشرين يوم النبض الحقيقي للثورة، فالأشخاص الحقيقيون الطيّبون الذين نزلوا مرّة أو اثنتين في كل هذه الفترة، هم من سيكملون المسيرة "الحلم"!


اتضح الصراع المدمر اليوم، فالسلطة ترفض التغيير والشعب في حركة احتجاج وغضب ومستعد لفعل أي شىء كي يعيش بكرامة وإقامة دولة قائمة على العدل والإنصاف والقانون ودولة عابرة للطوائف والأحزاب والعائلات المتوارثة للسلطة والمال والبلاد والعباد وتكوّن داخل هذا المجتمع تحالف بين السلطة ورجال المال والمصارف والطوائف وعملت ليلاً نهاراً من أجل "مصّ دماء" الشعب الذي أصبح يحلم فقط بتأمين ربطة خبز لعائلته!

ورغم القوة التي تستخدمها القوى الأمنية مع الثوار، بغضّ النظر اذا ما كانت محقة أم لا، تؤكد أوساط الحراك أنهم سيصمدون بكل الوسائل الممكنة لأن العنف الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي تمارسه القوى السياسية على شعبها أقوى من العنف الجسدي، وهم يؤمنون أن هذه الثورة ستنهي النظام السياسي الطائفي الذي ساد في لبنان منذ اتفاق الطائف وعلى المتظاهرين أن يبقوا متحدين، وألا يجعلوا من أنفسهم ضحايا أعمالٍ بطولية قد تخرّب كل ما بنوه خلال ثلاثة أشهر!

Abir Obeid Barakat